استطاعت عدد من الجمعيات النشيطة بإقليم تنغير توفير عدد مهم من الحافلات وسيارات النقل المدرسي وذلك تلبية لحاجيات الساكنة ومساهمة منها في محاربة الهدر المدرسي وتوفير أبسط شروط التنقل لمتابعة الدراسة بالمؤسسات التعليمية ولو بشكل متواضع.
وتمكنت هذه الجمعيات بفضل إمكاناتها المتاحة والمتواضعة من استقطاب أموال وتوجيهها لدعم التمدرس عبر الاستفادة من دعم برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالأساس وعدد من موارد المانحين والشركاء والجماعات الترابية وهي مسطرة سهلة لا تحتاج إلى المستحيل في ظل المواكبة والتجارب السابقة.
وتتواجد بتنغير وبومالن على سبيل المثال جمعيات رائدة وجماعات ترابية استطاعت الاستفادة من عدد مهم من السيارات وحافلات النقل المدرسي بفضل المجهودات التي يقوم بها مسيروا هذه الجمعيات والجماعات ويحسب لهم ذلك وغيرتهم على مناطقهم.
في حين بقيت بعض المناطق النائية التي كان يمكن أن تستفيد من هذه البرامج الموجهة بالخصوص لهذه الفئات الهشة دون استفادة تذكر وظل التلاميذ في عزلة حقيقية ويواجهون معاناة التنقل يوميا أمام أنظار الفعاليات المدنية والمنتخبين بهذه الجماعات ولا من يحرك ساكنا.
ويعزى ذلك بالأساس إلى ضعف المجتمع المدني وتأطير الجمعيات بهذا الخصوص، بالإضافة إلى عدم إيلاء المجالس المنتخبة والمنتخبين للأهمية المطلوبة لهذا القطاع ويتحملون فيه كامل المسؤولية، وبالتالي عدم الاستفادة من البرامج الوطنية ودعم الصناديق والوزارات والمانحين والتفكير في توفير الشروط الضرورية لمتابعة أبنائهم للدراسة وتحقيق النجاح.
القصور والمسؤولية تتحملها الساكنة ومواطنوا هذه المناطق النائية بدرجة أولى وهم من ينتخبون المسؤولين الفاسدين وغير المكترثين لحال أبنائهم وتقتلهم النعرات القبلية والسياسية ويغرقون مناطقهم في الجهل والعتمة ويحرمونهم من تحقيق التنمية المنشودة لعشرات السنين.
لا أفهم أن يبادر الناس إلى الاحتجاج وتنظيم المسيرات في اتجاه مؤسسة معينة وطلب توفير النقل المدرسي في حين أنه من أولويات المجتمع المدني والجماعات الترابية المعنية والتي تستطيع الترافع وتقديم ملف متكامل للاستفادة من النقل أو توفير شروط متابعة الدراسة وتوفير مشاريع أخرى وربما تتطلب موارد أكبر، وما إن تتم عرقلته إلا وكان الاحتجاج والاستفسار السبيل للترافع عن الملف والقضايا بشكل مسؤول.
لم أكن أرغب في الخوض في إثارة هذا الموضوع عقب فاجعة حادثة سير امصيسي الأليمة والتي ذهبت فيه فتاة في مقتبل العمر ضحية وسقط فيها العشرات بجروح وكسور خطيرة احتراما لمشاعر الجميع. لقد أحسست بالفاجعة عندما علمت أن أجيالا من الأطفال كانوا يقدمون على ركوب الشاحنات والجميع على علم بذلك من مواطنين ومجالس منتخبة وفعاليات المجتمع المدني والسلطات المحلية واستمر هذا السلوك لسنوات، وظل الكثيرون ينتقدون ويبكون فمن يتحمل المسؤولية وراء ذلك ؟
من وجهة نظري أعتقد أن الساكنة كان عليها لزاما وانطلاقا من أدوار المجتمع المدني تقديم الترافع لدى المجلس المنتخب الذي يمثلهم والذي صوتوا عليه من أجل توفير النقل المدرسي لفائدة تلاميذهم، وكان أيضا حريا بالمجلس المنتخب الحالي أو السابق أن يبادر إلى تقديم ملفات لرفع الهشاشة ودعم التمدرس ورصد الميزانية الكفيلة باقتناء سيارات وحافلات للنقل المدرسي وهي أولى أولوياته إن كان فعلا يهتم للنهوض بشؤون المنطقة.
وكان على السلطات المحلية وضع حد لهذا السلوك غير السليم الذي خلف فاجعة منذ الوهلة الأولى رغم أنها قد تكون أخذت باعتبارات التساهل وغض الطرف عن هذه التصرفات غير القانونية، لأن القائد والدركي ليس من صلاحياته أمر رئيس المجلس الجماعي المنتخب بضرورة اقتناء سيارة للنقل المدرسي لفائدة التلاميذ ولا أعتقد أن أي رجل سلطة أو مسؤول يحترم نفسه قد يتجرأ يوما ويرغب في فرض الوصاية على مجلس منتخب ولو كان فيه صالح الناس لأنه يقتصر على حدود تدخلاته فقط ؟؟
إذن ومن خلال هذه القراءة البسيطة والمتواضعة أعتقد أن التلاميذ الضحايا أبناؤنا جميعا وتلاميذ كل المناطق النائية الذين يعانون يوميا من مشكل التنقل المدرسي. ولذلك وجب على الساكنة التفكير بحزم والضغط على المجالس المنتخبة من أجل القيام بأدوارها الكاملة وحث فعاليات المجتمع المدني من أجل النشاط والتحرك والدفع بعجلة اقتراح المشاريع لدى المجالس وفرض المتابعة والترافع عوض الاتكالية والإهمال والانتظار الذي يخلف المآسي والضحايا.
أما الدولة العميقة وأجهزتها فأقول لها بصراحة أن المنطقة تحتاج إلى رعاية خاصة واستثنائية كي تستدرك ما فاتها من قطار التنمية، ولا يستحق الناس المآسي والآلام عقابا لأنهم ينتخبون المسؤولين الأميين والفاسدين من أبناء مناطقهم.
المصدر : https://tinghir.info/?p=17416