بعد أن تأكد طبيا و ميدانيا وجود حالات كثيرة من المصابين بمرض “الليشمانيوز” بأحياء بلدية قلعة امكونة (ميرنة، حي السلام، حي النهضة ….) و التي تم علاجها بفضل الله و يقظة عائلات المصابين و المسؤولين على القطاع الصحي بالمنطقة، و التي حالت و الحمد لله دون انتقال العدوى من أشخاص مصابين إلى غيرهم.
و بالرجوع إلى المراجع و الأبحاث الطبية المتخصصة فقد أجمعت كلها أن مرض “الليشمانيوز”” من الناحية الطبية هو مرض طفيلي يتسبب فيه نوع من البكتيريا يسمى بـ”الليشمانيا”، حيث تهاجم هذه البكتيريا الخلايا التي لها دور في القضاء على الجراثيم ومختلف أنواع البكتيريا الضارة التي يمكن أن تدخل إلى جسم الإنسان لاسيما الخلايا البالعة التي تتولى عملية بلع الجسم الغريب الذي يمكن أن يدخل الجسم، و هو مرض يشترك فيه كل من الإنسان والحيوان، وتنتقل “الليشمانيوز” عن طريق ما يعرف بـ”فليبوتوم”، وهي حشرة لافقارية لها إمكانية اختراق الدم، حيث تتكاثر بعد ما تلسع الإنسان أو حتى الحيوانات الأخرى ما يزيد في انتقال المرض من إنسان مصاب إلى آخر سليم عبر التقرحات الجلدية أو عن طريق الدم أو بتبادل الحقن بالنسبة لمتعاطي المخدرات.
وعن أكثر الفئات عرضة للإصابة بهذا المرض، فيؤكد الأخصائيون أن المرض يمكن أن يصيب جميع الفئات العمرية، فالجميع يمكن أن يصاب بالمرض دون أية استثناءات.
و من خصائص هذا الجسم الطفيلي المسبب لمرض “الليشمانيوز” أنه يعيش دورة كاملة لما يدخل في جسم الإنسان ومختلف الحيوانات الفقارية الأخرى، وحسب شرح الأخصائيين فالمرض له شكلان واضحان، منه ما هو سهمي وذلك من أجل أن يتحرك بسهولة ويدخل إلى جسم الإنسان، حيث وعند امتصاص الحشرة للدم تنتقل البكتيريا مع الدم إلى المعدة، التي تغير شكله، ثم إلى الأمعاء، كما يوجد منه النوع الخطير الذي يؤثر على الأجهزة الداخلية للجسم، حيث تبدأ الإصابة عند الإنسان بطفح طفيلي في جسمه بواسطة تلك الحشرة الحاملة فيتخذ من الخلايا البشرية مكانا للتكاثر وهو في شكله النهائي الذي يجعل حجم الخلية يكبر لتنفجر مفرزة الطفيليات الصغيرة التي تدخل إلى الخلايا الأخرى لتخربه ويصبح الدم و اللمف في النهاية ملوثين.
و وصفت الكثير من الأبحاث الطبية عند حديثها عن أعراض هذا المرض أنها معقدة وقد يكون المستهدف إما إنسانا أو حتى حيوانا من فئة الثديات، وتتمثل أعراضه الواضحة في وجود جفاف في الجلد، ولكن يتعدى ذلك إلى شعور الفرد بحمى وتستمر لمدة طويلة قد تتعدى الشهر، انتفاخ الطحال، فقر الدم، انتفاخ الكبد، وحبيبات الجلد مصحوبة بعدم استقرار في الجسم مع الشعور بالتعب الشديد، إضافة إلى وجود مشاكل في الهضم ونقص في الوزن مع احتمال حصول تعقيدات في الكلى والرئتين.
و من أهم مصادر الإصابة بمرض “الليشمانيوز” الاحتكاك بمختلف الحيوانات، حيث تعتبر بعض الحيوانات مثل الكلاب، الحشرات و بعض أنواع الذباب وحتى مختلف القوارض، خاصة الجرذان، مصدرا رئيسيا لبكتيريا “الليشمانيا” التي تتسبب في الطفح الجلدي، كما يمكن أن تحدث الإصابة عن طريق العدوى من إنسان مصاب، كما ينتشر ذات المرض في الأماكن القريبة من المسطحات المائية كمستنقعات المياه الآسنة و حتى في المناطق الرعوية التي تكثر فيها الحيوانات البرية، ويوجد أيضا نوع من الذباب الذي يطير دون أن يصدر صوتا والذي يعد من أهم الحشرات التي يمكن أن تحتوي على البكتيريا المسببة للمرض، حيث تكثر في فصل الصيف وتتغذى عن طريق لدغ الفرد أو الحيوان وبالتالي تضع بكتيريا “الليشمانيا” على جلده ثم تتكاثر وعادة ما تبدأ الأعراض على شكل بقعة حمراء، ثم تتطور إلى طفح جلدي يشكل التهاب ينتشر في جسم المصاب بشكل تدريجي.
و أكد الأخصائيون في الأمراض الجلدية والتناسلية أن مرض “الليشمانيوز” يعتمد على العلاج الكيميائي الذي أثبت فعاليته في معالجة الأوبئة، حيث إن الشفاء يمكن أن يكون بصورة تلقائية إذا كان مجرد نوع من التقرح الجلدي ولم تتطور الأعراض إلى مختلف أنسجة الجسم الأخرى غير المصابة، ولكن يمكن أن يواجه الفرد خطر الوفاة إذا وصلت إلى الأجهزة البيولوجية داخل الجسم”.
و بالتالي نستخلص من كل ما ذكر أنه يصعب في كثير من الأحيان أن تكون هناك وقاية من تلك الحشرات التي تحمل المرض المذكور، ولكن يمكن مراعاة تجنب وجود الحشرات المختلفة عن طريق استعمال المبيدات الحشرية، إضافة إلى تجنب الاحتكاك بمختلف أنواع الحيوانات الأليفة، كما أنه وفي حال وجود الأعراض السابقة فإن المرض يحتاج إلى التشخيص المبكر والعلاج من أجل تجنب انتقاله إلى باقي الأفراد، حيث إن عوامل الوقاية تنطلق من توفير نظافة المحيط، كما على سكان البوادي الحرص على حملات رش الحقول والمزارع حتى لا تتوفر ظروف عيش بعض الحيوانات المسببة لانتقال البكتيريا وبالتالي الحد من إمكانية انتشار المرض، خاصة أمام ارتفاع درجات الحرارة.
لذا فان المطرح البلدي العشوائي و محطة تجميع المياه العادمة يمكن أن يشكلان حاضنتان أساسيتان لتوالد جميع الطفيليات و أخطرها “الليشمانيا” خصوصا أن الجهات المسؤولة ببلدية قلعة امكونة نفت نفيا قاطعا وجود أية أخطار صحية تنبعثان من المطرح البلدي بحي ميرنة و محطة تجميع المياه الآسنة بحي النهضة يمكنهما تهديد السلامة الجسدية لساكنة قلعة امكونة. لكن هذا النفي يدحضه قطعا وجود حالات كثيرة مؤكدة أصيبت بمرض “الليشمانيوز”، بعضها تلقى العلاج و البعض الآخر لا يزال يعاني في صمت دون أن يعرف سبب إصابته بالعدوى.
و نحذر جميع ساكنة قلعة امكونة خصوصا القريبين من النقط السوداء الملوثة خصوصا أماكن الازبال و أماكن تجميع المياه العادمة، اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لوقاية أنفسهم و أسرهم من شر هذا المرض الخطير دون انتظار الجهات المسؤولة ببلدية قلعة امكونة.
المصدر : https://tinghir.info/?p=18704