اِغتيال الطالب عمر خالق إزم يوم 27 يناير 2016 بمدينة مراكش، و ردود الفعل الوطنية المحتشمة إزاء هذا الجريمة السياسية التي تورط فيها فصيل الطلبة الصحراويين أو الجبهويين التابعين للبوليساريو، اغتيال مر كسحابة في يوم مشمس، لم تلتفت إليه الحكومة، و لم يعره الإعلام أهمية، لكن الإهانة كلها تأتي على لسان الوزير “لحسن الداودي” : واش غير اللي مات فالزنقة نمشي نعزيه؟”. هكذا اعتبر اغتيال الطالب عمر خالق إزم مجرد موت شخص في الشارع، و قلل من احترامه حتى و هو ميت، فأهان عبره كل المغاربة من خلال احتقاره للأموات و ترفعه كمسؤول، مع وضع كلمة “مسؤول” بين مزدوجتين، حيث كمغاربة، بتنا نعيد النظر في معناها الحقيقي في المغرب.
لنعد بالذاكرة إلى يوم 25 أبريل 2014 بمدينة فاس، تاريخ و مكان مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي” عن منظمة “التجديد الطلابي” التابعة للعدالة و التنمية. بمجرد ما أعلن الخبر؛ بمجرد ما اشتعلت الحكومة و بمجرد ما طار رئيسها السيد ابن كيران على مثن طائرة تابعة للدولة، إلى مقر سكنى عائلة المرحوم، حتى يقدم فروض العزاء لأسرته و للشعب المغربي، أيضا كل مُريدي حزبه انتفضوا و نددوا و استنكروا، و كل الإعلام كتب و تحدث، فسالت الدموع و انتفخت الجفون، فالشهيد هو إسلاموي يا سادة.
لكن عندما يكون الشهيد من الحركة الثقافية الأمازيغية التي تعاديها و تتلاقى ضدها كل الفصائل الطلابية، فالخبر يكاد يصبح ماضيا، و لا يستحق أن يثار في الإعلام، و بدون أدنى تنديد من الحكومة و لا من مريديها و لا من طرف كل من يدعي الإنسانية و الحقوق و الدمقرطة.
المخزي أن وزير التعليم العالي “لحسن الداودي”، ينكر على الشهيد صفة طالب، حتى أنه لو كلف نفسه و هاتف إدارة كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش، لأخبروه أن عمر خالق إزم، هو طالب في شعبة التاريخ، و أن رقمه التسلسلي هو : 1128017465 و رقمه الأبوجي هو : 1111302، و قد أعد بحث التخرج تحت عنوان : دراسة في كتاب الماء و التنظيم الاجتماعي – دراسة سوسيولوجية لأشكال التدبير الاجتماعي للسقي بواحة تودغا – للأستاذ امحمد مهدان، تحت إشراف الأستاذة : للا صفية العمراني لسنة 2014 – 2015، البحث الذي مازالت تحتفظ به عائلة الفقيد حسب الدكتور بجامعة القاضي عياض “عبد الله الحلوي”.
أن يُسقط السيد الوزير صفة طالب عن عمر خالق إزم، فذاك له قراءة مباشرة، هي اعتبار قتله على خلفية شجار في الشارع بين أشخاص، حتى لا يصعد الموقف و تظهر الحقيقة و التي هي مقتله مع سبق الإصرار و الترصد من طرف طلبة انفصاليين بالجامعة. الحكومة لا تريد مواجهات حاليا مع جبهة البوليساريو، فتحاول تمويه القضية.
لكن في نفس الوقت، يشار إلى أن الشهيد اغتيل من طرف انفصاليين بسبب موقفه الصريح من الوحدة الترابية للمغرب! لا شك في أن المرحوم تبنى هذا الموقف، وكذا الحركة الثقافية اللأمازيغية و الحركة الأمازيغية عامة، لكن عفوا، لم يكن هذا هو سبب الاعتداء عليه. اسمحوا لي إن لم تعلموا بالأمر، فقبل الهجوم عليه و أربعة آخرين من رفاقه، كانت الحركة الثقافية موقع مراكش، قد قررت حلقية داخل الجامعة، و التي كان موضوعها حول الامتيازات التي يستفيد منها الطلبة الصحراويون وحدهم دون باقي طلبة المغرب، امتيازات وضعت في عهد الملك الراحل الحسن الثاني و مازلت مستمرة. امتيازات مخصصة حتى للطلبة الانفصاليين و الذين يرفعون علم الجمهورية الصحراوية الوهمية داخل الجامعة دون تدخل من إدارتها.
البعض يحاول طوي هذا الاغتيال و إثارته على أنه حول مناهضة مغربي لانفصاليي البوليساريو، منهم القناة الثانية 2، و منهم من أحرق علم هذا الكيان في الوقفة الاحتجاجية المنددة بمقتل “إزم” أمام البرلمان يوم 31 يناير 2016، فِعل الحرق هذا الذي لم يكن مقررا من طرف اللجنة التنطيمية، لكن و لإثارة الإعلام المحلي و الدولي، قام شخص في خطوة انفرادية غير مسؤولة، بحرق ما يسمى علم لجمهورية وهمية، الشيء الذي أشارت إليه كل وسائل الإعلام على أنه سابقة من المغاربة، فبدأ الكل يتحدث عن الحرق و عن سبب منعه من طرف المنسق، فتوارى السبب الأصلي للاحتجاج و معه سبب اغتيال الشهيد، و هو الريع الذي يستفيد منه الطلبة الصحراويون و الذي نذكرمنه :
الولوج لللماستر و الدكتراه مضمون دون عقبات
التوظيف المباشر لكل حاصل على الإجازة و الماستر
السكن في الأحياء الجامعية متوفر دون عراقيل و بالمجان
بطائق مجانية للسفر على مثن القطارات
و غيرها كثير مما يلمسه الطلبة يوميا داخل أسوار الجامعة.
لهذه الأسباب تم اغتيال عمر خالق إزم، لدفاعه عن حقوق الطلبة دون تمييز.
و إن تم رفض إحراق ذاك العلم الوهمي، فلأن الدولة كفيلة بهذا الملف الذي يوجد على طاولة الأمم المتحدة، و ثانيا لأن حرقه هو اعتراف ضمني بمشروعية الجمهورية الصحراوية الغربية، و الأمازيغ لم يتراجعوا عن حرقهم له كما جاء على موقع “هسبريس”، فهم أصلا لم يقرروا حرقه.
حتى نلخص الموضوع، هناك فكرة حاضرة بحدة في هذه القضية، و هناك رائحة قوية تفوح منها، إنها رائحة عنصرية حكومة السيد ابن كيران في التعاطي معها، عنصرية واضحة و لن ينكرها إلا من له عداء للحراك الأمازيغي. عنصرية ظهرت في الفرق في التعامل مع اغتيال عبد الرحيم الحسناوي الذي عومل كابن للشعب، و مع اغتيال عمر خالق إزم الذي عومل كشخص من الشارع توفي في شجار! قضية اغتيال “إزم” ستبقى شاهدة و كل أسطرها تحكي عن عنصرية و تفرقة تزكيها الحكومة بين الشعب، فيكفينا ظلما و حكرة، و لا نريد عزاءا من مسؤوليين، فليقوموا فقط بواجبهم و ليتركوا التحقيق يأخذ مجراه بكل عدالة دون تدخل لتغيير مسار القضية.
المصدر : https://tinghir.info/?p=15843