بكلمات متحشرجة والكثير من الأسف يقول عبد السلام صدوق ابن المنطقة “قولوا لهم أن يزورنا نحن مغرب نافع… لا يجب عليهم تهميشنا”.
تحدث لنا صدوق الأمين العام للسياحة بمرزوكة متأثرا عن ما تعانيه مرزوكة من تهميش من طرف الحكومة والمسؤولين في المنطقة، وتابع متحسراً “مرزوكة مدينة سياحية لكن لحسن حداد وزير السياحة لم يحدث أن زارها، على الرغم من الإقبال السياحي الذي تعرفه المدينة” وزاد “هذه المدينة من المدن المهمشة”. تطرق صدوق إلى مميزات المدينة “حيث توجد فيها جميع الغرائب والعجائب” علي حد اعتقاده.
تمنح مرزوكة فرصة نادرة للسياح، فهم يعيشون من خلالها مغامرة متميزة تعود بهم لتاريخ القوافل بين كثبان الرمال. يمتطي السياح الجمال ويقضون نهارهم في التجول بين كثبان الرمال البديعة والاستمتاع بالرحلات ليقضوا ليلهم في إحدى الخيام التي توفر لهم أجواء خلابة أفضل بكثير من المبيت في الفنادق الكبرى. يتيح السكن وسط خيام مرزوكة فرصة الاستمتاع بمنظر غروب الشمس بين الكثبان الرملية.
يستفيد أهالي مرزوكة أو “مرزوقة” كما يطلق عليها سكان المنطقة نظرا للرزق الذي تقدمه لهم الرمال والسياحة الاستشفائية، التي تجذب الكثير من السياح.
يتميز أهل منطقة مرزوكة بأجسادهم السمراء النحيلة وطيبة قلوبهم ووجوههم البشوشة. يغطون وجوههم باللثام الذي يلازمهم أينما حلوا وارتحلوا. يلخصون الكرم وحسن الضيافة في كؤوس الشاي التي يقترحونها على الضيف فور أن يصل إلى المنطقة.
تتيح كثبان مرزوكة الممتدة حسب أهل المنطقة على طول 22 كيلومترا وعرض خمسة كيلومترات، فرصة تأمل تبدل ألوان الرمال بحسب تغير ضوء النهار، خاصة عند التربع على قمة تلك الكثبان التي تعدّ الأعلى في المغرب. يجد أغلب قاصدي مرزوكة ضالتهم في البساطة بعيداً عن صخب الحياة المعاصرة، لاسيما بفضل الموسيقى التقليدية وكرم الضيافة وغير ذلك مما توارثه السكان عن أسلافهم.
يقصد مزروكة أيضاً أجانب ومغاربة من أجل التمتع بجمال مناظرها ورمالها الذهبية. يقول موظف في فندق قصبة مرزوكة “فصل الصيف فرصة لانتعاش المجالين السياحي والاقتصادي. توافد السياح والزوار المغاربة يوفّر فرص عمل لأبناء المنطقة. إضافة إلى أن بعض الشباب من خارج المدينة يزورون مرزوكة لبيع منتوجات تقليدية يأتون بها من فاس ومراكش”.
شجع هذا التوافد إلى المدينة، بحسب الموظف، بعض أصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية على استغلال ازدياد عدد الزوار، فرفعوا أسعار المبيت التي باتت تراوح بين 250 درهما وألف درهم للشخص الواحد.
عند زيارة مرزوكة لابد من القيام بجولات استكشافية للمنطقة، على ظهور الجمال، حيث يجد السائح عدداً من الخيام السوداء غالبا، ما تكون تابعة لفندق أو إقامة سياحية، منصوبة في الخلاء، يمنح النزول فيها للسائح إحساسا بأنه أصبح في عزلة مرغوبة عن باقي أنحاء العالم، حيث ينسى تماماً الحياة العصرية. لا شيء أمامه غير السماء وكثبان الرمال الممتدة نحو أفق بعيد. تتميز المطاعم والإقامات السياحية التقليدية في منطقة مرزوكة بانسجامها مع بيئتها ومحيطها، من حيث الصباغة والأثاث، المكون من الزرابي التقليدية والأواني الخاصة بالمنطقة. هنا يتم الحرص، بشكل كبير، على التخلي عن كل ما يتصل بالحضارة الغربية، ذلك أن أصحاب هذه الفنادق والإقامات السياحية يعرفون أن من يقصد الصحراء، إنما يقصدها بحثا عن البساطة والتغيير، هروبا من صخب الحياة المعاصرة، التي تركها خلفه في مدن الضجيج والتلوث.
يمكن أن تجد في مرزوكة أجانب يعيشون حياة البدو بكل ما يعنيه ذلك، حيث اختارت عدد من الأجنبيات العيش في مرزوكة تاركين وراءهم كل مغريات أوربا تزوجوا من أبناء المنطقة البسطاء ويعيشون معهم على رمال الصحراء، ومثال ذلك جومانا، التي تركت أهلها في أوربا وقررت العيش مع الفنان لحسن ابن منطقة مرزوكة، داخل مرسم يرسمون اللوحات ويستقبلون الزوار بكل فرح يغنون ويرقصون معهم، وعندما تسأل جومانا من أي بلد أنت، تجيب “أنا مغربية أنا صحراوية” وهي ترقص فرحاً.
ما أبهر الأجانب في مرزوكة منظر غروب الشمس في صحرائها الذي يعتبر من أروع المناظر في العالم. خلال الغروب يتحول لون الرمال من الأصفر الذهبي، إلى لمسة وردية خفيفة وتتحرك الظلال من أعلى الكثبان وتنحدر الشمس نحو المغيب، على عجل وراء سلسلة جبال بعيدة، تاركة وراءها شريطاً من الضوء مبهر وفي غاية الجمال.
المصدرخديجة الرحالي
المصدر : https://tinghir.info/?p=13098