Ad Space

قلعة مكونة : “تشظاط”* لباس المكونيات المُمَيِّز

admin
2015-09-22T22:02:30+01:00
آخر الأخبارثقافة و فن
admin22 سبتمبر 2015
قلعة مكونة : “تشظاط”* لباس المكونيات المُمَيِّز
مصطفى ملو
إذا كان لكل منطقة زيها الذي يميزها عن المناطق الأخرى,فإن “تشظاط Tachdat ” تعتبر بحق اللباس المميز للنساء المكونيات و السدراويات المجاورات لهن جغرافيا.

1-في التسمية و الأصل
تشظاط Tachdat بالمؤنث أو أشظاظ Achdad  بالمذكر يعنيان في أمازيغية الجنوب الشرقي حجر المرأة و حضنها,فنقول مثلا” طومز أربا ك أوشظاظ Tumz Arba g Uchdad”,أي أنها تحتضن الطفل في حجرها,و في معنى آخر يقصد بهما الغطاء و الستار و الحجاب,حيث نجد الجنوب الشرقيين مثلا يقولون أثناء الدعاء” أد غيفك إك ربي أشظاظ ن الستر Ad ghifk ig rebbi Achdad n str”,الذي يمكن ترجمته إلى “ليسترك الله بستاره” أو “ليحميك الله و يقيك بغطائه”.
و من ناحية أخرى يقصد ب “تشظاط” ذلك الغطاء الأسود الذي تتغطى به النساء في واحتي مكون و دادس كما سنفصل لاحقا.
يجهل أصل “تشظاط”,فبين قائل بأنه زي وافد و بين قائل بأنه زي محلي توارثته المكونيات أما عن جدة,إلا أن غياب الأدلة العلمية و التاريخية تجعل الحسم في أصله أمرا مستعصيا,غير أننا نرجح الرأي الثاني,باعتبار “تشظاط” تنعدم  في المناطق التي يقال إنها وفدت منها(هناك من يقول إن أصلها شيعي أو يهودي),مقابل انتشارها بمناطق في الجنوب الشرقي(واحة مكون,واحة دادس,واحة تودغى),فالمنطقي أن نجد هذا الزي في المناطق التي يقال إنها أصله,إلا أن العكس هو الحاصل,فإذا  افترضنا أن أصل تشظاط شيعي أو يهودي,فلماذا لا يوجد في موطنه الأصلي بينما ينتشر بقوة في مناطق من الجنوب الشرقي؟ثم الأهم من هذا,لماذا نبحث دائما عن أصل كل شيء عندنا من الطبخ إلى الأزياء إلى المعمار…بعيدا عنا؟ألم تكن لأجدادنا القدرة على الخلق و الإبداع؟أم أنهم كانوا دائما ينتظرون أن يأتيهم كل شيء من الخارج؟
مما يرجح أصلها المحلي كذلك,بعض الروايات الشفوية التي ترجع ظهورها إلى مرحلة زمنية اتسمت بندرة الملابس و الأثواب,مما يجعلنا نفترض أن تكون تشظاط في هذه الفترة هي الزي الرسمي بالمنطقة,تلبس لوحدها “لستر” عورة المرأة(الفرج و الصدر) قبل ظهور الملابس الأخرى,و مما يؤيد هذه الفرضية أن تشظاط عبارة عن قطعة ثوب ليست فيها خياطة,مما يعني أنها تعود إلى مرحلة ما قبل ظهور آلات الخياطة بالمنطقة.

2-أنواع “تشظاط” و ألوانها


aid


“تشظاط” عبارة عن غطاء أسود اللون يربط فوق الكتف الأيمن بواسطة عقدة Tamukrist  أو دبوس يسمى محليا “تيسمي Tismi” أو “تاسغنست Tasghnst” و تسمى عملية الربط تلك “تسّاست Tassast  “أو “أغناس Aghenas”,و يمكن التمييز في واحتي مكون و دادس بين نوعين من “تشظاط”,وهما النوع الشفاف الذي يكون على شكل شبكة رقيقة و هو في الغالب من الثوب الذي يسمى تيكشبيلاTikchbila و النوع المغلوق نوعا ما و المصنوع من ثوب يسمى “قلمون Qalamun “,فبالنسبة لهذا الأخير ترتديه النساء المسنات بكثرة في حين نجد النوع الأول عند الأٌقل سنا.
أما عن اعتماد اللون الأسود,فإن مرد ذلك حسب الروايات الشفوية للنساء المكونيات يرجع إلى قدرة هذا اللون على تحمل الأوساخ و الأغبرة و الأتربة,خاصة إذا علمنا أن “تشظاط” تلبس خارج البيت حيث أشغال الحقل و الاحتطاب…
و إذا كان اللون الأسود هو السائد في الأيام العادية,فإن اللون الأبيض يحل محله في الأعراس و المناسبات,حيث يرمز إلى الفرح و الطهارة و العفاف.
و بالانتقال إلى المجال التودغاوي(واحة تودغى),نجد أن اللون الأبيض هو الذي يستعمل بكثرة على عكس مكون و دادس,كما نسجل أن مذكر تشظاط أي أشظاظ(أو أشطاط حسب المناطق) هو الذي يطلق على هذا الغطاء و هو عبارة عن إزار مغلوق,في حين يطلق على الشفاف منه اسم “ردي Rdi “.
و المثير هنا أنه فيما مضى من الزمان كان أشطاط أو ردي وسيلة للتمييز بين المتزوجات و العازبات و المطلقات عند التودغاويين,فالمتزوجة-حسب الروايات الشفوية-كانت تربط أشطاط على كتفيها الأيمن و الأيسر,في حين تكتفي العازبة بربطه على كتفها الأيسر و المطلقة على الأيمن.
و بالعودة إلى واحة مكون نجد أن هذه المعايير تختلف,فإذا كان ارتداء تشظاط إجباريا بالنسبة للمتزوجات,حتى أن المكونيين كانوا ينظرون إلى المرأة التي تخرج بدونها كأنها عارية تماما,فإنه في المقابل كان اختياريا بالنسبة لغير المتزوجات,مما يعني أن تشظاط لم تكن مقياسا لتمييز المتزوجة عن غيرها,مادام من حق العازبة ارتداؤه أيضا,لذلك فقد وضع المكونيون معايير أخرى للتفريق بين المتزوجة و العازبة,أهمها الكحل,فالأولى(أي المتزوجة)هي التي يحق لها وضعه(الكحل) سواء في المناسبات أو في الأيام العادية,أما الثانية(العازبة)فوضعه يعني أنها سافرة و متبرجة و لا تصلح للزواج,و إلى جانب الكحل يعتبر وضع الحناء للأرجل مقياسا للتفريق بينهما,و ينطبق عليه نفس ما ينطبق على الكحل(ممنوع و عيب على العازبة,مسموح به للمتزوجة).

3-تشظاط :من رمز للعفة و الهوية إلى موضة
و إن كان أهالي المنطقة يعتبرونها كذلك,ففي واقع الأمر لا يمكن اعتبار تشظاط حجابا أو غطاء “للستر”,لكونها رداء شفاف و غير ساتر,بقدر ما هي تعبير عن تقليد عريق و هوية متأصلة,فبمجرد أن تقع عينك مباشرة أو على شاشة التلفاز على امرأة بهذا الزي,ستكتشف أنها من واحة مكون أو دادس,فهي(تشظاط) بذلك عبارة عن بطاقة تعريف للمكونيات و الدادسيات.
بعدما كانت تشظاط رمزا للعفة و الطهر في الثقافة الجمعية المكونية أصبحت اليوم عبارة عن موضة تقبل عليها المتزوجات و غير المتزوجات و القادمات من مدن أخرى,فبدأت تظهر ألوان أخرى و إن بشكل ضئيل كالحمراء و الزرقاء,كيف لا تتحول إلى موضة أقرب إلى عرض أزياء و تشظاط تضفي على مرتديتها الجمال و تجذب إليها الأنظار عوض أن تردها عنها؟ !
———————————————
*هناك من ينطقها تشظاط و هناك من ينطقها تشطاط حسب المناطق.

المصدرمصطفى ملو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.