كل المغاربة تقريبا يتابعون الاحتفالات الأمازيغية المتعلقة بعاداتهم ، في المناسبات أو في المهرجانات التي تشتغل على تيمات أمازيغية ،سواء قناعة او استرزاقا باسم الأمازيغية ،والتي تكثر في كل المدن المغربية ولو أن المنظمين أحيانا لا يربطهم بالأمازيغية إلا الخير والإحسان، فيسيؤون لها بإدماج فقرات بعيدة كل البعد عن ثقافة الأمازيغ لأنها لا تسري في دمائهم ولم يعيشوها حقا ،فيحج للقاء حضور مختلط بين الرجال والنساء والأطفال ،يحجون من أجل التعرف على ما سيقدمه المنظمون من ثقافة وفكر وتاريخ أمازيغي بالمغرب والمتميز بالتعدد والغنى والذي نهل منه المغاربة جميعهم ،فالأمازيغية ليست عريا أو رقصا معربدا بل هي حضارة مغربية عريقة من خلال مشغولات يدوية وتراث مادي ولا مادي،وهي توجه واستحقاق تاريخي، وحق دستوري ووجه متألق من وجوه الهوية المغربية التي تنضاف للبعد العربي والإفريقي والأندلسي واليهودي.
العروض الفلكلورية عادة في مثل هذه اللقاءات يستهجنها المتتبعون، والتي تنحصر في الرقص وذاك فيه سوء اختيار وسوء فهم في ما ينبغي تقديمه للحضور لبناء تصور حقيقيي لقيم الهوية الأمازيغية والوطنية ، فما يجب تلقينه وتقديمه للمتتبعين الذين يحضرون لتشريف التاريخ الأمازيغي هو كيفية ترسيخ عناصر الهوية الأمازيغية ،لبناء صرح هوياتي ساهمت في تكوينه عناصر متعددة عبر التاريخ، وأول هذه العناصر هي الجغرافيا: فالمكان والفضاء الذي احتضن هذه الهوية بالجنوب الشرقي مثلا ليس محايدا ولا سلبيا بل أسهم وساهم في بلورتها عبر الدهور ، وبصماته الثقافية واضحة على هذه الهوية من خلال تنوعه وجمعه بين تكوينات جيولوجية معقدة ومختلفة من مرتفعات جبلية ومنخفضات سهلية ورمال صحراوية، وما أعطى لهذه التضاريس خصوصيتها الثقافية التي تميزها عن غيرها من التضاريس المشابهة لها هي حركية التاريخ، والتي عاشت حالات شبه دائمة من الطوارئ، وذلك بسبب الأطماع التوسعية والاستيلائية، وقد خاض الأمازيغ معارك باسلة شرسة بتافيلالت وبادو وصاغرو من أجل هذه الأرض النقية التي على أديمها ما يستحق الحياة .
ما يمكن تقديمه أيضا بصور مبسطة وبطرق احتفالية مرنة هي الدلائل القوية على وجود هذه الهوية من خلال الاشتغال على اللغة الأم ، لكونها مظهرا ودليلا شامخا على وجود هذه الهوية ب تامزغا، وفي الآن ذاته تعتبر الركن والعنصر الثالث من عناصر الهوية الأمازيغية، أي أنها تمظهر للهوية ومكون لها في الآن ذاته فضلا عن الخصوصيات السوسيولوجية والتي تعطي لهذه الهوية عمقها التاريخي، والتي ليست مجرد رقصات كما يعتقد المنظمون فالعناصر الثلاثة (الجغرافيا وحركية التاريخ واللغة) هي العناصر الثابتة والإجبارية التي يجب تمريرها للحضور بطرق ما ،وهي العمود التي تقف عليها هذه الهوية ، إلى جانب التعدد والانفتاح .
الدخول للهوية الأمازيغية من خلال المهرجانان أحيانا يكون مستفزا ،وبابه يكون ضيقا جدا ،وأزيزه مرهقا للآذان ،لأنه لم يتم فهم العناصر السابقة بشكل واضح ، والسؤال هل ما يتم تقديمه يخدم الأمازيغية ويربي الجيل الجديد على حب الأمازيغية كلغة وطنية وفكر وثقافة متأصلة ؟
حقيقة أغلب ما يتم تقديمه تيبّس و انغلاق وضيق للآفاق ،و سيؤدي لا محالة إلى نتائج عكسية تنفر ذاك الحضور من ثقافته الأمازيغية ،وعلى الشركاء الذين يحضرون أو يدعمون أي مشروع أمازيغي أن يكونوا سهاما ناقدة وسيوفا تقارع النصال من أجل صورة حقيقية للهوية الوطنية حتى يتربى الحضور على ثقافتهم ويعشقوها بعمق وجد ويعضوا عليها بالنواجد .
المصدر : https://tinghir.info/?p=24611