وطني الذي يعاقب المعتر والفقير لا يفلت فرصة الايقاع بالفقراء في قفص التهميش والاقصاء الممنهج الذي لا تتقن أجهزته إلا هذا الفن المعفن. وطن يظل يفكر في المشكل بدل الحل.وكل ترساناته الفكرية والعقلية والشيطانية من أجل إعادة إنتاج الفقر والمفقرين، يده طويلة وغليظة على الطبقة المسحوقة وقصيرة على الحق والعدل وإنصاف المظلوم.
في الوقت الذي يعيش فيه ملايين منهم، تحت رحمة التهميش، ويتعاطون حبوب منع السعادة التي توزعها الأنظمة، ويضطرون، بسبب الفقر ، إلى بيع لحومهم في مواسم السياحة التي تحولت إلى مواسم دعارة رسمية تلفّت يمنة ويسرة ستجد التعـيس مستمرا في التعاسة والنـدب، إنه تحالف من كل الجوانب الطبيعية والمخزنية قلة المواصلات وشح المياه والتجهيزات وبعد المرافق العمومية وغلاء الأسعار وضعف المدخول والحكرة المتعمدة وأخرى تشتغل على حرق المواطن المحب لوطنه والسعيد غاية السعادة كلما تحقق له حق من حقوقه الذي يحصل عليه بعد أن تكوى جباهه وجنوبه وظهوره والتي هي أصل يجب أن توفر له في بلد يعز اللص والمفسد ويذل خدامه الاوفياء كحق من الحقوق الواجب توفرها.
كل الدول التي تدعي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في أوطاننا العربية والإسلامية لها هذه البنود لحماية المواطن من السعادة:
ويتمثل البند الأول في ضرورة اخضاع المواطن لأقصى أنواع التعذيب النفسي من خلال جعل راتبه الشهري متأخرا و ترقيته ينقصها المراجعة الإدارية والمالية لأعوام عديدة وأزمنة مديدة تصل إلى حد ما بعد التقاعد أو الموت وكذا الأقدمية وعدم تحقيق مطالبه في الحين إلا بعد انصرام الزمن الكافي باصابته بأحد الأمراض العصبية الناتجة عن ذلك.مع الإنعام عليه بعد كل ذلك بدراهم تزيد من حدة الفقصة الجيبية والشرائية.
البند الثاني:هي العمل على تعطيل مصالحه في جميع المسالك الإدارية قبل الولادة وحتى بعد الوفاة وجعل ما بينهما جحيما لا يطاق من التنقل وكثرة الوثائق والمصادقة عليها واستعصائها ما أمكن ليخرج مواطنا سالما من كل المشائب التي تطال المواطن الصالح المحب لوطنه وأن نتمم له السعادة بعبارات معلقة على كل جدران المؤسسات التي فعلا لا تقدم خدمات مقبولة أو راض عنها (الإدارة في خدمة المواطن).
ثالث البنود من بنود منع السعادة : تتمثل في ترك المواطن المريض على حافة الموت رغم توفر الأجهزة والمعدات وفي أقصى الحالات التي تدعي التدخل لإنقاذ حياته كيفما كان جنسه أو فصيلته من فصائل المستضعفين وبالمقابل فتح مستشفيات كبرى بجانبه تخصص لأبناء الوطن المستلهبين لخيراته وثرواته دون رقيب ولا حسيب.
ونأتي على جعل المدرسة لهم سجنا الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود مع الحرص على ترك كل أثر يجنبه التعلم الجيد أو فهم الدرس حتى وإن كان درس العربية يشرح بصيغ كأنها الصينية أو الهندية,حتى ينشأ التلميذ غير قادر على تكوين جملة مفيدة سوى التي تلقاها في الشارع الذي صنعته لوبياتهم أو قنوات صرفهم الصحي عبر الأقمار الصناعية ضمن البند الرابع من قوانين منع السعادة على المواطن.
غض الطرف عن الفساد والمفسدين بند من بنود منع السعادة الخامس وإن كانت جرائمهم مكتملة الأركان ولا تخفى على أحد والأدهى والأمر هو خروجهم من تلك الورطة سالمين غانمين وتعتذر لهم الدولة بشكل علني وتعويضهم ماديا ومعنويا حد التخمة.
وجعل المفضح لهم أو المسرب لأفعالهم محاصرا ومطرودا ومغضوبا عليه إلى يوم الدين.مع تضييق الخناق عليه حتى يفكر في الموت أو الإنتحار أو يفعلها فعلا في أبشع الصور التي تشرئب منها القلوب.
هي جملة يسيرة ونزر قليل من قوانين منع السعادة والاحساس بالغربة داخل الوطن وتضييق الحريات والمحاصرة حتى وإن كان بائع صغير رأسماله 10 دراهم فما أسفل تحت الحر أو البرد القارس من أجل توفير لقمة عيش كريم حلالا طيبا مباركا فيه لأبنائه الصغار وأمه المريضة وأبيه المطرد من العمل وإخوته المعطلين وأخواته الأرامل والمحرومات, ليأتي من يحاربه كأنه مجرم سفاح يقلب عليه عربته ويشبعه بوابل من الشتائم واللكمات.
عليك أن تتلقى كل ذللك بقلب يطفح بحب الوطن والغيرة عليه وألا تفكر في هجرته أو الإبتعاد عنه لأن ذلك من نكران الجميل المسدى لك وأن تنتظر الفرج من الرب الرحيم أو تموت دون ذلك.
لعلها صرخة ألم للنجاة من الواقع المظلم فقد صرنا عبيدا للمعاناة والأحزان ألفناها حتى اعتقدنا أنها هي السعادة وغيرنا في الجهالة ينعم,صرخة آباء وأمهات مزقتهم دروب الحياة الموحشة فقد سئمنا المعاناة ومن يجاريها كرهنا محطميي القلوب ومن معهم حتى أصبحنا كرة تتقاذفها الآلام والجروح وتتلاعبها الاقصاءات والتهميئات.
المصدر : https://tinghir.info/?p=18844