ألعابٌ وتشتيتٌ وحشيشٌ واغتصابٌ رسميٌّ في تنغير

admin
آخر الأخبارمحلية
admin8 أبريل 2016
ألعابٌ وتشتيتٌ وحشيشٌ واغتصابٌ رسميٌّ في تنغير

عندما وضعتُ رِجلي في تنغيرَ، مررتُ في شارعها الرئيسيِّ. بدا لي الصَّخَبُ خلفَ المركبِ السوسيو-رياضي التابع لمديرية الشبيبة والرياضة، على بعد أقلِّ من مائةِ مترٍ من المديرية الإقليمية للتربية الوطنيةِ والتكوين المهني، ومن مركز الشرطة بالمدينة. ولجتُ المكانَ. أطفالٌ يقفزون هنا وهناك فرحين رفقة أمهاتهم وآبائهم، وشبابٌ متفاوتو الأعمارِ، وجُلُّهم في سنِّ المراهَقةِ لا تعنيهم الألعابُ التي يُوفِّرُها ملهىً للألعابِ (لاَفْوارْ) نُصِّبَ هناك حيثُ يُنصَّبُ كلَّ سنةٍ في الوقت الذي يحتاج فيه التلاميذ للتركيز أكثرَ على دراستهم، بقدرِ ما يعنيهم الحصول على أرقام هواتف الفتيات. هم مراهقون على كلِّ حالٍ، يمارسون شيئاً يتماشى مع مرحلتهم العمرية. كما بدا لي أصحابُ عرباتٍ مُتنقِّلةٍ يبيعون قطع الحلوى، و‘‘الزريعة’’، وحبوب الذرى. لا يعنيهم إن كانت قطع الحلوى التي يبيعونها صحية أم غيرَ صحيةٍ. المهم أن يبيعوا ليحصلوا على ما يشترون به قطعةَ خبزٍ لأولادهم، فهي فرصتُهم التي قد لا تُعوّضُ في مدينةٍ مات فيها كلُّ شيءٍ، ونَدُرَتْ فيها فرَصُ الشغل أمام فشلِ المدبِّرين لشؤون الإقليم لمحاربة تنامي البطالة هنا.

بدا لي رجلٌ بلباس الأمن الوطنيِّ رفقة آخرَ تابعٍ للقوات المساعدة يحاولان الحفاظَ على الأمن، وتوفير جوِّ اللعبِ في أمنٍ واستقرارٍ. وفي المكان نفسِه، بدا لي شبابٌ يتبادلون قِطَعَ الحشيشِ، فتلك الزحمةُ فرصةٌ لهم أيضاً لممارسةِ مبادلاتهم التجارية دون أن ينتبِه أحدٌ.

كلُّ هذا يبدو عادياً، وإنْ كان غيرَ سليمٍ. لكن ينبغي أن نضيفَ مكان تنصيبِ ملهى الألعابِ السنويِّ هذا؛ فقد حطَّ رحالَه هذه السنةَ خلفَ مكانٍ مهجورٍ كلُّه خراباتٌ وكأنَّ لسانَ حالِ الذين رخَّصوا لأصحابِ المشروع اللَّعِبِيِّ في هذا المكان يقول:

«أيها المراهقون، من اصطاد منكم جسداً، فها هي ذِهِ الخراباتُ المهجورةُ التي لن يراكم فيها أحدكم قد قربناها لكم!

أيها المحشِّشُونَ، والمُحشَّشون، خُذوا نِتْراتِكُم من دخان الحشيشِ في هذه الخرابات!».

ملهىً مُشتِّتٌ للتلاميذ في مرحلةٍ اقتربتْ فيها الامتحانات الإشهادية، حيث يحتاجون للتركيز أكثرَ، والمديريةُ الإقليميةُ للتربية الوطنيةِ شاهدةٌ على المهزَلة.

ملهىً يملأُ فراغَ الشبابِ في مدينةٍ لا تُشجَّعُ فيها المبادرات الشبابية الجادةُ في تكوين وتأطير الشباب، والمديرية الإقليمية للشبيبة والرياضة شاهدةٌ على المهزلة.

ملهىً تُروَّجُ فيه الممنوعاتُ، ويفتقِر لكل شروطٍ السلامةِ الجسدية والصحية، وربما النفسية، والأمنُ شاهدٌ على المهزلة.

ملهىً يُلهي عن كلِّ شيءٍ، ولا يُحقِّقُ شيئاً، والمرخِّصون له شاهدون على المهزلةِ. ونحن شاهدون على كلِّ شيءٍ.

المصدرسليمان محمود

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.