بدرالدين أيت بباعزيز
سلام الإرادة القوية والثبات على المبادئ، سلام عليك يا صاحبي وأنت تصارع أفكار البؤس والفشل وتسعى لبناء حياة طيبة. إني أراك يا صاح وأنت تقاوم تلك البيئة السلبية تكاد تؤمن أنه ليس بالإمكان أن يكون أحسن مما كان، وأن فنون صناعة النجاح ماهي إلا كلمات رنانة و براقة، لا تتجاوز حدود الورق، وليس لها حظ في الواقع المعيش، الواقع المرير. إني أحس أن أفكارك ونبضات قلبك وكل شيء فيك يقول: ولكنني لا أستطيع ، ولهذا قررت أن أكتب أليك هذا الخطاب لعلني أحي فيك بعضا مما تبقى من عنفوانك وإقدامك على تحدي الواقع وصناعة النجاج.
إن المبدأ في الحياة يا صاحبي، هو أن التجربة الإنسانية، تحكمها قوانين، متى أدركناها أدركنا سبل النجاح بوضوح كبير، فلا تقل لي بأنك لا تستطيع، بل قل لي بأنك الآن لا تعرف كيف، أو أن أفكارك تحتاج إلى تطعيم. لهذا أنصحك أن يكون السؤال نبراسك في اكتشاف دروب الحياة الطيبة، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز ” واسألوا أهل الذكر، إن كنت لا تعلمون…” .أن تقول أنك لا تستطيع، معناه أن تستسلم لواقع سلبي لن يزيدك الخضوع له إلا بؤسا وشقاء مضاعفا. أما أن تسأل وتتعلم، فإنك تنفتح على عالم تكتشف فيه غنى التجربة الإنسانية، وقدرتها على تحدي عقبات الحياة والانتصار عليها، أنداك سيكون من الشرف أن تموت وأنت تلميذ تتعلم قواعد الحياة. ومتى تعلمت يا صاحبي أدركت أنك لا تقل قدرة ولا موهبة ولا رغبة، من كل اللذين نجحوا وسعدوا وتركوا بصماتهم بارزة في صفحات الحياة، وكلما تعلمت أدركت أن الواقع الذي تعيشه بما له وما عليه، لم يرق في قسوته لما عاشه ويعيشه الكثير من الناس، الذين تمكنوا من صناعة حياتهم كما أرادوها أن تكون، ولو بعد حين .
إن المبدأ هنا يا صاحبي، هو أن تقتنع، أن أي نجاح حققه أي إنسان، فهو ممكن لإنسان آخر،مع احترام بعض الخصوصيات والاهتمامات، الفرق بينهما ليس في اختلاف قدراتهم ، فلطالما حقق البسطاء من الناس أعظم النجاحات، إنما الفرق يا صاح هو مدى قدرتك على مواصلة العمل على أهدافك، والأهم منه مواصلة التفكير فيها، معظم وقتك. إن الناجحون هم أولئك الذين لا يستسلمون، لأنهم يدركون أن كل خطوة مهما كانت، تقربهم من النجاح، وفي هذا الأمر أستحضر قصة المخترع العظيم صاحب الفضل في إنارة دروبنا، بعد الله عز وجل، توماس أديسون، حين يسأله الناس عن جدوى مواصلة محاولاته من أجل صنع المصباح وهو في سلسلة مستمرة من الخطأ، فكان يجيب السائلين : يكفيني أنني اخترعت سلسلة من التجارب التي لا تؤدي إلى صناعة المصباح. هذا دليل على أن المهم ليس ما نقوم به وإنما من أي زاوية ننظر إليه، فكن يا صاحبي من أولئك الذين يرون الجانب المشرق في الأشياء دائما. فتوماس أديسون كان يؤمن أن كل تجربة فاشلة هي ليست كذلك، وإنما هي خطوة متقدمة في اتجاه النجاح، ولا حاجة أن أستعيد معك هنا أهمية الفشل في صناعة النجاح، فقد كان هذا موضوع رسالتي أليك حول : رقصة النجاح.
لا تقل لي بأنك لا تستطيع، لأن الأمر لا يتعلق بقدراتك، الذاتية والمادية، ولا بفشلك وانكساراتك …وإنما يتعلق بمعرفتك وقدرتك على الاستمرار والتركيز، فكما قال هنري فورد : “إذا لم تستطع فعل أشياء كبيرة عظيمة فافعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة “ إنني أريد منك يا صاحبي أن ترفع معي شعار الناجحين ذاك الذي تعلمناه من ديل كارنيغي أحد أعمد فلسفة النجاح حين قال : ” أنا مصمم على بلوغ الهدف، فإما أن أنجح وإما أن أنجح” فلا مكان للإحباط ولا مكان للرثاء على النفس…تحلى بالتفاؤل، ولا تنسى حديث سيدنا محمد (ص) ” تفاءلوا بالخير تجدوه”، تحمل الصعاب، ولا تنسى قول الله تعالى: ” إن مع العسر يسرى، إن مع العسر يسرى” فالنجاح ثقة بالله تعالى، وتأكد أن كبر المشاكل يوازيه عظمة منح السماء للصابرين المثابرين…فلن تكتمل إنسانيتك إلا في السعي نحو الفلاح، فمن الأفضل أن تموت وأنت تقاوم أعداء النجاح على أن تموت وأنت في خنوع وإحباط، مستسلم لعقبات الحياة.
لا تقل لي بأنك لا تستطيع ونماذج الناجحين تملئ صفحات الكتب وصفحات الحياة، منهم الأسوياء ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم المحروم اجتماعيا وعاطفيا أو ماديا…منهم الصغير ومنهم الشاب والعجوز …فالنجاح لا عمر له ولا بيئه خاصة به ولا يميز بين الناس بل إنه يلبي نداء المجدين المثابرين المؤمنين بأنفسهم، الواثقين بربهم، أصحاب الهمم العالية والنفوس الكبيرة، الثابتين على المبادئ، الذين يعتقدون أن الفكرة عندما تجد طريقها إلى الذهن فلم يبقى بينها وبين التحقق في الواقع إلا قوة الإيمان وقوة التركيز.
لا تقل لي بأنك لا تستطيع، وقد حباك الله بقدرات جبارة، حار فيها العلماء ومازالوا، حتى تأكد لهم أن الإنسان خلق مصمما فطريا على النجاح والارتقاء، فلك أن تتأمل في كل جزء من أجزائك الداخلية والخارجية والحسية والروحية والذهنية…فكل جزء من جزء لا تكفيه مجلدات الأرض لينال حقه من الوصف، فالعقل والروح والعاطفة والذاكرة والجسد… ماهي ألا بوابات لعالم من الممكنات الإبداعية اللامتناهية، وكل ذلك عندما يعمل في تناغم فإننا نكون أمام معجزة قال عنها سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ” وفي أنفسكم فلا تبصرون..” إذا قلت لي بعد هذا يا صاحبي، بأنك لا تستطيع، فكأنما تعطل ملكاتك وقدراتك التي وهبك الله، فكأنما تردها لخالقك، ولسان حالك يقول لا حاجة لي بكل هذه القدرات والعطايا، فالواقع أقوى مني ومنها، وهذا جحود لنعم وفضل الله عليك ، وما عهدتك يا صاحبي، من الجاحدين المتشائمين.
إن بدا لك الأمر، مستعصيا، وأنك تحملت واستنفذت طاقتك، وأنت تحاول، وأنت تقاوم، وتنتابك أفكار تهمس في أذنك بأن تتوقف وتستسلم… فتذكر، كما يقول هنري فورد أنه ” عندما يبدو أن كل شيء يعاندك، ويعمل ضدك، تذكر أن الطائرة تقلع عكس اتجاه الريح لا معه.” دعني أقول لك يا صاح، وأكتبها لك بخط عريض لا تتوقف عن المحاولة مهما أخطأت، وتذكر أن كل محاولة خاطئة إضافة نوعية وتطور لدهنك وتقدم مادي نحو النجاح.واعلم أن اللحظة التي تتوقف فيها هي اللحظة التي تكون فيها أقرب إلى النجاح، لو تابعت العمل والتفكير فيما تريد. لا تتوقف بل ابحث عن سبل لأخرى للإنجاز، وتأكد أن لكل مشكلة ما لانهاية من الحلول، لأن ذهنك لا نهاية لقدراته وإبداعه، إبحث، إسأل، تعلم، أدعو، سافر، إقرأ، علم، ساعد غيرك لعل هذا هو الطريق نحو ما تريد، حاول أن تهتم بالآخرين وأن تقودهم وأن تضحي من أجلهم لبلوغ أهدافهم وسعادتهم، فأقصر السبل نحو ما تريد هو أن تساعد غيرك لبلوغ ما يريد، لعل شكرهم وطاقتهم الإيجابية، وامتنانهم ودعائهم لك في ظهر الغيب، سيختصر الكثير من الجهد، ويلغي الكثير من العقبات.إنني مقتنع يا صاحبي بما لا يدع مجالا للشك، والكلمات للكاتب الأمريكي زيج زيجلار، بأنك حقا، ” تستطيع الحصول على ماتريد من الحياة، إذا قمت فقط بمساعدة عدد كاف من الآخرين على الحصول على مايريدونه.”
أرجو أن تكون كلماتي هذه، قد وجدت مكانها في قلبك،وأن تأخد مكان كل فكرة سلبية تحاول أن تقنعك بأنك لا تستطيع، أرجو أن تنصت جيدا إلى أصوات التحدي وهي تردد في داخلك : رغم التحدي…سأكون أقصى ما يمكن أن أكون. أرجوك لا تنسى أن تذكرني بهذا، دائما، ولا تعتقد أنني لا أحتاج إلى تصويبك ونصائحك وتشجيعاتك، فأعداء النجاح لا ينفكون يتسللون إلى دواخلنا، ولهذا يجب أن نكون حصون بعضنا البعض، نشجع ونحفز بعضنا البعض، ونذكر بعضنا البعض بأنه، لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، وأتذكر هنا، أحدى أقوال شيخ المجاهدين عمر المختار ،في الفيلم السينمائي الذي لعب فيه أنطوني كوين دور البطولة، وهو يقول لأصدقائه: الضربات التي لا تقصم ظهرك تقويه. في الأخير أدعوك يا صاحبي أن ترفع معي يدك اليمنى، أو اليسرى..عاليا وتشد قبضتك بكل قوة وتقول من أعماقك وبصوت كله ثقة وجرأة :
نعم أستطيع، Yes I Can.
المصدربدرالدين أيت بباعزيز
المصدر : https://tinghir.info/?p=14120