الفهرس:
- مقدمة………………………………………………………………………..
2. حق النقض في المجلس………………………………………………………
3.البند السابع للمنظمة………………………………………………………….
4. أين نحن المسلمين؟………………………………………………………….
1)مقدمة:
أفضت نهاية الحرب العالمية الثانية إلى شرعنة حق الكبار المنتصرين في التحكم الأمني والسياسي في مفاصل ومصير حياة باقي شعوب الكرة الأرضية، تجلى ذلك في أبشع صوره في تأسيس هيأة دولية ظاهر أهدافها المعلنة هو حماية الأمن العالمي، أما حقيقتها المضمرة فهي صيانة مصالح قوى الطغيان والاستكبار العالمي، أطلق على هذه الهيىة الظالمة المشؤومة إسم مجلس الأمن الدولي، لست هنا في هذا المقال بصدد التفصيل في بنود وقوانين هذه المنظمة الدولية، لكني أكتفي بإثارة ثلاث قضايا حولها، تكتسي أهمية بالغة، وعلى صلة وثيقة بالسلم العالمي، أولاها حق النقض والعضوية الدائمة في المجلس، ثانيها البند السابع للمنظمة، وثالثها هي مغزى غياب أمة تحثل أكثر من ربع عدد سكان الأرض، ثم السبيل للحصول على موطئ قدم في ساحة القرار العالمي، وكلمة وازنة في استقراره ومصيره.
2)حق النقض في المجلس:
خمس قوى اقتصادية، صناعية، عسكرية ونووية عظمى هي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي التي تمتلك حق النقض “الفيتو” وحدها دون سواها في القرارات المصيرية لهذه المنظمة الدولية، هي الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد السوفياتي (سابقا)، بريطانيا، فرنسا وجمهورية الصين الشعبية، وتجدر الإشارة إلى أن روسيا، أقوى جمهوريات الاتحاد السوفياتي التي آلت إليها معظم ترسانته النووية العسكرية، قد ورثت مقعد هذا الأخير بعد تفككه نهاية ولاية الرئيس غورباتشوف. وهناك دولتين لا تقل اقتصادياتهما أهمية عن الدول الخمس هما اليابان وألمانيا، لكنهما محرومتان من هذا الحق بناء على نتائج الحرب العالمية الثانية، ورغم صعود نجم دول أخرى اقتصاديا وصناعيا وعسكريا كالهند والبرازيل، فيبدو أن السباقين إلى المأدبة لن يسمحوا بسهولة باستضافة أحد إليها لينافسهم ويضايقهم في الكعكة المهيأة المنصوبة على قصعة مخرجات الحرب العالمية الثانية.
3)البند السابع للمنظمة:
يعتبر البند السابع أحد أخطر القوانين في مجلس الأمن الدولي، فهو في الظاهر يهدف لحماية الأمن العالمي، وذلك باللجوء عند الضرورة إلى الخيار العسكري لردع القوى المتمادية في الطغيان الذي يهدد استقرار العالم، لكن البند في حقيقة الأمر غطاء قانوني لحماية مصالح الكبار أن يمسها بل أن يقربها أحد بمكروه، وإلا فأين التجليات الإنسانية والأخلاقية للبند السابع في قضية فلسطين والمجازر الرهيبة التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي على مرآى ومسمع من العالم “الحر الديمقراطي المتحضر”؟ أليس ذلك خطرا على السلم العالمي؟
أين هو البند السابع إزاء التهجير الممنهج والتقتيل المروع لسكان إقليم أراكان في بورما (ميانامار) في ظل تعتيم إعلامي عالمي مقصود؟ أم أن المسلمين الروهينغا لا وزن لهم في الأمن العالمي؟
هل محرقة نظام السيسي الهمجي في حق المطالبين بالحقوق الديمقراطية الدستورية، وإلغاء اختيار وكرامة مئات الملايين المصريين لا تستحق موقفا حازما من مجلس الأمن؟ أم إن فعال السيسي محمودة ما دام الضحايا من الإخوان المسلمين وأنصارهم؟ أجل إن الأمر كذلك ما دام الإسلاميون وأنصارهم في شعب مصر العظيم يشكلون خطرا وجوديا على الكيان الإسرائيلي الصهيوني السرطاني المزروع بغيا وعدوانا في قلب الأمة العربية الإسلامية حتى لا تقوم لها قائمة !
ولم لم يتم تفعيل البند السابع لإنقاذ ملايين الأفارقة الذين طحنتهم الحروب الأهلية والقبلية في القارة السمراء؟ أليست تلك النزاعات مقصودة لذاتها ومخططا لها لأجل تثبيت مصالح الكبار المتنافسين الحقيقيين على خيرات القارة، وليكن سكانها وقودا لإعداد موائد اللئام !
البند السابع لمجلس الأمن إذن في الخلاصة هو حق أريد بع باطل…
4)أين نحن المسلمين؟
عدد سكان الكرة الأرضية يتجاوز عتبة ستة ملايير نسمة، يحتل منها أتباع دين خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام نسبة تفوق الربع، هم الآن يناهزون حسب بعض الإحصائيات ملياراً وسبعمائة مليون نسمة، وهم مشتتون في أقطار ودول متخلفة صناعيا وتكنولوجيا وعسكريا واقتصاديا، وهم يمتلكون في أراضيهم أهم خيرات كوكب الأرض من مصادر الطاقة، ومعادن ومياه، وأراضي شاسعة خصبة صالحة للزراعة، وصالحة لتربية الحيوانات الأليفة النافعة والدواجن !
دول بل دويلات متنازعة متقاتلة على أتفه الأسباب، مع أن ما يجمعها أعظم مما يفترض أن يسبب الفرقة، هكذا أريد لها وهكذا دُبر لها.
ما أسهل إلقاء اللوم على الظروف وعلى الغير وعلى الأعادي كأسلوب دفاعي سيكولوجي لتبرير سقطتنا التاريخية، وهواننا بين الأمم، وما أصعب الدراسة والتنقيب والتقصي في الأسباب الحقيقية وكيفية التعاطي معها ومعالجتها والعمل على تجاوزها، وغي ذلك يقول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا === وما لزماننا من عيب سوانا
للنصارى أربع دول تمتلك حق النقض في مجلس الأمن، هذه الدول لا تتوانى في الدفاع عن مصالح النصارى الذين يمثلون أيضا نسبة كبيرة من ساكنة الكرة الأرضية، من كاثوليك وبروتستانت وأرثودكس.
والصين، القوة الصاعدة وعملاق آسيا، تمتلك أيضا حق النقض في مجلس الأمن، لم لا وهي أكبر دولة ديموغرافية على وجه الأرض، معظم الصينيين يدينون بالبوذية، وبذلك فهم حماة بني ديانتهم المنتشرة في قارة آسيا.
اليهود رغم قلتهم العددية يمتلكون من النفوذ المالي والتجاري والإعلامي واللوبيات الضاغطة ما يحميهم ويغنيهم عن تحصيل حق الفيتو، بل أكثر من ذلك، عندهم من التخطيط والمكر والتأثير ما يجعل مالكي حق النقض في خدمة دولتهم في فلسطين، وفي خدمة مشروع “إسرائيل الكبرى”، وفي خدمة كافة مصالحهم شرقا وغربا، ألم تروا كيف أن المرشحين للرئاسة في ووم مثلا يزايد بعضهم على بعض في ضمان أمن الكيان الصهيوني، لأجل ضمان الوصول إلى البيت الأبيض؟ !
ليس مسموحا به أبدا في هذا العالم أن تمس كرامة أمريكي أو يهودي أو نصراني … في أي مكان، لكن أخبار مآسي مئات الملايين من المسلمين، وقتلهم وتشريدهم وهتك أعراضهم وتدمير بيوتهم أمور باتت معتادة في وسائل الإعلام، ولا من يحرك ساكنا، إذا استسغنا هذا الوضع وسلمنا به وقبلنا به فعلى الإسلام السلام.
يقول الشاعر: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر === وقتل شعب كامل قضية فيها نظر
ما تبقى من الأجناس والأديان على ظهر البسيطة ليست بنفس الوزن العددي للنصارى والصينيين، عدا المسلمون الذين سبقت الإشارة إلى ضخامة كتلتهم و ثقل وزنهم الديمغرافي، وخفة وزنهم الاقتصادي والعسكري.
فكيف يعقل أن يحرم المسلمون من موطئ قدم راسخ في هذه المنظمة الدولية؟ أي منطق هذا الذي يقصي أمة مليارية من المشاركة في القرارات المصيرية للكوكب المهدد بكل أنواع الكوارث البشرية والطبيعية؟
لنكن واقعيين، فالحقوق لا تعطى ولا تسلم على أطباق الذهب، بل تنتزع انتزاعا، فما دام المسلمون ضعفاء، ماداموا مفرقين في زمن التكتلات، ما داموا خلف الركب الإداري والتنظيمي والتدبيري والاقتصادي والعلومي والصناعي، ما داموا خارج عصر الذرة والصاروخ، ما داموا مستهلكين لا منتجين، فمن يأبه بهم، ومن يجلهم ومن يحترمهم، ومن، ومن؟؟؟
كانت الدولة العثمانية ذات شوكة، لو بقيت، لو لم تعصف بها الأهواء والأمراض الداخلية قبل المؤامرات والهجمات الخارجية، كان بالإمكان في تقديري أن تحجز للمسلمين مقعدا محترما في المنظمة العالمية.
أما وقد تفككت الإمبراطورية، وألغي نظام “الخلافة” الذي كان لا يزال يومئذ رمزا وتاجا للمسلمين، رغم ما كان يعتريه من علل، وتم توزيع تركة “الرجل المريض”، فقد ذهبت البقية الباقية من عزة المسلمين السياسية والعسكرية أدراج الرياح… آه، آه !!
تفككت آخر دولة لها كيان سياسي عسكري جامع مانع للمسلمين، وتوزعت أقطارها في دويلات حكامها كلاب حراسة لمصالح أولياء النعمة الذين خلفوهم على الكراسي غداة رحيل عساكر الاستعمار، فليست لدى المسلمين في حقيقة الأمر دولة لها من القوة والتأثير ما يجعلها أهلا لانتزاع حق الفيتو والجلوس مع الكبار.
يتحدث الكثير من الكتاب والباحثين والمفكرين المسلمين عن قضية فلسطين ونكبة فلسطين، ومهانة الأمة الإسلامية في شأن فلسطين، باعتبار تحريرها هو التحدي الأكبر للأمة، لكن التحدي الأكبر والأعظم في تقديري هو تحدي الوحدة والاتحاد، بعد الوحدة والاتحاد فقط يسهل أمر تحرير فلسطين، بعد رفع تحدي الاتحاد والوحدة فقط تنتزع الأمة كافة حقوقها المهضومة في هذا العالم الفوار الموار، الأقل رحمة من عالم الغاب، حتى لا تظل بمثابة أيتام حول مأدبة اللئام…
قضية وحدة الأمة موضوع آخر، وبحث آخر مطروح لذوي الغيرة على دين الله وكرامة أمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مقدماته تحرر الشعوب من الاستبداد الداخلي قبل التصدي للاستعباد الخارجي، ومن لا هم له ولا لوعة له على حرمات المسامين فليس منهم والعياذ بالله.
تنغير، الأربعاء 8 مارس 2017م
المصدر : https://tinghir.info/?p=26537