بدأ حديثه معنا بـ” تكرفَصة أَخُوياَ…” جملة لخصت كل ما تكبده من معانات و مشاكل عندما قرر السفر إلى “الكابون” من أجل العمل هناك ،( ب ـ ي ) وهو شاب في عقده الثالث فبعد أن تعب من إمتطاء الحافلة لسنين طوال كغيره من أبناء منطقته في اتجاه المدن الرائجة إقتصادياً ، قصد تحسين الأوضاع المادية إلا أن حلمه لم يتحقق بعد.
” يحي ” بعد علمه بخبر وجود شركة مغربية مختصة في مجال بناء المنازل في دولة “الكابون” من طرف صديق له في حاجة الى يد عاملة قصد إلحاقهم بالدولة المذكورة سالفاً للعمال هناك واهمين إياهم براتب وصَفهُ ” يحي” و أصدقائه بالخَيالِي..”
رحلة مجهولة و بدأ المعاناة
“200 درهم كل ما بحوزتي من المال ” يقول يَحيَ ، “إستغرقت الرحلة إلى “ليبرفيل” 5 ساعات بعد الإقلاع من أرصفة مطار محمد الخامس بالدار البيضاء ، هناك إستقبلناَ شخص لا أعرفه و نَقلنَا على متن ” سطافيت زرقاء ” الى منزل وسط العاصمة قضينا ليلة واحدة هناك في أجواء حارة جداًّ وفي الغد” استغرقت رحلتنا 12 ساعة وهي الأطول من نوعها في حياتي أشقها وسط عباب البحر…وبمجرد أن وطأت قدمي تراب “بورت جنتيل” بطبيعتها المغايرة التي لم اعتدها ومناخها المفرط الحرارة في تلك اللحظة:” مَاكرهتش نرجع فلبلاَصَة ” يقول يحي ضاحكاً.
يحي محدثناَ عن أول مشكلة واجهته في بورت جنتيل:”لم يكن أحد يكثرت بنا والحاجة إلى بعض المال كادت أن تسبب في نشوب شجار بيني وبين الشخص الذي نَقَلناَ من” لبروفيل” صوب “بورت جنتيل” ، بعد أن أحكمت قبضة يمناي على قميصه و أجبرته على إعطائي بعضا من المال ، وفعلاً ” أعَطَانِي مبلغ 200درهم جبرت بها وضعيتي…”.
إستمرار المعاناة و إضراب عجَّل بالعودة
معاناة تزداد يوم بعد يوم ، و الجوع يخيم على جلّ العمَّال لأن الطعام الذي يقدم لنا من مطبخ تابع للشركة التي يعمل بها العمال المهاجرون كان شحيحا لا يسد الرمق ، ولا يسمن ولا يغني من جوع ، ففطور الصباح مثلا يختصر في بيضة واحدة و” كوميرا” وضع استنكره العمال ، وقس عليها بقية الوجبات التي وصفت على لسان العمال بالغير صحية.
في هذه الأثناء يقول (ب ـ ي ) :” رغم الظروف و المعاناة الجدّ صعبة ، إلاَ أننا صمدنا وتجاوزنا تلك المعاناة ، و الشيء الذي عجلّ باضرابنا رفض الشركة تسليم المستحقات المالية التي لا تزال عالقة عندها.”
وهنا خرج عشرات من العمال أغلبهم مغاربة و من مدن مختلفة وقرروا خوض إضراب يحتجون من خلاله على اللامبالاة التي يتعرضون لها من طرف الشركة طالبين إياها مستحقاتهم. الشيء الذي لم يرق للمسؤول الأول في الشركة فقام بابتزاز العمال بكلام نابي مردداً بالدرجة المغربية غًضِباً ” بغِيتُوا تخرجوُ علياَ… !!!”
“غضبه لم يقف عند هذا الحد فامتدت يده لتكسر التلفاز المتواجد داخل مسكن العمال ، وبدأ يجلب كل يوم تذاكر سفر بالطائرة لترحيل العمال الى المغرب دون تسليمهم لمستحقاتهم المالية ،وكنت من بين الأوائل الذين غادروا الكابون في إتجاه مطار محمد الخامس ” يقول ( ب ـ ي) .
ويختم ( ب ـ ي ) كلامه معنا ” غادرنا المغرب خالي الوفاض و عدنا بنفس الحالة ، الشركة لم تدفع لنا بعد ما علق عندها من مستحقاتنا المالية، وفي هذا السياق نناشدُ كافّة الجهات المعنيّة من أجل التدخل و إنصافنا
لحسن سويري
المصدر : https://tinghir.info/?p=1928