تحل بنا في هذه الايام الذكرى 84 لمعركة بوكافر التي واجه فيها الجنوب الشرقي المغربي (أسامر) بزعامة قبائل ايت عطى زحف جنود المستعمر الفرنسي بعد ان بسط السيطرة على جميع مناطق المغرب في فترة تداعت فيها القوى الاستعمارية على وطننا و التي انتهت بفرض نظام الحماية عليه سنة 1912. هذه الملحمة التاريخية التي ابان من خلالها اجدادنا عن وعيهم المبكر بمفهوم المواطنة الحقيقية و تشبتهم بأحد ركائز الهوية الانسانية الا و هي: الارض و الكرامة، و لعل فكرهم التحرري باعتبارهم رحل ينتقلون متى والى اي مكان يشاؤون دون قيد او شرط و الذي يخالف الخنوع و الخضوع شكل اهم سند في مقاومتهم للعدو رغم اختلاف شاسع في العد و العتاد.
إن علاقتنا بذكرى هذه المعركة ليست علاقة لحظة كما يعتقد البعض تستوقفنا قليلا بأنشطتنا المتواضعة تم لا تلبث ان يلفها الصمت و التناسي وإنما صلة للعناية بتاريخنا الوطني، و حماية للذاكرة الجماعية للمنطقة و الوطن، و صيانة للهوية المشتركة، و زرع الأمل في بناء المستقبل و وسيلة لأتباث الذات و البناء الحضاري و استمراره ، و لا يتأتى ذلك الا بالتنمية الثقافية وإدماجها في التنمية العامة لاسيما ان المنطقة تعيش مؤخرا فترة انتقالية و حراك و تغيرات جيوسياسية و نامل ان يواكب هذه المرحلة ايضا تغيير على المستويين الثقافي و الفكري لفك الحصار عن الذاكرة و التاريخ.
من هذا المنطلق و كما يعلم الجميع اخدت جمعية بوكافر على عاتقها و منذ تأسيسها في تسعينا القرن الماضي مهمة تخليد ذكرى هذه الملحمة و هي مهمة صعبة ومكلفة طبعا إمانا منها بالمسؤولية التاريخية للأحفاد في رد الاعتبار لأرواح ذلك الابطال المنسيون و المتناسيون، ليس عيشا على أمجادهم طبعا بقدر ما تحاول ان تنفض الغبار على ذلك التاريخ و تساهم في وضعه في اطاره و مكانه الطبيعي في التاريخ الرسمي بعدما جعل (بضم الجيم) على هامشه.
قراءة في برنامج التخليد
هذه السنة تعتزم الجمعية تنظيم مجموعة من الانشطة الثقافية و الاجتماعية و الرياضية، تستهدف من خلالها جميع الفئات العمرية بدءا بالأطفال و التلاميذ عبر برمجة نشاطين: الاول يوم الاربعاء 01 مارس في اعدادية بوكافر و الثاني يوم الخميس 02 مارس في ثانوية محمد السادس ويتعلق الامر بعرض شريط وثائقي تحت عنوان “الابطال المنسيين لمعركة بوكافر” ومناقشته تحت إشراف اساتذة التاريخ في الثانويات المعنية وسيعزز العرض بمناقشته و فتح مجال امام التلاميذ لإبداء آرائهم و استفساراتهم في الموضوع. كما تم ايضا برمجة ندوة فكرية تاريخية في الرشيدية سيأطرها مجموعة من الاساتذة الباحثين للاقتراب اكثر عن الفئة التي تمتل امال المستقبل و هي فئة الطلبة الجامعيين من خلال هذه الندوة أيضا سيلتأم الجميع تمهيدا للسفر و الالتحاق بمركز النيف حيث ستنظم ندوة أخرى بمشاركة نفس الاساتذة و اساتذة اخرين يوم الجمعة مساء يليها مباشرة حفل قراءة و توقيع لمجموعة من الكتب وهي: “الطريق إلى تامزغا” و “إيمازيغن و حتمية التحرر” و “زايد أحماد” للكتاب المناضلين مصطفى أوسايا وحميد أعطوش و زايد أشنا. يوم السبت 04 مارس صباحا ستشرع قافلة طبية لطب الاطفال و طب الاعصاب في تقديم فحوصات مجانية لفائدة مرضى المنطقة بتطوع من الطبيبة بويري فايزة و الطبيب جمال أملال. بالموازات مع هذا النشاط الاجتماعي بامتياز و امام المشاكل التي تعاني منها المنطقة و المتمتلة في مشكل استنزاف الثروات الطبيعية في اراضي أغلبها ذات الصبغة الجماعية و التي كثيرا ما تعرف نزاعات مستمرة بين ساكنة الجنوب الشرقي و باعتبار اكتر من 87 في المئة من الاراضي في اقليم تنغير هي اراضي الجموع فقد ارتأت الجمعية معالجة الموضوع من الناحية القانونية عبر تنظيم ورشة يؤطرها كل من الاستاذ المحامي و الناشط الامازيغي حسن اد بلقاسم بمداخلة تحت عنوان “حقوق الجماعات في الاراضي و الغابات و الموارد” والأستاذ المحامي الطيب صالح بمداخلة عنونها ” التأطير القانوني لأراضي الجموع. في نفس اليوم و ابتداء من الساعة الخامسة مساء سيكون الجمهور مع امسية فنية ملتزمة بمشاركة مجموعة من الفنانين والمواهب الشابة. وكما دأبت الجمعية على فعله دائما سيكون يوم الاحد 05 مارس مخصصا لرحلة استكشافية و رياضية الى جبل بوكافر حيث جرت المعركة. ونظرا لضيق الوقت و تزامن الأنشطة فقد تم تأجيل تنظيم النسخة الثانية من دوري النيف في التايكواندو والتي بشراكة مع جمعية ابطال النيف للتايكواندو الى يوم الاحد 12 مارس ليتفرغ الجميع لهذا النشاط.
بقلم يوسف بن اعمر رئيس جمعية بوكافر
المصدر : https://tinghir.info/?p=26203