في اقليم تنغير المستحدث والذي تم تدشينه بمقتضى المرسوم رقم 2-09-319 (17 جمادى الثانية 1430 الموافق ل 11 يونيو 2009) ، ما أن يتخرج شاب (ة) من جامعة أو معهد إلا ويبدأ حياة شاقة وصعبة ويصبح عاهة مستدامة على عاتق أسرته …وكثيرة هي الحالات التي في طريقها إلى مرض نفسي بسبب الواقع المعاش، فقساوة الحياة ومرارة الفقر وفي حوزتهم ورق مقوى عبارة عن “كرطونة “تحمل توقيع رئيس جامعة لا يزيد إلا من تلك القساوة والتي لا تغني ولا تسمن من جوع وتبدو شهادة تؤدي إلى الخروج لعمل ، لكن ليس أي عمل بل أعمال شاقة تجعل الشباب يتحسرون على سنوات الدراسة والمبالغ المالية التي هدرت بسبب ذلك.
صور ومشاهد كثيرة لا تخلو من مفارقة عجيبة في منطقة ضعيفة من حيث الاستثمارات وثروة هائلة تستنزف من باطنها وإدارات ومصالح شحيحة من حيث الموارد البشرية .
أما في العالم القروي باعتباره هو السواد الأعظم المكون للنفوذ الترابي للإقليم فدرجات الإقصاء الاجتماعي والفقر تزداد وتزيد من معاناة الشباب في رحلة البحث عن الشغل القار كما يضمنه لهم الدستور المغربي، لكن يبقى أصحاب القرار والمنتخبين هم من يحسمون في توظيف أشخاص دون آخرين ويتصرفون في المباريات لأهداف حزبية سياسوية ناهيك عن الزبونية ومبدأ القرابة “باك صاحبي ” والرشوة “الفلوس تحت الطبلة ” لتبقى المباريات شكلية لا غير ويبقى للمترشحين دورا طلائعيا في إعطاء الشرعية لتلك المباريات الشكلية,وخير دليل مبارتي كل من الجماعة الترابية لإكنيون والجماعة الترابية لتغزوت نايت عطا التي طالتها خروقات دون فتح تحقيقات فيها وكثيرة هي المباريات التي نظمت سابقا وحسم في من سيتوظف و أعلنت نتائجمها في المواقع الاجتماعية حسب تنبؤات بعض النشطاء الفايسبوكيين قبل أن يضعوا المترشحين ملفاتهم .
إن الحرية والمساواة في التوظيف على مبدأ الكفاءة لا تحترم، وإذا كان الأمر غير ذلك فهل فتحت تحقيقات ومتابعات في ذلك الشأن، إن الجواب على هذا السؤال يبقى رهين جمعية المعطلين التي بقيت صامتة دون أن تحرك ساكنا وتم ضم أمرها في سبات عميق، والتاريخ قد سجل الكثير من الملاحظات واضطهدت الجمعية بفعل حلول ترقيعية وأصبح المعطل نفسه لم يفقه ماذا يحدث، ولم يعي بالكارثة الحقيقية (…)
وما تلك الكارثة إلا جمعية المعطلين لحاملي الشهادات العليا نفسها التي وئدت تحت التراب لحاجة يعقوب، هذه الجمعية التي عرفت سابقا تنظيما محكما ساهمت في تنامي الحس النضالي في إقليم تنغير ككل, منذ أن استحدث وهي الجمعية التي رفعت لها القبعات إجلالا وتقديرا، خصوصا مع تزايد ذهنية احتقار وتصغير هذه الفئة إلى أن سببت في رحيل أول عامل للإقليم حين حصرته داخل سيارته بعد انتهائه من أداء صلاة الجمعة ورفعت شعار”ارحل ارحل يا عامل.. مادرتي والو …”
ومن هذا المنطلق فإن أغلبية شباب الاقليم وأمام غياب مصانع ومعامل وغياب فرص خلق المقاولات -وإن وجدت هذه الأخيرة فالأقربين أولى – يضطرون بمغادرة المنطقة باعتبارها منطقة سالبة وطاردة إلى مدن كبرى وذلك راجع إلى ظروف العيش القاسية والخصاصة والبطالة والهشاشة التي طالت أغلبهم ويفضلون الاشتغال في مدن أخرى في ظروف بائسة لتوفير ما يمكن توفيره من ضروريات الحياة وتمكين أنفسهم من تأسيس حياة تجعل أسرهم يقتنعون أن أبناءهم يستطيعون الاعتماد على أنفسهم آملين منهم تعويضهم عن معاناة سابقة ناتجة عن المجهود الذي بدل من أجل توفير لهم الدعم المادي ايام سنوات الدراسة .
لا يخفى عن كل عقل عاقل أن هذا الوضع المزري الذي يشهده إقليم تنغير يحتاج إلى حلول جدية من قبل المسؤولين في رسم تنمية حقيقية في الإقليم والتي لن تتأتى إلا من موقع الدفاع عن مكتسبات الشباب والإفراج عن أهم المناصب الشاغرة في مختلف مصالح الجماعات الترابية سواء المجلس الإقليمي الذي يفتقر الى المقر الى يومنا هذا أو المصالح الخارجية ومختلف الدوائر والباشوات والقيادات، وليس اضطهاد الشباب المعطلين وإجهاض معنويتاهم بحلول ترقيعية من قبيل: بطائق الإنعاش والتعاقدات المعلقة, وتزويدهم بوعود كاذبة ومشاريع زائفة.
إن كرامة الشباب المعطلين في الإقليم، حاملي الشواهد العليا لن يصونها إلا شغل قار وهذا لن يتأتى إلا بالنزول إلى الشارع من جديد وفضح التستر عن المناصب الشاغرة في مختلف المصالح والإدارات ومحاسبة كل من تورط فيما آل إليه الوضع من تراجع مكتسبات الشباب، وكذا المسؤول عن بثر او وأد الجمعية و ليس الاستسلام والجلوس في المقاهي لمناقشة دوريات كرة القدم وتبادل الآراء حول الأندية الأوربية الكروية.
آن الأوان لكل معطل أن يبحث عن حقه في الشغل القار، هذا الذي لن يأتي بطبيعة الحال إلا بالعودة إلى المبدأ السامي والعتيد ألا وهو: النضال الحقيقي, النضال الصافي, الخالي من أي انتهازية وأنانية مستعلية.
المصدر : https://tinghir.info/?p=26909