في الوقت الذي كانت فيه شوارع مدينة الرباط تهتز تحت أقدام الأساتذة المتدربين الذين حجوا و ذويهم بالآلاف دفاعا عن قضيتهم و عن حقهم في ولوج مهنة المتاعب بعد قضاء مدة التدريب دون مباراة، كانت قنوات الإعلام المغربي الرسمي تعمه كما العادة في غيها و كأن الحدث المشهود يقع في بلد أخر فكانت الأولى الباهتة التي تجتر أيامها منشغلة بالطبخ و الجمال و الثانية مسترسلة في تفاهتها و إشهاراتها و بثها لمسلسلات الألف حلقة و حلقة عن الحب و الغرام و الثالثة تحدثك عن انجازاتنا في رياضات الكولف و الفروسية و الهيب هوب وعن ديربي الكرة المنتظر الذي قد يخلف مرة أخرى جرحى و معتقلين و فوضى و تخريب،و الرابعة تقدم دروسا باهتة باردة برودة التعليم في بلادنا و برامج ثقافة على المقاس و الخصوصية المغربية و خامسة تعيد المعاد و تقدم برامج الدعم و التثبيت من الأولى و الثانية من باب ذكر فإن الذكرى تنفع الدولة في بسط اديولوجيتها،و سادسة تفتي في أمور الحيض و النفاس و توصي بالصبر و القناعة و تبشر الصابرين بالجنة و الفقراء بالعوض في الدار الأخرى و سابعة تقدم السوليما و ثامنة اختصرت الثقافة الأمازيغية في سهرات غناء و رقص لا ينتهيان.
ورفضا لواقع التعتيم و التضليل هذا الذي يحاول صرف الناس عن رؤية الواقع و يلزمهم و يوجههم لرؤيته ورديا جميلا عبر هذه الشاشات، اكتسحت صور المسيرة البيضاء،المبهرة بتنظيمها،عالم الانترنيت و صفحات المواقع الجادة و خاصة صفحات نشطاء عالم بحر الفايسبوك الأزرق فانتشرت الصور انتشار النار في الهشيم و غطى الخبر و الصور صفحات الرواد و الزوار لمسيرة قدمت درسا بليغا في النضال و الرفض و الاحتجاج و ألجمت أفواه الذين قالوا بأن المغاربة متفهمين لسياسة الحكومة و راضين عنها.أولائك الذين لا يخرجون من جحورهم إلا بعد هدوء العاصفة
ذكرتني الصورة الكاريكاتورية لإعلامنا و هو يتحدث عن الازمات في دول العالم و هو يغطي وقائع المصالحة الليبية بالسخيرات بالمثل المغربي القائل “خْلاّ هْمُّو مْمْدُود و مشى يعْزي في محمود”.
محليا أيضا و بمدينة تنغير حاولت الاطلاع على ما تجود به المواقع من أخبار فلم أجد لمواضع الساعة أثرا فانحسرت الأخبار بين اغتصاب هنا و اعتداء هناك و حادثة سير هنالك و أخبار أخرى عن أنشطة ثانوية للأشخاص أو جمعيات فغاب الحديث عن مسيرة الرباط و عن مسيرة فاس و عن كل حراك هذا الوطن و احتجاجاته المتعددة.
قد يتحجج متحجج بأن الأمر يتعلق بإعلام القرب و تغطية الأحداث المحلية.. “وَخّا أسْيادْنا الصحافيين” ها هي حافلات النقل المزدوج مصطفة بانتظام تملأ فضاء الساحة الرئيسية بتنغير في إضراب عن العمل مند ايام دون أن يهتم أحد بالموضوع و ها هي ساكنة المدينة تعاني من نقص في جل الخدمات العمومية و تكتوي بغلاء فواتير الماء و الكهرباء و لا من يحرك قلما.
اليوم الجمعة 18/12/2015 سيزور الوزير الرباح المدينة سيحج الناس -كما العادة في حال زيارات اهل الرباط – من كل دوار عميق و من الضواحي و سيهرولون لاحتلال المقاعد الأمامية لأن الكاميرا غاديا تكون شاعلة و سيتسابق “الصحافيون الأجلاء” في كتابة التقارير و أخد التصريحات و سيذكرهم الوزير بما قام به من” إصلاح طرقات و بناء قناطر” و سيصفقون بحرارة و سيبشرهم بما سيقوم به من أجلهم و سيصفقون مرة أخرى و سيتباشرون و ينقل منهم الحاضر الخبر للغائب كما تباشروا السنة الماضية بالمستشفى الإقليمي الذي وعد وزير الصحة بأن الأشغال ستبدأ في أكتوبر 2015 و كتبت يومها في مقال تحت عنوان” زيارة الوزير المندبة كبيرة و الميت فار” :إن اكتوبر لناظره لقريب و قد مرت أشهر و لا خبر و لا أمل في الأفق ينبئ بتحقق الوعد.
المصدر : https://tinghir.info/?p=14460