من حق كل إنسان أن يعمل حتى يوفر له ولا سرته حياة كريمة . ومع استمرار مشكلة البطالة وتفاقمها انتشرت ظاهرة الباعة الجائلين حتى أصبحنا نراهم في كل مكان نذهب إليه سواء في الشارع أوفي الأزقة وقارعات الطريق أو في جنبات المستشفيات (تنغير نموذجا) … ولايمكن لأحد أن ينكر حقهم في البحث عن وسيلة رزق بطريقة مشروعة خاصة إن عدد كبير منهم يحمل مؤهلات عليا ومتوسطة واصطدموا بقطار البطالة وعلى الرغم من ذلك لم ينجو من مطاردات السلطات الأمنية لهم وفشلت المجالس البلدية المتعاقبة على مدى السنوات الماضية في التعامل مع مشكلتهم ، ولو بحلول ترقيعية كباقي مناطق المملكة ، والسؤال هنا هل الباعة الجائلين جناة أم ضحايا وهل نتعاطف معهم أم نقف ضدهم ؟
وارتباطا بالموضوع فقد شنت السلطات المحلية مساء أمس الخميس 08 شتنبر الجاري حملة شرسة على الباعة الجائلين و مستغلي الملك العام ،وحسب استطلاع للرأي أنجزته الجريدة فقد كانت المواقف متفارقة بين معارض وموافق على مجهوادت السلطات لتحرير الملك العمومي،خاصة في هذه الفترة بالذات والمتزامنة مع إقتراب حلول عيد الأضحى المبارك.
ترى فهل فكرت السلطات المحلية لهم في البديل ؟ لأنه إن لم تعطوهم البديل فسيتوالد منهم عصابات إجرامية مختلفة مثل قطع الطريق، وبيع الخمور والقرقوبي وغير ذلك كثير، لأن منبع رزقهم الوحيد هي التجارة في الشوارع واستغلال الملك العام، هذا هو المشكل الرئيسي الذي يجب عليكم أن تأخذوه بعين الاعتبار.
سأقترح على سيادتكم حلا طُبق في دول متقدمة لهذه المشكلة:
إن مشكل الباعة المتجولين موجود في الدول الراقية والمتقدمة، فعلى سبيل المثال بباريس نجدهم كذلك، لكن حكمة السلطة و المجالس هناك وضعت حلا حكيما يفيد كل الأطراف، يستفيد المواطن والبلدية والبائع المتجول.
أن يتم وضع برنامجا أسبوعيا من قبل السلطات المختصة يتمثل في إغلاق طريق أو مرأب كل يوم من 7 صباحا إلى غاية 4 مساءا حتى يستغله الباعة المتجولون لكسب قوتهم اليومي، بعد ذلك تقوم البلدية بتنظيف المكان من مخلفات هؤلاء الباعة. وفي اليوم الموالي تغلق طريقا آخر أو مرأبا آخر في مكان أخر، وهكذا دواليك… لأن الجميع يعرف أن الباعة المتجولين لهم أسر يجب إطعامها، ومشكلتهم تتحملها السلطة المحلية.
أو أن يتم تخصيص مكان بمركز مدينة تنغير كفضاء يتجمع فيه الباعة الجائلين وبتنظيم محكم من قبل السلطة المحلية.
أما المقاربة الأمنية وحدها فلن تؤتي أكلها إطلاقا مدام أصبحت الظاهرة قائمة منذ زمن، فيجب إذن أن نأخذ العبرة من بعض الدول مثل فرنسا أو بلجيكا خاصة بروكسيل التي يتواجد بها عدد مهم من المغاربة و العرب الذين ينشطون في التجارة المتجولة، فنجد سوق الخميس ب”مولنبيك”ببروكسيل-بلجيكا، تقطع فيه مجموعة من الطرق و توضع رهن إشارة الباعة و في المساء تقوم البلدية بالنظافة ويبقى المكان كما كان.
المصدر : https://tinghir.info/?p=21165