إذا كان الشاعر الحكيم الكريم يقول:
قم للمعلم وفه التبجيلا — كاد المعلم أن يكون رسولا!
فإن الدولة المغربية قد نفذت مضمون البيت الشعري بإخلاص وإتقانٍ، لكن بوضع كلمة “التنكيل” مكان كلمة “التبجيل”، وكلمة “قتيل” عوض كلمة “رسول”، فكأني بالمخزن أنشد ببراعة الشاعر الملهم يقول:
قم للمعلم وفه التنكيلا — كاد المعلم أن يكون قتيلا!
بروح هذا البيت الحماسي جند النظام جيشا من الجهال لينقضوا بالهراوات المميتة كالوحوش الكاسرة على خيرة شبابنا المتعلم، وما نقموا منهم إلا أن طالبوا بحقوق غاية في الزهادة والقناعة في بلد تغدق فيه العطايا بسخاء على النافذين من الوزراء والنواب والموظفين “السامين”، وعلى كل بوق ناعق من الوصوليين والانتهازيين الموالين للمخزن، المسبحين بحمده صباح مساء، بلا قيد ولا شرط.
لم تتجاوز الحركية المطلبية للأساتذة المتدربين إلغاء مرسومين مشؤومين، يقضي أحدهما بفصل التوظيف عن التكوين، والآخر بتقزيم منحة التكوين، فقامت الحكومة المحكومة بشن حرب دموية عليهم لردع الاحتجاج السلمي الحضاري، في واحدة من أغرب وأسوأ وأبشع العمليات القمعية التي تقوم بها الأنظمة الاستبدادية في القرن الواحد والعشرين ضد مواطنين سلميين عزل.
لحساب من يهان المعلم؟ وما الذي يريده نظام الحكم بهذا التعامل القاسي مع مطالب الطلبة الأساتذة؟
هؤلاء الأبرياء الذين ارتكبت في حقهم مجزرة الخميس الأسود هم معلمو المستقبل وبُناته، على كواهلهم مهمة تكوين الأجيال القادمة من أبنائنا وبناتنا، وعلى عواتقهم أمانة البلاد والعباد.
يا حسرة على بلاد يهان خيرة أبنائها لأجل تبليغ رسالة الترهيب والويل والثبور لكل من يفكر في المطالبة ولو بالقليل من حقوقه المشروعة، التي تكفلها كافة القوانين الوضعية والسماوية.
المصدر : https://tinghir.info/?p=15240