الإنتخابات زوبعة عشائرية لا علاقة لها بالبرنامج السياسي

admin
اقلام حرة
admin27 أغسطس 2016
الإنتخابات زوبعة عشائرية لا علاقة لها بالبرنامج السياسي
جمال إحسيني

بالعودة إلى الإرث السقراطي الغني ،فإن مفهوم السياسة من منظوره كان مرتبط بالفن ، بل أكثر من فن ، في أن واحد ،فقد رفض الطرح السفسطائي القائل بأن السياسة فن يقوم على البلاغة،يجلب المال و السلطة و النجاح،بل إعتبارها أحد أعمدة السلوك الإنساني الذي يسعى إلى نشر الخير و التقدم و الإزدهار ، ليس للخيرات الظاهرية ، ومظاهر البذخ و الثراء الذي هو هم كل سياسي في عصرنـا هذا ،لهذا فإن سقراط استوجب في ربان ”المدينة ” أن يكونوا مؤهلين أعلى من الإعداد و من المؤهلات و الكفاءة التي يحتاج إليها ربان السفن من أجل السيطرة على سفنهم و الوصول بها و بركابها إلى بر الأمــان .

لا تسمح هذه المعطيات إلا بإعادة طرح إشكالات الاختيار( الانتخابات) ” للربان”  في دولتنا المغرب ، و هل يمكن الحديث عن ديمقراطية في ظل تصويت أشخاص و (مواطنين) يلعبون جميع الحبال ؟

للإجابة عن هذا السؤال يستلزم الأمر استحضار صورة المواطن المغربي كما رسمها لنا الباحث بول باسكون ، تلك الشخصية المتناقضة و المعقدة التي لا يهمها سوى مصلحتها الشخصية ، تنتظر الفرصة لتكون إلى جانب المنتصر دائما و تشارك في نفس اللعبة، حتى و إن كان ذلك على حساب قلب نسق القيم و خرق المحرمات .

و ما يشد الانتباه اليوم و نحن على أبواب الانتخابات التشريعية ، هو حاجتنا الماسة إلى معرفة المعيار الذي يتم من خلاله انتقاء مرشحي و ممثلي المواطنين في المجالس الجماعية و البرلمانية ؟

نريد من خلال هذا السؤال التأكيد على ان ما يجمع المغاربة هو العلاقات الدموية و العشائرية و ليس البرنامج الإنتخابي و لا مبادئ الأحزاب  ، فرغم إتفاق الكل على ان المغرب خطى خطوة كبيرة التي تكمن في الإنتقال من الطابع التقليدي من علاقات دموية و عشائرية و قبلية إلى مؤسسات مهيكلة و منظمة وفق القوانين التنظيمية الجارية ، إلا  ان الإنتخابات تكشف عن حقيقة مألها أن أسود البشرة سوف يصوت على مرشح أسود البشرة ، و قبيلة ”أيت فلان” أجمعت على الإمتناع عن التصويت لفلان لأن هذا الأخير تعود أصوله إلى قبيلة كانت تربطهم علاقة صراع ما حول ماء أو أرض ..،تحالفات عمياء و متغيرات كثيرة لها ثأثيرات حاسمة في المشهد السياسي المغربي خاصة في العالم القروي .

كيف يمكن للعلاقات الدموية و العشائرية أن تكون عائقا في وجه الديمقراطية ؟

في ظل غياب الأحزاب و ضعف التأطير في مؤسسات المجتمع المدني وعدم وجود برامج سياسية واجتماعية، بالأخص ، فإن  القبيلة مؤسسة  سياسية، تحاول كل عشيرة أن يكون لها ممثل بالبرلمان يحمي مصالحها الضيقة ، لا يهمها  البرامج السياسية ،فالقبيلة الواحدة تتفرع إلى عدة تفرعات كل فرع يتفق على مرشح ويزداد فيهم
” صلة الرحم الفجائي ” والتكاتف والحممية الزائدة تحكمها براغماتية محضة .

إن الظرفية الحالية تحتّم علينا وتلزمنا أن نكون أصحاب رؤية سياسية تنطلق من إيمان ثابت بأن الوطن لجميع أبنائه و أننا كلنا واحد باختلاف ألواننا و باختلاف قبائلنا، وأن السلوك الإلغائي لكل من هو مختلف عني ،جر ويجر على أبناء هذا الوطن الويلات في تنصيب أناس لا يفقهون في السياسة شيء و لاتهمهم المصلحة العامة بقدر ما تهمهم زيادة أرصدة أموالهم و ثرواتهم في الأبناك على حساب مصالحة الشعب .

المصدرجمال إحسيني

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.