محمد عمراوي
عملت الدولة المغربية على تبني مفهوم سياسة جبر الضرر تكفيرا على سياستها الغير العادلة في مختلف المجالات، والتي تصبو من خلالها إلى رد الاعتبار لفئة عريضة من الشعب المغربي التي تعرضت للتنكيل خلال سنوات الرصاص.
نبل أهداف جبر الضرر الجماعي
بمجرد رقن مفهوم جبر الضرر في المواقع المهتمة بالموضوع تتناسل عليك تفاصيل المفهوم وسياقه وأهدافه ونتائجه، وهنا نصادف الكثير من الحيثيات التي تغري فعلا بالمتابعة بل والإشادة بهذه الفكرة التي تعتبر من طرف منظريها بمثابة سابقة في توجهات السياسة العالمية لتحقيق العدالة المجالية.
ولكن على مستوى الواقع والتطبيق نصطدم بالفجوة الكبيرة الموجودة بين الخطاب الرسمي والواقع المعيش، بحيث نستشف فعلا أن هذه الأخيرة مقتصرة فقط على بعض الشكليات المرتبطة بالجانب الإداري (عمالات، إدارات..) رغم أهمية هذه الإنجازات، ولكن الإشكال مرتبط بالمعطيات التي لها علاقة بالإنسان وتطوير الإنسان بشكل مستدام، وعليها نتسأل في هذا السياق: ماذا قدمت سياسة جبر الضرر الجماعي لإنسان المناطق التي عرفت التنكيل والسجون خلال سنوات الرصاص السيئة الذكر؟
تناقضات الخطاب مع الواقع
تتسم أهداف سياسة جبر الضرر الجماعي بالتنوع، إذ تتراوح بين ما هو اقتصادي اجتماعي سياسي إداري، وإذا قمنا بغض الطرف جدلا عن إنجازات الدولة في الجانب الإداري، من خلال تزويد هذه المناطق بالبنيات الإدارية ( تنغير و ميدلت نموذجا)، فإن إنجازات الدولة في الجوانب الأخرى ضعيفة إن لم نقل منعدمة.
فعلى المستوى الصحي مثلا نجد فقرا كبيرا على مستوى البينات الصحية، والأدهى والأمر من ذلك، ما خلقته هذه السياسة ( جبر الضرر) من تناقضات على مستوى الاستفادة من التغطية الصحية على سبيل المثال، فهذه الأخيرة لها ضحايا كثر، بين النسخة الأولى من برنامج (راميد) والنسخة الثانية، فبين النسختين مثلا ظهر ضحايا جدد تم حرمانهم من الإستفادة من التغطية الصحية، على اعتبار أنهم ليسوا من أصلاب ضحايا سنوات الرصاص، مع العلم أن أمهاتهم عانين من ويلات التنكيل في سنوات السبعينات.
ونسوق هنا معطى على سبيل المثال لا الحصر، حيث صدفنا في سياق بحثنا في الموضوع، أرملة تواقة إلى الاستفادة من تعويضات فقدان الزوج التي أرست الحكومة دعائمها، إلا أنها اصطدمت بواقع الاستفادة من التغطية الصحية، حيث يتعامل معها البرنامج المعلوماتي المخصص (لراميد) على أساس كونها موظفة وبالتالي عدم إمكانية الاستفادة من تعويضات كونها أرملة. رغم أنها بعيدة كل البعد عن التوظيف وليس لها أي مدخول.
معطى أخر مرتبط بحرمان زوج إمرأة مستفيدة من التغطية الصحية، وهو ما لا يخول له الاستفادة من نظام (راميد) للتغطية الصحية لنسقط بالتالي في ازدواجية أهداف سياسة جبر الضرر الجماعي، فتارة تمنحك إضافة في مجال، مقابل حرمانك من إيجابيات في مجال أخر.
إلى جانب مشاكل أخرى مرتبطة بالجوانب الاجتماعية وتاهيل الضحايا ماديا و نفسانيا كذلك لاسيما و أن سنوات الرصاص هذه تمخضت عنها نتائج كبيرة.
المصدرمحمد عمراوي
المصدر : https://tinghir.info/?p=20983