Ad Space

هل سيموت حِراكُ أسامَّر؟

admin
2017-05-01T14:01:27+01:00
اقلام حرة
admin1 مايو 2017
هل سيموت حِراكُ أسامَّر؟
سليمان محمود

انتحارات قبل الحِراك

  • تأسيس لجنة تحمل اسم ‘‘لجنة الحراك الشعبي لأيت أُوسامر’’ قبل ميلادِ أيِّ حِراكٍ. في حين أن المنطقَ يقتضي ميلاد اللجانِ من الحراك. وأن يسبِقَ ميلادُ اللجنة وجود حِراكٍ هو وقوعٍ في فخِّ ‘‘القيادةِ’’ وأوهامِها، وما يتبعُ ذلك من تعالي أعضاء اللجنة.

الأشخاص الذين تتكون منهم اللجنةُ يدَّعُون أنهم ليسوا أعضاءً في اللجنةِ، إنما هم فقط بمثابة ‘‘لجنةٍ تحضيريَّة’’. لكنني سمعتُه بأُذنَيَّ في غير ما مرةٍ يقولون لبعضِ الذين دعوْا إلى التحرك في مسيرةِ يوم أمسٍ الأحد 30 أبريل 2017: «أين كنتم منذ شهرٍ؟ نحن كنا نكدُّ ونجدُّ من أجل ميلاد هذا الحراك، وجئتَ اليومَ لتقترحَ غير ما جئنا به». وهو تماماً ما حذَّرتُ منها في منشور سابقٍ نشرتُه يوم الخميس 13 أبريل 2017 (https://goo.gl/KQfzt5، أو انظر الصورة فالتعليق الأول).

  • وتجدر الإشارةُ إلى من أعضاء اللجنة من ينتمي لأحزابٍ سياسيةٍ، وما لذلك من أثرٍ في ثقةِ الناسِ في الألوان السياسيةِ في المغرب عموماً، والجنوب الشرقي خصوصاً. ومنهم من فقدَ شرعيَّتَه تماماً لما له من ماضٍ مشبوهٍ في الاستثمار في نضالاتٍ، وحركات احتجاجية كثيرةٍ.

إن من بين أكبر مُعيقاتِ نضالات الجنوب الشرقيِّ عقلياتُنا الموبوءةُ بأمراضٍ كثيرةٍ، منها:

أ. العنصريةُ، فرغم أننا في منتصف سنة 2017، إلا أننا ما نزال نحتكمُ، بوعيٍ أو بدون وعيٍ إلى عقلية سنواتِ ‘‘السيبةِ’’ القبليَّةِ، حيث ما نزال نميِّزُ بينَ ‘‘تودغويٍّ’’، و‘‘عطَّاويٍّ’’، و‘‘مرغاديٍّ’’… وغيرِها؛ فوجودُ وجوهٍ ‘‘تودغاويةٍ’’ في واجهة التأطير الجماهيري يُنفِّرُ الجماهير ‘‘العطّاويَّةَ’’، والعكسُ بالعكسِ. كما أن صعودَ ‘‘برَّانيٍّ’’ لساحةِ التأطير يُنفِّرُ الجماهير ‘‘المحليَّةَ’’ التي ترفُضُ، بوعيٍ أو بدونه، أن يُسيِّرَها من ‘‘ليس منا’’، وقد أشرتُ إلى هذا الإشكال العميق في منشوري السابق (https://goo.gl/VCDjlO، أو انظر الصورة في التعليق الثاني).

ب. الأنانيةُ، فأنا ومن بعدي الطوفانُ.



aid

ج. رفضُ أي انضباطٍ لأيِّ نظامٍ، أو تنظيمٍ. يُسمُّون ذلك ‘‘تمرداً’’ في الطبعِ. ولكن التمردَ ينبغي أن يكون في وجهِ الظلمِ، وليس على وحدتِنا للمطالبةِ بما نجتمعُ عليه من مصالح عامةٍ.

د. إحساسُنا بأنَّنا متميِّزون عن غيرنا، وبأننا السوبرمان الذي حرَّر آباؤه المغربَ، وتنكَّرَ لنا الوطنُ، في حين أن المشكل في ضعف من يمثلنا سياسياً، وهم أبناء أسامَّر أيضاً، وضعفِ مجتمعنا المدني والإعلاميِّ الذي يهدر الكثير من الطاقة في التراشقِ بيننا. وهو مرضٌ متعلق بالمرض (أ).

هـ. عدمُ الإيمان بالاختلافِ. وفي حالة التظاهر بالإيمان به، نفشلُ في تدبيره؛ فالجنوبُ الشرقيُّ أمازيغيُّ الهويَّةِ، لكنه يضمُّ ألواناً متعددةٍ من الأفكار والقناعات؛ فنجدُ المؤمن بالقضية الأمازيغية المدافع عنها، ونجدُ الإسلاميَّ المتشبعَ على مدى قرون بالثقافة المشرقية، ونجدُ اليساريَّ المتشبِّع بفكر اليسارِ، ونجد بينهم جميعاً من لا انتماءَ له، ولا توجَّه محدَّد له. وينبغي أخذُ كل هذه المعطيات بعينِ الاعتبار.

وما وقع أمسُ في الوقفة الاحتجاجية، حتى لا أسمِّيَها ‘‘حِراكاً شعبيّاً’’ حتى لا أكون متحاملاً على التسمياتِ، عكسَ عدم قدرةِ القائمين على الشكل الاحتجاجيِّ الذين انتقدتهم في العنصر -1- الذين ‘‘دعوْا إلى الحراك كما سمَّوْهُ’’ على تدبير الاختلافِ، سواءٌ من حيثُ الشعاراتُ التي رُفِعَت، أم الكلماتُ التي أُلقِيَتْ، أو التوجُّه العامُ للاحتجاج.

و. مواقفُ الأشخاصِ من الأشخاص، وهو الذي سبَّب ظهور اقتراحِ ‘‘المسيرة’’ بدل ‘‘الوقفةِ’’، مما أربكَ الشكلَ الاحتجاجيَّ، وسبَّب انقساماً يرى فيه الكثير من المتتبعين بعداً سياسياً صادراً من مواقفِ ما يمكن تسميَّتُه ‘‘مدرسةٌ’’ ضد ‘‘مدرسةٍ’’ ناتجٍ في الأصل من مواقف أشخاصٍ من أشخاصٍ بينهم صراعاتٌ خاصةٌ، وحسابات شخصيةٌ يعلمُ المتتبعون مصدَرَها، وأتجنَّبُ هنا التفصيلَ فيها لأنها مُنتِنةٌ. ولن تقوم لنا قائمةٌ حتى نترفَّعَ عن إدخال حسابات الشخصية الضيقة في نضالات من اجل ما يجمعنا.

  • حلَّ ضيوفٌ من مناطقَ مختلفة من المغرب؛ من الأطلس، ومن سوس، ومن الريف لمؤازرة الاحتجاج الأسامريِّ ودعمِه. لكن بعضَهم حلَّ بطيشِه، وعدم فهمه لخصوصية أسامر، فخلقَ ما سيُسبِّبُ تشتيتاً لشمل أبناء الجنوب الشرقي الذي نروم تكتلهم ووحدَتهم، ومنه بعضُ الشعارات التي رفعوها دون أن تسعى ‘‘اللجنة المشرِفة على الاحتجاج’’ على منعها، مثال شعار رفضِ العسكرةِ الذي يبدو سخيفاً جداً. فضلا عن رفعهم لراية كردستان، وراية الكناري، في الوقت الذي ينتقدُ فيه محاربوا التعريب رفع العروبيين لراية فلسطين. وكان بالإمكان رفضُ رفع هذه الرايات التي لا تمتُّ لنا بصلةٍ، من باب تدبير الاختلاف، والتركيز على المصلحة العامة، وتركُ القناعات الخاصة لمعاركها الخاصة.

هل للحراكِ ما بعدُ؟

إن الجواب يتعلقُ بقدرة كلَّ الفاعلين المدنيين والسياسيين بكل ألوانهم الفكرية والسياسية، وقناعاتهم الاديولوجية على التكتلِ من أجل ما يجمع الجميع، وتأطير الناس من أجل تحقيق المصلحة العامة، ودرءِ الصراعات إلى حينٍ، وقدرتهم على معالجة الأمراضِ التي ذكرتُ أهمَها، حسب ما بدا لي. وما دون ذلك، فسيظلُّ أسامَّر ينزفُ، وستموت إيديَاتٌ أخرياتٌ، وستقتل البطالةُ كفاءات الجنوب الشرقيِّ، وستستمرُّ لوبياتُ الفساد في امتصاصِ دماءِ خيرات مناطق أسامَّر، وتهريب ثرواته.

المصدرسليمان محمود

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.