بحضور ثلة من الباحثين والسياسيين وطلبة، نظمت حركة تنوير ندوة وطنية في موضوع “هل تجاوز المغرب سنوات الرصاص”، وذلك يومه الأربعاء 18 أبريل 2016، ابتداء من الساعة 16 بالمعهد العالي للإعلام والصحافة. افتتحت الندوة بكلمة للسيدة مريم عصيد ممثلة عن حركة تنوير، التي ذكرت بسياقات اختيار موضوع سنوات الرصاص، وأنه يأتي في سياق التفاعل مع تقارير وطنية وخارجية حول وضعية حقوق الإنسان ببلادنا.
من جهته، وفي كلمة أولى لفت الداعية الإسلامي محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بأبي حفص، النظر إلى ما يعيشه المغرب اليوم وإلى ما عشه أثناء ما كان يعرف بسنوات الرصاص، مؤكدا أن المملكة قطعت أشواطا في مجال الحقوق والحريات.
مضيفا أن “سنوات الرصاص مصطلح إعلامي يستخدم لتحقيب فترة زمنية عرفت بصراع داخلي، فشلت الدولة آنذاك في تدبيره، ولا يمكن مقارنته بـ”أحداث 16 ماي”، نظرا لأن السياق مختلف، رغم أن هذه الفترة عرفت انتهاكا كبيرا جدا لحقوق الإنسان.
وأكد المعتقل السابق الذي عايش هذه الأحداث أنه وقف على هذه الانتهاكات والتعذيب وآثاره، الكل كان ضحية هذه التجاوزات، سواء المتورطون أو الأبرياء الذين حصدتهم الحملات الأمنية العشوائية خلال تلك الفترة، مشددا على أن الجميع “تعرض لمحاكمات ليست فيها أدنى شروط العدالة”.
وفي السياق ذاته، أكد الداعية ذاته أن “على المغرب إذا أراد أن يطوي صفحة الماضي أن ينصف الضحايا الأبرياء الذين طالتهم الاعتقالات العشوائية، والذين يقبعون في السجن إلى حد الآن”، مشيرا إلى أنه من بين السجناء من “وقع ضحية لفكر معين، وهم الآن في حاجة إلى حوار وإعادة إدماج، نظرا لكونهم أبدوا رغبتهم في العودة إلى الوطن”، لكن صرخاتهم “لا تجد أي آذان صاغية”، على حد تعبيره.
وأشار رفيقي، خلال تدخله في ندوة “هل تجاوز المغرب سنوات الرصاص؟”، إلى أن “الشروط التي أنجبت سنوات الرصاص ليست نفسها الشروط التي أنتجت انتهاكات أحداث 16 ماي”، وطالب في السياق ذاته بإحداث هيئة شبيهة بهيئة الإنصاف والمصالحة. “وإن كان الأمر صعب التحقق بعد عشر سنوات، لكن الأمر لا يعفي لا الدولة من الانتهاكات والتجاوزات التي حصلت في الملف، ولا المجتمع المدني والسياسي من اقتراح بدائل منصفة وعادلة تغلق هذا الملف والانتهاكات التي حصلت فيه”، يقول الداعية.
وخلص أبو حفص إلى أن الفضل في ما نعرفه اليوم من اتساع في هامش الحقوق والحريات يعود إلى التضحيات التي قام بها رواد الحركة الوطنية، من يساريين وتقدميين، وهبوا أرواحهم لخدمة الوطن”، مؤكدا أنه في الوقت الذي كان “معتقلو 16 ماي” في أمس الحاجة إلى من يترافع عنهم، كانت “الحقوقية الراحلة أسية الوديع تدخل السجن في منتصف الليل، من أجل المرافعة عن حقوقهم، وهي التي كانت تخالفهم تماما في الفكر والإديولوجيا”؛ مطالبا الإسلاميين بـ”الاعتراف بفضل هذه القوى، وبالدماء التي بذلوها من أجل أن يصل المغرب إلى هذا الهامش من الحقوق”.
المعتقل السابق شدد في ندوة حركة تنوي على أن “ما بذلته هذه الحركة من تضحيات يجب أن يبقى إرثا وطنيا، غير قابل لأي مزايدة سياسية، وليس من حق أي حزب أو جهة أن تركب على هذه القضية”؛ وهو ما جعله “أول شروط تحقيق مبدأ التعددية وتكريس قيم الكرامة والحرية التي ناضل من أجلها هؤلاء”.
أما الأمينة العامة للاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، فقد نفت أن يكون المغرب قد تجاوز سنوات الرصاص بقولها “لمغرب لازال يعيش سنوات الرصاص، لأن التوصيات التي جاءت بها هيئة الإنصاف والمصالحة لم تطبق على أرض الواقع”
وأردفت المتحدثة أن “الهيئة التي جاءت بمجموعة من النقاط الإيجابية، وأهمها الخروج بتوصيات مهمة، لم تستطع أن تؤسس للعدالة الانتقالية كما فعلت ذلك هيئات في بلدان أخرى”، مؤكدة أن “الهيئة استمعت لمجموعة من الأشخاص الذين تضرروا من سنوات الرصاص، لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار شهادات الجلادين”.
الأستاذة الجامعية، قالت إنه “في الوقت الذي كان ينتظر الجميع معاقبة هؤلاء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أو على الأقل عزلهم من مناصبهم، تم الإبقاء عليهم وبقيت معهم التوصيات معلقة”.
وأكدت، أن المغرب “لم يأخذ بعين الاعتبار إحدى التوصيات المهمة لهيئة الإنصاف والمصالحة، والمتمثلة في ضرورة تقوية دولة الحق والقانون، وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بالنضال، حتى ينتهي الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة؛ علاوة على إقرار مبدأ فصل السلط، الذي من شأنه أن يضمن نزاهة القضاء”.
واتهمت المتحدثة الدولة بـ”الالتفاف على مطالب حركة 20 فبراير، التي جاءت بمطالب مهمة، من بينها القيام بمراجعة جذرية للدستور، حتى يحترم شرطا أساسيا لديمقراطية الدساتير، وهو مبدأ فصل السلط”، مشيرة إلى أن “جهات خارجية تدخلت لإجهاض حلم الثورات التي جاءت في سياق الربيع الديمقراطي”.
وما يمكن ملاحظته بعد دستور 2011، حسب منيب، هو “عودة الفساد والاستبداد بقوة، علاوة على انتهاك حقوق الإنسان والضرب بالمكتسبات في هذا المجال”.
في السياق ذاته أكدت الفاعلة السياسية أن المغرب “لا يوفر الشروط لإحقاق الحقوق، نظرا لأنه وقع على مجموعة من المعاهدات الدولية التي لم يلتزم بها”، مشيرة إلى أن “المغرب، وإن قال بسمو المعاهدات الدولية على القوانين الوطنية، فإن هناك مشكلا على مستوى التنفيذ، ما يعكسه نص الدستور الذي يعتبر أن المعاهدات الدولية تسمو على القوانين الوطنية حين المصادقة عليها، بالشكل الذي لا يتعارض مع ثوابت الأمة”؛ وهو ما شبهته منيب بـ”من يسلمك شيئا في يدك ثم يسلبه منك بعد ذلك”، معتبرة الأمر “ضربا خطيرا للحقوق والحريات”.
وشددت منيب على أن “الشعب المغربي يستحق أن ينتقل إلى دولة الحق والقانون”، والقطع مع “السنوات الحالكة التي أريقت خلالها دماء الشهداء”، مستطردة بأن “المغرب الديمقراطي لا يمكن أن يتحقق إلا بمساهمة الجميع، إذ لا يمكن للشباب أن يبقى متفرجا سليبا”، داعية إلى “تحمل المسؤولية والانخراط على جميع المستويات من أجل تحقيق المطالب التي أسست لها حركة 20 فبراير”.
ربط الاستاذ احمد عصيد بين استمرار عدة مؤشرات كانت تميز سلوك الدولة في المغرب والاجابة على سؤال هل تجاوز المغرب سنوات الرصاص؟
واضاف الحقوقي الامازيغي خلال ندوة في المعهد العالي للإعلام والاتصال ان فحص مدى قطع السلطة مع تلك الممارسات هو الكفيل بالتحقق من تجاوزنا لهذه الفترة والانصاف يتطلب تكرار ما مضى و اجمل مؤشرات سنوات الرصاص فيما يلي
– الدولة كانت تسير بالتعليمات التي ترضخ لمزاجية الحاكم وليس بالقانون
– السلطة كانت تنتقم من جهات وفئات لفرض هيمنتها
– السلطة كانت تعطي نفسها حق ممارسة الاختطاف والتعذيب
– المحاكمات كانت صورية بعيدة عن معايير العدالة وكان الحكم يصدر قبل المحاكمة
– الدولة كانت تفرض رقابة مشددة الصحافة والاعلام وتتدخل فيه
– الدولة كانت تمارس العنف لفرض هيبة الدولة، وتخويف المواطن
– الدولة كانت تعتبر الشعب قاصر وغير ناضج وبالتالي لا يستحق الديمقراطية
– الدولة كانت تمارس العنف الرمزي والمادي
– مؤسسات الدولة كانت تعرف فسادا في كل المجالات
– الاستعمال المفرض للدين كشكل من اشكال الاستبداد
وفي الاخير خلص الاستاذ عصيد الى كون فحصنا لهذه العناصر التي كانت تميز سلوك الدولة تجعلنا نصل لحقيقة ان المغرب لم يقطع مع سنوات الرصاص، وستدل على ذلك بكون التعديل الدستوري لسنة2011 وقع في ظل الاستمرارية باعتراف الدولة ذاتها، وان سياد منطق تسيير الدولة بالتعليمات لا زال سائدا، والتعذيب مستمر وان قل، والمحاكمات الصورية متعددة والاحكام تصدر غير متوافقة مع العقل والمنطق، والرقابة على وسائل الاعلام في استمرار، وان تغيرت الاساليب، وهنا استدل بالصحفي هشام منصورى الذي حوكم بتهمة الزنا ، لأنه كان يريد تنظيم تدريب حول صحافة التحقيق.
وقال ” بأن فساد المؤسسات تشهد عليه الملفات التي يتم الكشف عنها يوميا، واستعمال الدولة للدين للتضيق على الحريات العامة واقع، والايجابيات التي يتحدث عنها محاصرة بخطوط حمراء، وهناك مفارقة كبيرة جدا بين شعارات الدولة البراقة والممارسة الواقعية، في قضية الصحراء السلطة تحتكر القرار وعندما ينسد الافق او يحدث شيئا ما تطالب الشعب بالخروج الى الشارع”
ووصف “دستور 2011 ، بالمتناقض والمفتوح على تأويلات متعددة مختلف تحول دونه والتطبيق على مستوى الواقع”.
المصدر : https://tinghir.info/?p=18515