أحمد حسيسو
الفهرس
مقدمة………………………………………………………………………………
بلاء مبين…………………………………………………………………………..
الفرقة الناجية………………………………………………………………………
حب آل البيت………………………………………………………………………
ما لله؟ وما لقيصر؟!………………………………………………………………..
الحقيقة والشريعة…………………………………………………………………..
المحجة البيضاء……………………………………………………………………
مقدمة:
لا شك أن الأحداث المتموجة التي تعيشها البشرية عامة، ويكابدُ مرارتَها المسلمون خاصة في هذا العصر، وما نتج عنها من اختلافات وانقسامات آلت بهم إلى حروب وأهوال هي من الفتن التي سماها الحبيب المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناً كقطع من الليل المظلم، ومن الفتن التي من شأنها أن تجعل الحليم حيرانا، حليمٌ ومع ذلك حيران! فما بالك بعامة العباد، نعم، ذلك نظرا لصعوبة فهم المعضلة والتعامل معها وتدبيرها، إذ لا تكاد تجد أحدا من الفرقاء في دار الإسلام إلا ويقول بضرورة الاستمساك بالكتاب والسنة ويدعو في إلى العمل بهما، فرقاء متشاكسون يصعب حصرهم، سوف نكتفي بالإشارة إلى أهم المدارس المؤطرة الموجهة لسلوكات أقوام يتنافسون على إمامة الأمة، ويزايد بعضهم على بعض في التشبت بالعروة الوثقى والاستقامة على جادة المحجة البيضاء، كل مدرسة من هاته المدارس قد فرخت في الساحة أعداداً من الفرق ذات اليمين وذات الشمال. تُرَى، مَن الأصدق ومن الأصلح والأقرب إلى الصواب في هذا الزمان يا كرام؟
هل هم قومٌ يرون أنهم وحدهم دون غيرهم هم الطائفة الناجية من النار يوم القيامة!؟
أم قومٌ يعتقدون أنهم لا غيرهم على منهج أهل البيت المطهرين عليهم السلام!؟
أم قومٌ يظنون أنهم هم الحداثيون المتنورون التقدميون، أما خصومهم فهم رجعيون ظلاميون متخلفون!؟
أم قومٌ يدعون امتلاك الحقيقة الباطنة، أما العلوم الشرعية فهي عندهم قاصرة عن فهم الأذواق والمعارف النورانية التي حباهم الله تعالى بها، وخصهم بها دون سواهم!؟
أم ترتابون في هؤلاء القوم طراًّ، بالنظر إلى ما نتج عن هذه التصورات من سيء العلاقات وتردي المعاملات، وتمخض عن هذه الأفهام للدين من ترهات وانحرافات، فمن غيرهم ترون على صواب إذن، وبمن تقتدون معشر الأحبة في الله؟
بلاء مبين:
لقد ابتليت أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أيامنا هذه أكثر من من أي وقت مضى، في تقديري والله أعلم، بمزيد من الفرقة والنبز واللمز، بل واللعن والطعن بين أهل القبلة الواحدة.
لو وقف الأمر عند حد الاختلاف العقدي والفكري والمنهجي والسياسي لهان الأمر كثيرا.
لو أفضى الاختلاف إلى تعميق الحوار، ومقارعة الحجة بالحجة، واحترام البعض للبعض لكانت العواقب محمودة جدا جدا.
ليت الأمر كذلك، لكن السيل قد بلغ الزبى، بلجوء الأطراف المختلفة المتصارعة في بعض مناطق المسلمين إلى سفك الدماء البريئة، وتعجب لمن يحسب نفسه ملكاً مقرباً ولا يرى في خصمه إلا شيطاناً مريداً!
فترى هذا الطرف يرفع شعار الله أكبر ذوْذاً عن السنة الغراء شاهراً سلاحه لتصفية المبتدعة والروافض الضالين! ويستجمع ذاك قواه للدفاع عن الدين المحمدي الأصيل ورد كيد النواصب المبغضين! هذا يعتبر قتال الآخر تقربا إلى الله و اتباعا لسنة رسوله! وذاك يبرر القضاء على الآخر بكونها نصرة لدين الله وأهل بيت نبيه!
قد يكون بعض عامة المجندين للتقاتل بين أهل القبلة الواحدة صادقي النيات، إن لم نقل معظمهم، فيقاتل “المجاهد” خصمه بنية إحقاق الحق وإزهاق الباطل، لكن معظم القيادات في سوق الهرج تعمل لمصالح ضيقة خاصة، أو لحساب أجندة أجنبية، والتهم المتبادلة وفيرة جاهزة: العمالة، الإرهاب، البدعة، الزندقة، المجوسية، التكفير، وهلم جرا… وأعداء الأمة يشجعون ويتفرجون وينتشون لعدم تفويت هذه الفرصة الغالية التي من شأنها أن تذهب بريح الأمة، ومن شأنها الحيلولة دون وحدتها واستجماع قوتها ولم شملها، وأن تعوق تحرير الأقصى الشريف وتعرقل تبليغ رسالة الرحمة للعالمين.
يُفْعَلُ بإخواننا المساكين، خاصة الشباب منهم، ويُمكر بهم وهم غافلون، يُساقون لتيتيم الأطفال وترميل النساء وتشويه صورة الهدي النبوي الوضاء، وتخريب بلاد اللإسلام نيابة عن الصهاينة والأمريكان، عجباٌ لأقبح الفعال وأبشعها تُرتَكبُ “دفاعا” عن حوزة الدين! يظن الجهال أنهم على شيء، والله بَريءٌ مما يعملون ورسولُه.
في أمثال هؤلاء وأولئك الأدعياء يحق معنى البيت الشعري الذي ينسب إلى مجنون بني عامر، قال:
وكل يدعي وصلا بليلى — وليلى لا تقر لهم بذاكا
إنه عمى البصيرة والعياذ بالله، قال عز من قائل: “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” صدق الله مولانا العظيم.
فليصبر معي القارئ الكريم قليلا حتى أعرض بهدوء تشخيصا للقضية، ثم دواءً في طيات الكلمات بحول الله جلت عظمته، لعل ذلك يكون بلسما لقوم يريد الله بهم خيرا، أرجو بذلك وجه الله و الدار الآخرة إن شاء الله.
إن لي محبة خالصة لكل محب لله ورسوله، وموالاة خاصة لكل من والى الله ورسوله، حين يفصح عن ذلك، أصدقه مبدئيا و الله يتولى السرائر، مهما اختلفنا في المذاهب والأفهام، بل وحتى إذا اختلفنا في بعض المعتقدات في الدين، إذ محبة الله ورسوله جسر عظيم يعبر منه كل طرف إلى الآخر للتذاكر والتفاهم في الاختلافات مهما احتدت وتفرعت؛ كما أن لي احتراما وتوقيرا لذوي المروءات والفضيلة من كافة المسلمين ومن غيرهم، ذاك جسر أيضا للتواصل وتبادل المنفعة بين بني البشر، ناهيك هن تبليغ كلمة الله، فأنعم به من تبادل واتصال، فالتلطف في الحوار، والمناداة بأحسن الأسماء والصفات ليس تزلفا ذليلا إلى الناس، بل هو من صميم ديننا الحنيف ومن فضيل أخلاقه، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في رفقه ورحمته ولين معشره صلى الله عليه وآله وسلم مع المسلمين ومع غير المسلمين.
يتبع إن شاء الله….
المصدرأحمد حسيسو
المصدر : https://tinghir.info/?p=13440