كنتُ فِعلا بدأت كتابة هذه المقالة المُسْتعجلة وعَنْوَنتها بسَاعة في الجحيم. ولمْ أقصد به الحديث عن السلسلة التلفزية المَعروفة، وإنما عن الساعة الزمنية الإضافية التي تغتصِبُ بها الحُكومة زمَن العِباد كل سنة، مُدعية أن الزيادة ،دائما، في كل شيء فيه بركة وخير. وهو وهْمٌ خطير يتِمُ خِداع المَغاربة ِبه كل سَنة.
أبدأ بحُجَج الحُكومة المزعُومة وكل أجهزتها التي تلُوكُ الخطاب نفسَهُ، وتنبَري بكُل وقاحة لإعلان هذا الفتح العظيم، مُعتقدة ان تفعيل زيادة سَاعة زمنية على التوقيت الرسمي المغربي فيه استثمار مربح للطاقة، وهي على أي حالٍ حُجة وحيـــدة يتيمة لم تكشف بخصُوصها الحُكومة عن مقدار الطاقة التي تفضل كل سنة ربحا خالصا من استغلال زمن الناس البيُولوجي الحقيقي بهذه الساعة.
وقد أكد وزير تحديث القطاعات العامة ذات مرة، أن هذه الساعة توفر ما تستهلكه يوميا مدينة متوسطة في المغرب، وهو كلام سُفسْطَائِي غير مَبني على أية دراسة علمية مختصة. متناسيا ان هناك مدنا ومَدَاشِر تعَاني هشاشة مُخجلة في هذه الطاقة، بل تنعدم فيها الإنارة العمومية على طول شوارعها وبين أزقتها، أو في أسوأ الحالات لم تصلها رائحة تلك الطاقة التي تتبجحُ الحُكومة بتوفيرها من هذا الإجراء. ومن يُمعِن النظر في حجج الحكومة في إضافة هذه الساعة الطائشة، ويقارنها بما تسببه هذه اللعنة الزمنية المضافة على صِحة الناس وجدولة أعمالهم وسيرهم العادي في الحياة اليومية المعتادة، سيجد، فعلا، ان المُواطن يُعاني ويلاتٍ عديدةٍ، ويخسر بتطبيقها أضْعَاف ما تزعم الحكومة انه تجنيه من تطبيقها.
لن أقف عند الإحصاء الذي قامت به العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، والذي أفرز سخط %90 من المغاربة على هذا الاجراء الشاذ، ولا ما توصلت اليه دراسة علمية حديثة أشرف عليها باحثون أمريكيون من أن تغيير التوقيت المألوف بإضافة ساعة أو نقصانها، يترتب عليه رفع فرص الإصابة بالسكتة الدماغية بمعدل8 %. لكن سأحاول تعرية مزاعم الحكومة في تطبيق هذه اللعنة الزمنية- وأنا أكبحُ تفكيري غصْبًا كي لا يَفهم نية الحُكومة المبيتة في إصَابة المغاربة بالسكتة القلبية النهائية، واشتهاء ابادتهم بتفعيل هذه الزيادة المَجانية، وحتى لا أفهم كذلك ان الحكومة المَهُوسة بالزيادات والشعْوذة السِياسية تحاول تخدير عُقــول الناس بزحْزحَة تراتبيتهم الزمنية البيولوجية.
مع زيادة هذه الساعة الإضافية، يحدُث اختلالٌ وتشويشٌ نفسَاني عند الإنسان. حيثُ يصْعب التكيف مع التوقيت الجديد ويصَاب لا وعيه بتصدُعات سُلوكية تجعلُ منه كائنا حيا يعيش عذابا مستمرا. يبدأ باستيقاظه باكرا تلبيةً لِنداء الساعة الجديدة المُضافة، وفي المَسَاء يتأخرُ عن رَكب النائمين تمَاشِيا مع إغراء التوقيت القديم وما يتميز به الليل من هدُوء واعتدال الجَو وسكينة الرُوح وغيرها من العوامل التي تغري بغزو جسم الليل بالسّهر والسّمر. وبين هذا وذاك يذهب النوم الحقيقي المعتاد أدراج الرياح ويصيرُ الإنسان عُرضة لصُداع الرأس وجُحوظ العينين وعدم القدرة على التركيز، ولعل ذلك واضح لكل من يلجُ أي مؤسسة عُمومية في الساعات الأولى صباحا ليدرك مقدار جرائم الساعة الإضافية في العباد.
قد نتجَهمُ كرْهًا قبول الطرح الحُكومي في زيادة ساعة إضافة زمنية، لو تعلق الأمر بقطاعات صناعية مخْصُوصة وبعض الادارات التي يمكن ان تتلاءم وأكذوبة توفير الطاقة. أما أن يَهُم الأمر حتى المدرسة والمؤسسات التربوية وتكلف الأطفال بالتبكير فجرا والتعلم في عِـز الهَجير إبان حِصص المساء. و خاصة في بعض الهوامش التي لم تعرِف بعدُ ما معنى الطاقة التي تتحدث عنها الحكومة. ليُظهِر فِعلا مدى نية الحكومة في وأدِ المواطنين وتعكير أمزجتهم المعهُودة. وقد نُسائِل الحكومة العبقرية الببغائية عن مدى استفادة مُواطن في المغرب العميق يسكن كهُوفا بلا ماء ولا كهرباء، يزحفُ بمشقةٍ عَبْر مسالك وَعِرةٍ لتسلم شهادة ادارية ليجد كل شيء تغير وأسدل ستاره بدعوى نفاذ الوقت، كأنه من أهل الكهف مَضى عليه ردحٌ من الزمن ليُبْعَث مع قوم سَبقوه زمنا بساعة زمنية مجنونة.
الأمر فعلا يُصيب بالدهشة والاستغراب، ويدعو مِخْيال المُواطن المغربي الى التمطيط وبذل مجهود أكبر لِفهْم هؤلاء الهُوّس بالزيادات كيفما اتفق. فمَن يدْري قد نسْتيقظ ذات صَباح على خبر قرار زيادة الحُكومة في أحْجَام الناس وأنُوفهم حتى يواكبوا أحجام أهل القارة العجوز الفرنسِيس وأنوفهم، والذي يظهر ان حكومتنا المُبجلة مُغرَمة بتقليدهم في كل شيء، أقصِدُ فِعلا كل شيء !!!
المصدر : https://tinghir.info/?p=17073
momopopoمنذ 9 سنوات
كل هذا كذب وبهتان .هده الساعة ظلم فأبناؤنا محرومون من حقهم في الراحة والنوم. من يستيقظ باكرا عند إضافة الساعة المشؤومة؟ الاساتدة والتلاميذ فقط.حسبنا الله ونعمالوكيل