لا يختلف معي أحد أن منطقة إملشيل تعيش تحت الصفر؛ سواء من حيث درجات الحرارة المسجلة بالمنطقة أو من حيث البنية التحتية المنعدمة في جميع المجالات بفضل السياسة المتبعة من طرف الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا .
البرد، العزلة ،الاقصاء ،التهميش هو بالتأكيد مربع الرعب باملشيل إذ تعيش منطقة إملشيل هذه الأيام موجة من البرد القارس مصحوبة بتساقطات ثلجية اجبرت الأهالي عل المكوث كسجناء داخل المنازل وراء المدافئ التي لا يمكن الاستغناء عنها في المنطقة.
وما يزيد من محنتنا نحن سكان دائرة املشيل هو البنية التحتية المنعدمة بهاته الرقعة الجغرافية المقصية من جميع مخططات التنمية التي اطلقتها الدولة المغربية .
الطرق المعبدة ،مدرسة النجاح ، الصحة للجميع ،شعارات أطلقتها الدولة لا آثار لها هنا بإملشيل.
اذا كانت الشبكة الطرقية تعتبر شريان الحياة في المدن والقرى فإن منطقة إملشيل تعاني من هشاشة طرقها المتهالكة وغير المعبدة حيث هناك مداشر مازالت تسلك المسالك التي فتحها المستعمر الفرنسي ودوار تاوريرت بجماعة اوتربات نموذجا ولن تصل الي تلك المداشر المتحصنة وسط الجبال إلا بمشقة كبيرة مشيا على الاقدام او على ظهور الدواب وعندما تقترب من إحدى المداشر تشاهد اعمدة من الدخان تتصاعد من داخل تلك البيوت الطينية الهشة وصمت رهيب يخيم على المكان كأنك في القطب المتجمد الشمالي دون ان تتدخل الدولة بأجهزتها وآلياتها لصيانة المسالك التي ورثتها من المستعمر الغاشم .
بمجرد أن تشاهد مؤسسة تعليمية مكتوب على جدارنها “مدرسة النجاح” تفرح وتقول مع نفسك ان الدولة وفرت لأبناء الجبال مدارس يتلقوا فيها بصيصا من العلم، لكن سرعان ما تنقلب تلك الفرحة إلى حزن عندما تقترب اكثر فاكثر الى الحجرة الدراسية وتسمع صوت الزكام الذي يتردد بين حناجر الاطفال وترتجف تلك الأجساد الصغيرة التي لا تستطيع متابعة الدرس ليقف الأستاذ حائرا مذهولا امام هذا الواقع الذي تبكي له القلوب الحنونة ولا يجد امامه أي وسيلة لتدفئة تلك الأجساد البريئة سوى بعض احجار من الفحم مع العلم أن هاته الأحجار لا تشتعل بسهولة ولو اشتعلت فإنها تنشر رائحة كريهة بالغرفة الدراسية ناهيك عن انبعاث غاز ثنائي اكسيد الكربون co2 الذي قد تودي بحياة الأستاذ او احد التلاميذ او هم جميعا لا قدر الله .
فبعد كل موجة من البرد تظهر مجموعة من الأمراض كالزكام الحاد وتعفنات القصبات الهوائية والحنجرة …… بين الأهالي صغارا وكبارا إناثا وذكورا ومن الطبيعي ان يقصدوا المؤسسات الصحية بالمنطقة ظنا منهم ان هاته البنايات قد تزويدهم ببعض الأدوية للتخفيف من مرضهم إلا أن ظنهم ظائمت ما يخونهم عندما يجدون هاته البنايات فارغة من حيث الادوية والأطر الصحية ليقف المواطن الحديدوي يواجه مصيره لوحده وفي كل سنة نسجل حالات وفيات في صفوف الحوامل والرضع والمسنين نتيجة الاهمال الطبي وتدني الخدمات الصحية بالمنطقة.
المصدر : https://tinghir.info/?p=25180