يبدو من خلال المشاورات الأولية التي أجراها رئيس الحكومة المعين، والتي أوشكت على نهايتها، أن عبد الإله بنكيران يمارس إقصاء ممنهجا ضد ما يفوق مليون ناخب مغربي صوتوا لصالح حزب الأصالة والمعاصرة خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع أكتوبر.
ففي الوقت الذي جرت فيه الأعراف السياسية، كما ذكر الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية في مقال سابق له وهو يرد على رفض فيدرالية اليسار الديمقراطي الجلوس إلى طاولة الحوار مع بنكيران، بغض النظر عن رغبتها في دخول الحكومة من عدمه، فإن رئيس الحكومة مارس إقصاء ضد القوة الحزبية الثانية بالمملكة رغم اختيارها موقف المعارضة، وبالتالي فإن بنكيران يقصي بذلك المغاربة الذين صوتوا لهذا الحزب، وهو ما يطرح التساءل حول ما إن كان سيكون رئيسا لهؤلاء المغاربة أم لمن صوت فقط على الحزب الذي يقود أمانته العامة؟
واعتبر في هذا الصدد الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس حفيظ زهري، أن عدم توجيه الدعوة لحزب الأصالة والمعاصرة الرافض للمشاركة في الحكومة من قبل رئيسها “يمكن اعتباره بمثابة انحراف عن المنهجية الديمقراطية وإقصاء لمكون سياسي يمثل أكثر من مليون ونصف صوت مغربي كان سيصل صوتهم ورأيهم عن نوعية وشاكلة الحكومة التي يريدونها رغم الموقف الذي عبر عنه هذا الحزب بعدم المشاركة”.
وأكد الباحث زهري في تصريح لجريدة “كشك” الإلكترونية أن إعلان “البام” ليلة نتائج الانتخابات عن كونه سيكون حزبا معارضا “ليس سببا كافيا لعدم توجيه الدعوة له للمشاورات الأولية باعتبارها مشاورات سياسية يفترض إشراك كل المكونات الحزبية الممثلة في البرلمان ترسيخا للمسار الديمقراطي الذي سطره دستور 2011 والذي أعطى للمعارضة دورا كبيرا في الحياة السياسية عامة والحياة البرلمانية بصفة خاصة”.
وأوضح الباحث نفسه أن هذا التصرف من رئيس الحكومة “يدفعنا للتساؤل حول ما إذا كان تصرفا إقصائيا لأحد مكونات المعارضة في الوقت الذي وجهت فيه الدعوة لفدرالية اليسار التي تتقاسم موقف عدم المشاركة في الحكومة مع حزب الأصالة والمعاصرة؟”، وبالتالي ومن الأخلاق السياسية يضيف الباحث نفسه “كان من المفروض على رئيس الحكومة توجيه الدعوة للحزب واستقراء رأيه في إطار المشاورات الأولية حول نوع السياسات العمومية التي تريد الحكومة تنزيلها خلال ولايتها المقبلة كتعبير عن الفضاء الديمقراطي الذي يعيشه المغرب دون نية إقصاء أي طرف مهما كانت درجة الإختلاف بين أطرافه وعدم شخصنة الصراع والتدافع السياسي والرقي به لدرجة الخلاف والقطيعة”.
بدوره الباحث في القانون الدستوري رشيد لزرق، أكد أنه من المفترض في رئيس الحكومة بمجرد تعيينه من طرف الملك أن “يتحرر مما هو شخصي وايديلوجي وينفتح على جميع الشركاء السياسيين، بعقلية تواصلية بغض النظر عن القرار الحزبي الداخلي بالاصطفاف في الأغلبية أو المعارضة، ذلك أنه رئيس حكومة لكل الشعب المغربي وليس لحزب أو تيار سياسي معين”.
وشدد لزرق في تصريح للجريدة، على أن “المشاورات تكون وفق مقاربة تشاركية يفترض عليه خلالها إشراك كل الفصائل السياسية حتى التي لا تتوفر على تمثيلية في البرلمان، من منطلق مقاربة تشاورية بغض النظر عن الموقع الذي اختاره أي فصيل سياسي”، مضيفا أن منطلق رئيس حكومة كل المغاربة يستوجب منه “الحرص على إشراك كل الممثلين للأمة المغربية، لأن إشراك فصيل دون آخر مهما كان المبرر أمر يسيء لتجربة الديمقراطية وليس لحزب سياسي، لهذا وجب عليه التعاطي الموضوعي بمنطق المؤسسة وليس بالعقلية الايديولجية المنغلقة المعتمدة على الاقصاء”.
المصدر : https://tinghir.info/?p=22511