Ad Space

رباعي أخنوش يربك حسابات بنكيران !

admin
2017-01-14T22:28:43+01:00
آخر الأخباروطنية
admin14 يناير 2017
رباعي أخنوش يربك حسابات بنكيران !

وفق ما عودنا عليه من ارتجال وانفعال، سواء في تصريحاته العشوائية أو قراراته اللاشعبية، وما يترتب عنها من نتائج كارثية، وفي سابقة تعد الأغرب في تاريخ المغرب المعاصر، لم يكن حتى أكبر المتشائمين من العمل السياسي ببلادنا يتصور يوما حدوثها، أقدم أمين عام حزب “العدالة والتنمية” المتصدر لنتائج تشريعيات السابع أكتوبر الماضي، ورئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران مساء يوم: الأحد 8 يناير 2017، على إصدار بلاغ في شكل استقالة مغلفة وإقرار ضمني بفشله، يعلن للرأي العام عن إنهاء مشاورات تشكيل الحكومة، مع كل من عزيز أخنوش رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار”، وامحند العنصر الأمين العام لحزب “الحركة الشعبية”.

    فعلى مدى ما يناهز ثلاثة أشهر من المد والجزر، الصبر والضجر، والهجومات المضادة حول محاولة اقتسام “الغنيمة”، وبعد أن بلغ الأمر مداه من التناحر والإسفاف والاستخفاف بمصالح البلاد والعباد، مما أدى إلى هدر الزمن السياسي دون مبالاة بما يعرفه العالم من متغيرات وأحداث متسارعة، وساهم في تعطيل سير المؤسسات الوطنية والدستورية وفي مقدمتها البرلمان، وانعكس سلبا على الدبلوماسسية البرلمانية في الساحة الدولية، وعلى المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي…

    وبعد أن وجد بنكيران نفسه غير قادر على تجميع أغلبية متناغمة ومتفاهمة لتشكيل حكومته، ووصول مشاوراته إلى طريق مسدود، جراء عدم التزام أخنوش بالرد خلال يومين على سؤال وجهه إليه يوم الأربعاء 4 يناير للإفصاح عن نيته في المشاركة من عدمها، وحيث أن الرد المنتظر جاء في شكل بيان مشترك بين أربعة أحزاب اثنين منها غير معنيين بمسار مشاوراته، وهما الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، ارتأى التعامل بالمثل واستصدار بلاغ مهلهل خال من اللباقة يعكس بوضوح سوء حالته النفسية، ويبدو أنه كتب بسرعة وعلى مضض، إما تحت إكراه عامل الوقت بعد أن طلب منه مستشارا الملك التعجيل بإنها المهمة، أو بإيعاز من محيطه القريب و”مستشاريه”، الذين لم يرضوا له ما بلغه من جرجرة وبهدلة، والاستمرار في تقديم التنازلات بعد أن تم إجباره على فك الارتباط مع حليفه الجديد “حزب الاستقلال”، إثر تداعيات تصريحات أمينه العام حميد شباط غير المسؤولة حول دولة موريتانيا الشقيقة، وعقابا له على عدم انخراطه في ما قيل عنه محاولة  “انقلاب أبيض”، إثر اجتماع عقد بين أمناء أحزاب سياسية غداة ظهور نتائج الانتخابات: 8 أكتوبر 2016.

    ففي نظري المتواضع، أرى أن رئيس الحكومة المعين أخل كثيرا بضوابط المهمة الموكولة إليه، لافتقاره الكبير إلى ثقافة إدارة الحوار والتفاوض، والتحلي بالحكمة والتبصر والرؤية الثاقبة للأشياء من حوله. ولعله اليوم في “محنته” هذه يدفع ثمن تسلطه وسلاطة لسانه طيلة السنوات الخمس المنصرمة، فضلا عن أنه مازال لا يستطيع التحكم في انفعالاته وكلماته، والارتقاء بسلوكه إلى مستوى رجل دولة، وإلا ماذا كان سيضيره لو أنه أظهر نوعا من المرونة والكياسة بعد البيان المشترك للأحزاب الأربعة، ودعا كلا من أخنوش والعنصر إلى تعميق المفاوضات في حوار هادئ ودون تشنج، خاصة أن هذه الأحزاب تعرب مجتمعة عن انفتاحها على مواصلة المشاورات بجدية ومسؤولية، وتبدي رغبة شديدة في تجاوز محدودية الأغلبية المقترحة من قبله، حرصا منها على تشكيل حكومة موسعة من ستة أحزاب تتناسب مع مضامين خطاب دكار، الذي يحث فيه الملك على أن تكون الحكومة المرتقبة قوية ومنسجمة، في مستوى تطلعات الجماهير الشعبية وبإمكانها مواجهة التحديات الكبرى على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتجاوز صعاب السنوات الماضية…



aid

     وكان من واجبه أيضا عدم الانسياق وراء “وساوس” بعض قياديي حزبه، ممن يصبون الزيت على النار ويدعونه إلى قلب الطاولة على الأحزاب “المعطوبة”، وعدم الالتفات إلى تلك التي استطاعت بالكاد تكوين فرق برلمانية في مجلس النواب، ناسين أن حليفهم “الأبدي” حزب “التقدم والاشتراكية” لا يتوفر إلا على 12 مقعدا. وكثيرة هي الأشياء التي يبيحونها لأنفسهم ويحرمونها على غيرهم، ولا يرون في شركائهم المفترضين سوى فئة من المتآمرين الساعين إلى الابتزاز والانقلاب على روح الديمقراطية وشرعية الاستحقاقات الانتخابية. وإذا ما اتضح له جليا أن هناك نوايا مبيتة، تهدف إلى عرقلة مسار مشاوراته والاعتداء على صلاحياته الدستورية، فإذاك يجوز له العودة إلى ملك البلاد، والاحتكام إلى الوثيقة الدستورية…

    إن مشكلة بنكيران كغيره من الإسلاميين السياسيين، تكمن في عناده الدائم ومحاولة فرض هيمنته، والرغبة في تصفية حساباته الضيقة، تطويع الآخرين وإرغامهم على القبول بشروطه مهما كانت جائرة وغير منصفة، وأن من لم يذعن لسياسته الرعناء وركوب “سفينته” بلا قيد ولا شرط، يعتبر فاقدا لاستقلالية قراره. فهل يحق له وحده تحديد شروطه، ومنع الآخرين من التعبير الحر عن آرائهم ومقترحاتهم؟ وكيف يبيح لنفسه التعامل مع أمناء الأحزاب الأخرى بمنطق الأستاذ وتلامذته، المعتمد على سؤال/جواب بدل الحوار المتبادل؟

    عموما، صار من الصعب اليوم في ظل اشتعال حرب البلاغات التكهن بما يخفيه الغد من تطورات، إذ بدا أن الأمور ستزداد تأججا وتعقيدا، بعد أن عزمت “التشكيلة الرباعية” مسنودة بغريمه اللدود حزب “الأصالة والمعاصرة”، على انتخاب رئيس مجلس النواب في القريب المنظور… فهل يحسم الملك في تخليص البلاد والعباد من مسلسل العبث السياسي القائم، بتشكيل حكومة وحدة وطنية؟

المصدراسماعيل الحلوتي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.