Ad Space

الاحتباس الحراري،وطاحونة السماك

admin
اقلام حرة
admin3 نوفمبر 2016
الاحتباس الحراري،وطاحونة السماك
الحبيب عكي

من الدروس العلمية الشيقة في مقرر الفيزياء إعدادي،درس تلوث الهواء الظاهرة والمصادر والمخاطر والمعالجات،درس يبدع فيه أساتذة المادة شكلا ومضمونا،إذ يهيئون له بإعدادات وبحوث تلمذية قبلية،ويجرونه على شكل عروض ومناظرات حماسية بينهم،وربما خلله الجميع بشرائح ومقاطع فيديو شيقة،وربما تأسيس وانخراط في أندية بيئية مؤسساتية وجمعوية. وكل هذا مع الأسف ليقول الأساتذة أشياء غير علمية ويتجرع التلاميذ حقائق خاطئة بالمطلق،خاصة فيما يتعلق بفقرة الاحتباس الحراري وظاهرتها التي يتطاحن بشأنها العالم؟؟.

فهذه أمريكا مثلا،تعتبر في العديد من الأشرطة الوثائقية،من أكبر دول العالم الملوثة بما لازالت تستعمله من الطاقات الأحفورية بشراهة كالفحم والبترول،بل وتخوض من أجلهما حروب الثعالب والعواصف في الصحراء. ودعواها في ذلك أن هذه الطاقات هي التي تشغل الملايين من العمال وتعيل الملايين من الأسر وهي التي فتحت المئات والآلاف من المعامل وتحرك اقتصاد أمريكا والعالم،ولا يحق لأحد مهما كان أن يدعي بأنها ملوثة للبيئة وتسبب كارثة الاحتباس الحراري؟؟.الاحتباس الحراري في رأيها أكبر أكذوبة في العالم،استطاعت مع الأسف أن تسيطر على عقول العلماء باسم العلم والعلم منها براء،وعلى رؤوس السياسيين باسم الاستراتيجيات،الاستراتيجيات البلهاء طبعا، وعلى رؤوس الإعلاميين باسم خلق الحدث والضجة الإعلامية ليس إلا؟؟. أين الاحتباس الحراري في ما خلقه الله منذ الأزل من تعاقب الليل البارد والنهار الحار،وتعاقب فصول السنة،ربيع معتدل وصيف حار وخريف معتدل وشتاء بارد قارس،أين الاحتباس الحراري في ما كان عبر التاريخ من تنوع الطقس والمناخ،فصحراوي جاف في الجنوب والشرق ورطب معتدل في الغرب والشمال أو قارس متجمد في القطب الشمالي والجنوبي للكون على مدار الأزمنة،الأصح ليس هناك “احتباس حراري” بل هناك “تغيير حراري”،لأن الاحتباس يعني الارتفاع الدائم في درجة الحرارة،والواقع أن هناك  درجة حرارة ترتفع وتنخفض وتعتدل حسب الليل والنهار والفصول والأقطاب والجغرافيات؟؟.

الحقائق العلمية تقول،حتى لو أنه أغلقت كل المعامل في العالم وأوقفت كل سيارات الكون،ما نقص ذلك من ارتفاع درجة حرارة الكون إلا حوالي 0,0003،فماذا يريد منا هؤلاء البيئيون السذج والسياسيون الأغبياء والإعلاميون الببغاوات،الذين يخوضون كل هذه الحروب القذرة لقطع أرزاقنا وقلب رفاهنا والتعكير على متعتنا وراحتنا،لكن ليفعلوا ما بدا لهم،فردنا على الجميع على أرض الواقع والميدان،وستظل سياراتنا رباعية الدفع تسود محركاتها كل الشوارع والأرصفة والواجهات،وسنظل نحن الكليماتوسوبتكيون(Climatoceptiques)ندوس على مسراعات رباعياتنا على آخرها،ولن نؤمن بشيء اسمه الاحتباس الحراري حتى نرى بأم أعيننا الجليد القطبي قد انصهر في الشمال أو الجنوب،بل حتى لو حدث ذلك  فلن نؤمن لهم به حتى يرتفع فعلا مستوى الماء في الأنهار والمحيطات،ولو حدث ذلك لاستبدلنا فقط سياراتنا البترولية بزوارقنا الفحمية وأعلناها مسابقة في الملاحة العالمية؟؟.



aid

هذا هو اعتقاد الأمريكيين في الاحتباس الحراري،أو على الأصح اعتقاد “الجمهوريين” الذي يواجهون به غرمائهم”الديمقراطيين”،بل ويسحبون الثقة من كل سياسي جمهوري حتى لو كان عضوا في مجلس الشيوخ،يسحبون منه الثقة إذا ما سولت له نفسه التمنطق مع نفسه والاعتقاد بعكس معتقدهم هذا مجرد الاعتقاد فما بالك بالدفاع عنه،لقد خاض الجمهوريون حربا شاملة لإقناع الجميع بهذا،بل وتضمينه المقررات الدراسية وفي كل المستويات،ليظل كل الأمريكيين أكثر من يستهلك البترول ومشتقاته وعلى رأسها حتى المواد البلاستيكية التي منعت عندنا،لا لشيء إلا لأنهم يعتقدون أن تلوث البيئة وخطورة البلاستيك والاحتباس الحراري والطاقات البديلة الخضراء..،كلها أوهام قد لوثت عقول السياسيين واللوبيات الإعلامية ولا ينبغي بحال من الأحوال أن يستنسخوها ويستنبتوها مجانا في عقول الاقتصاديين والتربويين وغيرهم من الفئات والأجيال؟؟.

ترى هل الاحتباس الحراري ظاهرة غير علمية فعلا،هل أصابت أمريكا وأخطأ العالم،هل انتصر”الجمهوريون”وانهزم”الديمقراطيون” في هذا المجال؟؟،أنا الذي أعرف في بلادي المغرب الحبيب أنها في مجملها شاسعة الصحاري رائعة الجبال مبهرة الواحات عليلة الهواء عذبة المحيطات غزيرة الوديان منخفضة الكثافات ناشئة الصناعات،ليست لا مُلوَثَة ولا مُلوِثة،ولكنها منخرطة بقوة في كل الصيحات والمؤتمرات الدولية بل ومنظمة لها وكأنها لا تقام في الأول وفي الأخير إلا في أرضها ومن أجلها؟؟،ولكن فعلا،يبدو أن هذه المؤتمرات الدولية تقرر في البلاد وتغير في سياساتها أكثر من حكوماتها وأهلها،و ربما لا بأس في ذلك فالأهداف واحدة وإن تعددت الوسائل وتفاضلت،فبالأمس كان المؤتمر الدولي حول السكان،فأنبت عندنا استقطابات حادة في الشارع لم تهدأ مسيراته وصراعاته الأيديولوجية إلا عن مدونة جديدة للأحوال الشخصية؟؟،ومؤتمر دولي آخر حول حقوق الإنسان في مراكش،في سياقاته تمخض المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وإنجازه التاريخي حول المصالحة والإنصاف لطي ما بات يعرف بملف سنوات الرصاص؟؟.واليوم أيضا المؤتمر الدولي حول البيئة(Cup22)،قد بدأ مقدمته الشهية بمشروع وطني لم يطالب به أحد ولا وضعه حزب في برامجه الانتخابية أغلبية ومعارضة،وهو مشروع”زيرو ميكا”،في حين ينتظر الناس وبإلحاح مشاريع أخرى أكثر أهمية وأولوية مثل مشروع”زيرو فقر”و”زيرو بطالة”ومشروع”زيرو كريساج”وقبله مشروع”زيرو تشمكير ومخدرات”،وكم من انتخابات وانتخابات وحكومات وحكومات سنحتاج بعد 6 عقود من الهدر السياسي لتحقيق هذه المشاريع وغيرها؟؟،المواد البلاستيكية في العلوم سبعة أنواع،كلها متعددة الأشكال والأحجام،كتيمة غير منفذة زاهية والألوان،خفيفة الحمل رخيصة الأثمان،قابلة للتدوير آمنة الاستعمال من غير مادتين مسرطنتين خطيرتين رقم6(P.S) ورقم3(P.V.C)،وقد منع استعمالهما في كل العالم ولا زال مباحان عندنا في المغرب،وحتى بعد مشروع”زيرو ميكا”،كما هو الحال مع الأسف في صنع وبيع الرضاعات البلاستيكية للأطفال؟؟،فهل الاحتباس الحراري -عفوا- الاحتباس البلاستيكي،أو هذا الصفر البلاستيكي-على حد قولهم- هل هو صفر على اليمين أم صفر على الشمال،حقيقة علمية وأولوية سياسية أم مجرد وهم وخرافة وانعكاس وانتكاس؟؟.

و يبدو أن حكاية”الكليماتوسبتيين”الجدد وتعاليهم على القوانين الطبيعية الدولية،وعجرفة “الجمهوريين”العالميين ورغبتهم في التفرد على العباد ولو بالفساد في البلاد،لها رجع الصدى عندنا و لازالت تتوالد في دواليبنا توالد اللقطاء،مع بعض المحلية السيئة طبعا والمتمثلة في شعارهم:”ولو طارت زبل “؟؟،أزبال لا زالت لا تجمع في العديد من شوارع الجماعات،وقمامات لازالت أكوامها تتناثر في محيط العديد من المؤسسات،معامل لا تفتىء تضخ أدخنتها الخانقة السامة في رئة بعض الأحياء السكنية العليلة،و وديان “حارة”لا زالت تجري مياهها الآسنة النتنة صباح مساء أمام “براريك”الأحياء القصديرية الهامشية،رغم كل القوانين البيئية والاحتجاجات المطالبة بتفعيلها؟؟.أزبال ونفايات تنتج في كل المدن والقرى،وأخرى بالأطنان وعلى الدوام تستورد بكل بلاويها،وأخرى ربما خلسة في بعض الشواطىء تدفن وتجري سمومها مع المجاري،ليبقى الوطن والمواطن في الأول وفي الأخير ضحية سياسة وتدابير الأزبال؟؟،حكايتنا مع الأزبال يا سادتي كبيرة،حكايتنا مع الأزبال يا سادتي فظيعة،فكم من مواطن عندنا لازال غبنا واحتقارا يولد في”البراريك”وسط الأزبال ويقال له قدر،ويكسب لقمة عيشه بعد الهدر وانحناء الظهر في النبش في مطارح الأزبال ويقال له قدر،وإذا ما لعب ففي فقر الحفر وعنف السباب والشجار،وإذا سبح ففي مصب الوادي الحار في الوديان والبحار،وإذا وافاه الأجل فقرا وعللا ففي شاحنة الأزبال ينقل كالدابة إلى مثواه،قدر قدر؟؟،واليوم انتفض المواطن،بعدما كان جزاء انتظاره مجرد الانتظار،لا هم مكنوه من حقه في الشغل بعد تخرجه باقتدار،ولا هم تركوه يدافع أقداره بالأقدار،أراد كسب لقمة عيشه بكرامة وعرق الجبين، فما كان من”الكليماتوسبتيين”إلا أن طحنوه مع بضاعته وكرامته وأحلامه في شاحنة الأزبال؟؟،تماما كما كان”الجمهوريون”العنصريون يردون غيرهم من الملونين في أمريكا ضربا بالكرباج و صعقا بالكهرباء او رميا بالرصاص وبكل برودة وهوان الحشرات ونتانة الأزبال،”محسن”السماك مع أسماكه في طاحونة السماك،و”مي فتيحة”مع خشاشها على الرصيف في محرقة الخشاش المتجول،بالأمس في القنيطرة في الوسط  مع “القايد” وبعدها في طانطان في الجنوب مع “السائق”وحافلة الموت،واليوم في الحسيمة في الشمال مع..ومع..،وغدا يعلم الله مع من،والله يحد الباس؟؟.فهل أبقت أو تبقي هذه الجرائم الاحتقارية الرعناء والتصرفات المتغطرسة الهوجاء التي هزت مشاعر كل الشعب المغربي وأنزلت أبناءه الصبورين الطيبين إلى الشوارع عن بكرة أبيهم تضامنا واحتجاجا ارتعد له الجلادون وحاول أن يصطاد فيه المصطادون بما رفعوا من أعلام غير وطنية وشعارات الفتنة والانفصال،وتلك حكاية أخرى وإن كانت وثيقة الصلة بالأحداث،ترى هل أبقى كل هذا أو يبقي معنى أي معنى لمواصفات المغرب البيئي وطبيعته الرائعة الخلابة التي وصفناها أعلاه،أو لما راكمته بلادنا النامية الجميلة من مكتسبات في الوحدة والديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان،أو لما لازالت ترفعه وتعمل على تفعيله من مخططات وبرامج المغرب الأخضر والمغرب الأزرق والمغرب النوري والمغرب العلمي والفني والرياضي..،أو حتى لثورة الملك والشعب في عزها المعاصر بعد الخطاب الملكي الطري القوي حول ضرورة الإصلاح الإداري وإعمال دولة الحق والقانون بالحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة..؟؟،وعلى عكس”الكليماتوسبتيين”و”الجمهوريين”والإداريين المتسلطين والفوضويين المتهورين وكائن من كان،لا تزال معضلتنا إذن حقيقية وبيئية بامتياز،والبيئة أنواع وأشكال نفسية واجتماعية، دينية وثقافية سياسية واقتصادية وهي الأس والأساس، تربوية فنية ورياضية قبل أن تكون طبيعية وجغرافية فحسب،في سلامتها سلامة قلوبنا وأرواحنا عقولنا وأجسادنا وحياتنا جمعاء،فألا..لا..يا طاحونة الانتخابات والحكومات،ألا..لا..يا طاحونة المناظرات والمؤتمرات،ألا..لا..يا طاحونة القرارات والمؤامرات، ألا..لا..يا طاحونة “الكوبات”بلا برامج وطنية محلية ملموسة 22 و23 و24 و33 و44…،إلى متى ستظل جعجعتك تبتك الآذان بلا طحين، بهرجة واحتفاء بالصور،صفقات وتصفيقات و”تصرفيقات”ربح فيها الرابحون و”اللي زلق جاء في محرقة “مي فتيحة” وعلى طاحونة “محسن السماك”؟؟.

المصدرالحبيب عكي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.