اِحزِم أمتعتَكَ و ارحلْ ..
اِحمِل ما استطعتَ من ذكرياتٍ
فقد يطولُ رحيلُكْ
و قد تسكُنُ الضياعَ حتى المماةْ …
خذْ صورةً لكَ،
في رَحِمٍ كَوَّنَك
كي تُخبِرَ غذاً خَلَفكْ
أنَّ وُجودَكَ ما كان اختيارَك …
خذْ مِنديلَكَ،
بهِ جفَّفْتَ نَزيفَك
يومَ اقتَلعوا إصبَعك
حين رفعتَ للنصرِ شارَتَك …
خذْ قَلَمَكْ،
بهِ دَوَّنتَ وَجَعَك
فكسروهُ
و كتموا صوتَك …
****************
اِحزِمْ أمتِعتَكَ و ارحلْ ..
لا مكانٌ هنا يَسَعُك،
سوى أسْيِجَةٌ
تُحاصرُ فِعلَك،
تُحاصرُ قَولَك،
تُحاصرُ نَفَسَك!
لا وطنٌ هنا يَحتضنِك،
سوى خُدامٌ
يَحوزونَ ثروتَك،
يَطمِسونَ أثَرَك،
يخنُقونَ فِكرك!
****************
شيءُ بداخِلِكَ .. يرفُضُ الرحيل
و بعضٌ منكَ .. مَلَّ العويل،
عَلِمتَ أنَّ التاريخَ مزبلةٌ
يجتمعُ فيها اللصُّ و النبيل
كِلاهما مصاصُ دِماءٍ
كِلاهما خَلقَ الداءَ
و منعَ الدواء …
رُكنٌ بداخِلِكَ يرفُضُ الرحيل؛
فهذا واديكَ،
و ذاكَ نَقْشُ أجدادِك،
و هناك زيتونُ حقلِك،
و تلكَ مَدرَسةُ شَيخِك،
و تحتَ قَدَمَيْكَ
أَدِيمُ سَلَفِك …
لِمنْ تَترُكُ بعضكَ و ترحل؟
لِمنْ تَمنحُ روحَك؟
فلا سَيدٌ عرَفَ معنى الأثَرْ
و بِوجودِكَ أصلا ..
ليسَ لَديهِ خَبَرْ!
****************
اِحزِمْ أمتِعَتَكَ و ارحلْ ..
خُذْ قِطعةَ شمسٍ،
خَدْ نَفْحًةَ هواء،
خَذْ قُماشاً، لوناً، اسْماً ..
خُذْ حَفْنَة َ تُربةٍ
تَحْفَظُ بها ذاكرةً
أرادوها تَتعفَّنْ،
تَنثُرُها في هِجراكَ
تُحْيِي بها .. كُلَّ الوطن.
المصدر : https://tinghir.info/?p=24284