مولود بوفلجة
نكتة معبرة
قال الشاب الذي لا يملك حظا من المال و لا من الوسامة لأقرانه:أنا متأكد بنسبة 50% بأن ملكة جمال العالم ستكون زوجتي في المستقبل. ففغر الجميع أفواههم مستغربين. واستطرد قائلا: لأني أنا موافق و عائلتي موافقة و لم يبق سوى رأيها هي و عائلتها.
هكذا يتم التلاعب بالأرقام والنسب المئوية التي تكون في غالب الأحيان غير معبرة عن الحقيقة ولا دالة عن الواقع، يطوعها كل حسب هواه وغاياته. والأمر ينطبق تمام الانطباق على الانتخابات الجماعية المغربية ونسب المشاركة فيها. فالداخلية اعتبرت أن نسبة المشاركة كانت في حدود 53% (7782150 مصوت) محتسبة على أساس أن الهيئة الناخبة مقدر عددها في حدود 15 مليون نسمة كحد أقصى في حين أن عدد من يحق لهم التصويت يكاد يقارب رقم 25 مليون، وتصبح على هذا الأساس نسبة المشاركة الحقيقية في حدود 30% فقط. وهي نسبة ضعيفة جدا، هذا دون احتساب الممتنعين عن التصويت والأوراق الملغاة التي تعد تصويتا احتجاجيا إما بالإدلاء بصوت غير صحيح بوضع علامة على كل الرموز أو بترك الورقة عذراء خالية من أي علامة. والمقاطعون بهذه الصيغة يلجؤون إلى هذا الاختيار نفاقا أو مجاملة ومحاباة لمرشح قريب أو خوفا من سلطة القبيلة أو من المخزن والشيخ والقايد والمقدم أو إرضاء للزوج بالنسبة لعدد من النساء. وقد أسر لي إمام مسجد أنه لا يستطيع التخلف عن الظهور في هذه المحطة لأن القبيلة لن ترحمه وسيقطع رزقه ورزق أولاده إن لم يصوت.
و حتى إذا حيدنا هذه المعطيات واعتبرنا جدلا أن نسبة المشاركة هي 53 فإنها تبقى ضعيفة وغير معبرة عن موقف و لا رأي كل المغاربة خصوصا أنها تأتي في سياق”دستور جديد ”و حملة من الدولة و الأحزاب لحث الناس على المشاركة وُظفت فيها كل وسائل الإعلام و الوسائط المتاحة و تم فيها حرمان دعاة المقاطعة من حقهم في التعبير عن موقفهم .
و محاولة تضخيم نسب المشاركة يكون الهدف منها طمأنة الداخل و الخارج عن سلامة السيرورة الديمقراطية و كسب ثقة الشعب في مدبري شؤون حياته ومعيشه اليومي.
والمقاطعة في جوهرها شكل احتجاجي للتعبير عن موقف واضح مفاده عدم الانخراط في سياق لعبة لا يؤمن المقاطع بكونها ستقود إلى تغيير ايجابي في واقع البلاد و العباد، إما بناء على موقف سياسي كما هو حال مجموعة من الإطارات والهيئات السياسية والحركات الاجتماعية والطلابية كحزب النهج الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان وحركة “20 فبراير” و “أطاك” المغرب والجمعية الوطنية للمعطلين…، أو بناء على اللامبالاة والقطيعة مع الشأن السياسي وكل ما يتصل به وتبقى القناعة واحدة في كل الأحوال وهي أن الانتخابات تجري في نفس الشروط التي أنتجت النخب الفاسدة وبنفس الوجوه و بنفس الأحزاب ونفس البرامج ونفس الآليات. ولعل لهذا الرأي ما يبرره من خلال مجموعة من الممارسات التي تؤشر على عدم حدوث قطيعة مع العهود القديمة من قبيل توظيف المال و النفوذ و الأعيان لاستمالة الناخبين ومن خلال تسخير الأطفال والأميين والمشرملين في الحملة الانتخابية ومن خلال تعطيل قانون السير و السماح بتنقيل الناس في البيكوبات والكاميونات والتراكتورات دون احترام لشروط السلامة وتعطيل الدعوة لحماية البيئة والحفاظ على نظافة الفضاء العام بالإضافة إلى إزعاج الناس بالتفنن و الإبداع في استعمال كل أنواع الضجيج من أبواق سيارات و تزمير و تطبيل و صياح.
وبعد كل هذه البهرجة قد يصدم الذي أدلى بصوته لصالح جهة معينة بالاستخفاف برأيه واختياره بعقد تحالفات هجينة تحكمها المصالح الضيقة للأشخاص والأحزاب ويغيب فيها منطق المبادئ والأخلاق وتحضر فيها ألاعيب وأكاذيب السياسة.
مقاطعون من نوع أخر
فئة عريضة من الشعب المغربي تمسك العصا من الوسط فتنخرط في لعبة التصويت دون أن يكون لها أي استعداد للترشيح حتى وإن توفرت فيها الأهلية لذلك لأن هذه الفئة تحاول أن تنأى بنفسها عن ”الخواض” و عن مجال الكذوب والتبرقط فتكتفي بأضعف الإيمان و هو التصويت للأقل فسادا، في نظرها، مبعدة عن نفسها”شر تهمة المقاطعة ..
المصدرمولود بوفلجة
المصدر : https://tinghir.info/?p=11827