تصدير
يعتبر مؤلف الصراع الأبدي ( (INIGHI UR ITTBDDADN، لصاحبه ( حمزة الشافعي) – إبن أفانور (تنغير)، الحاصل على شهادة الإجازة بأكادير سنة 2007، وعلى درجة الماستر في الدراسات المقارنة (الإنجليزية) بنفس الكلية سنة 2012- بمثابة إضافة لحقل الكتابة الأدبية ( الشعر ) الأمازيغية، التي اقتصرت في البداية فقط على الموروث الشفهي، و هو ما يفرض على المهتمين بهذا المجال بدل مجهودات كبيرة، سواء على مستوى جمع كل الإبداعات الشفهية التي أصبحت تتعرض للاندثار بفعل توالي السنون وبفعل زحف معالم العولمة التي لاتبقي ولا تذر. أو على مستوى تقديم الإضافة في مختلف المجالات الإبداعية التي تحتاج إلى تراكمات كثيرة.
هذا الكتاب
هذا وقد صدر هذا الكتاب سنة 2015 ويتضمن في ثناياه 36 قصيدة أمازيغية كتبت بالحرفين الأمازيغي (تيفيناغ) وبالحرف اللاتيني. وذلك بغية تعميم الفائدة وجعله قابل للقراءة من طرف الجميع، دون أن يكون كتابا نخبويا موجه لطائفة دون أخرى.
من حيث الشكل، يدخل الكتاب ضمن إطار الكتب المتوسطة الحجم، يتكون من 92 صفحة، يتضمن في صفحته الرئيسية لوحة للفنان (عمر أقسبي) رسمت منذ 1988، وتحمل في ثناياها عدة قراءات، وتعبر في مجملها على علاقة وطيدة بينها وبين العنوان، حيث تتضمن خلفية تتراوح بين إصفرار يحمل دلالة الإشعاع أو النور، هذا الأخير مافتئ يتحول في العمق نحو اللون الداكن أكثر، بينما هيئة الكائن المعبر عنها تنم على أنه مثقل بصراعاته المتعددة والمكلفة.
مضمون الكتاب
في علاقة بالعنوان ((INIGHI UR ITTBDDADN، التي تحمل دلالة الصراع الأبدي، يتضح من خلال النظرة الأولى على المؤلف أن مواضيعه تتميز بتنوعها وارتباطها بمجالات متعددة، حيث وضع الشاعر جانبا تيمات المشاعر والحب التي تميز معظم الأشعار الأمازيغية، إلى الكلام في مواضيع مؤرقة للذات الأمازيغية الواعية المثقفة، مواضيع ترتبط بصراع المركز والهامش، مواضيع ترتبط بالتاريخ والوعي بالهوية والذات، مواضيع ترتبط بالعدالة الإجتماعية وإعادة تقسيم الثروة، وهنا نشير إلى معاناة ساكنة إميضر في إحدى القصائد، مشيرا إلى مختلف ثنايا صراع ساكنة هذا المجال الجغرافي الذي تتسع جراحه يوميا، عن طريقة استفحال الفقر والتهميش على مختلف مكوناته الاجتماعية في الوقت الذي تتوفر على مناجم ضخمة للفضة مصنفة على المستوى العالمي.
دون إغفال إشارة الشاعر في معظم قصائده إلى المناضل الشهم ( نبارك أوالعربي) الذي خلق ثورة في الغناء الأمازيغي الملتزم على مستوى هوامش الجنوب المغربي.
على مستوى الأسلوب تضمنت أشعار حمزة الشافعي أشعار راديكالية تنم على أزمة الواقع المعاش وأثارها على انسان الهامش، الذي خرج مضطرا في انتفاضة 2010 بمدينة تنغير التي سبقت كل ما يسمى بالحراك العربي، معبرة بذلك عن سخط عارم وهيجان يسكن هذا الانسان الذي قدم الشيء الكثير في تاريخ الدولة المغربية خاصة على مستوى حقبة المقاومة المسلحة للاستعمار الفرنسي.
تتضمن أشعاره كذلك تفاصيل غنية بمظاهر الإقصاء والتهميش الذي يطال ساكنة الهامش المغربي، وما يرافق ذلك من ضرورة التعبئة للنضال من أجل اكتساب معطيات إيجابية جديدة لصالح هذا الإنسان المكلوم.
ثم معطيات أخرى مرتبطة بمجالات عديدة كالدلالات الطوبونيميا مثلا ( أفانور) وما يعنيه من دلالات، وفي نفس السياق تضمنت الكتابات الدعوة إلى التحرر من قيود الاستبداد والاستعباد التي حملت مظاهر أخرى بعيدة كل البعد عن دلالاتها القديمة، مع تشابه كبير على مستوى المرارة والغبن.
المصدرمراسلة محمد عمراوي للحريدة
المصدر : https://tinghir.info/?p=21497