من المفارقات التي تئن منها الساحة الانتخابية عندنا في المغرب ، أن نصدق بأن كل مترشح لأي استحقاق ينطلق من كونه سيتقدم بنية الإصلاح وخدمة المدينة والوطن… ، أو سيقدم نفسه ووقته و قوته للنهوض بالمجال الحضري لمدينته أو قريته.
ليست تلك هي تصورات المنتخبين في مجموع التراب الوطني حسب مهتمين بالشأن المحلي ، ومنها مدينة الرشيدية التي تعد من أقدم المدن مقارنة مع عدد من الحواضر التي أنشأت بعد الاستقلال.
الملاحظ للوائح الاستحقاقات الجماعية المقبلة ، يتضح من خلالها وجود أسماء لا تريد ترك أو التخلي عن هذه المهمات الانتخابية ،رغم فشلها في التدبير الجماعي ، ومشاركتها في تدني الخدمات الجماعية…لأنها تسعى اليوم الى الرجوع ولو بتقديم أعز ما يملكون ، رغم ما يسمعون من انتقادات لاذعة ضدهم ، ورغم الخلافات التي تنشب بين الأعضاء داخل نفس الحزب وداخل المجالس المنتخبة نفسها ، ما يجعل الكثير منهم يغير الحزام السياسي دون اكتراث من المصداقية ودون حياء …..
اللوائح المعروضة اليوم على الناخبين بمدينة الرشيدية تدعو الى التأمل في أعضائها ، من حيث الدوافع التي جعلتهم يشاركون في العملية الانتخابية لهذه المرحلة . العديد منهم يتوفرون على “مقاولات ، تجارة ، مؤسسات اقتصادية ، خدمات….” ، هؤلاء هم وكلاء لوائحهم ، بينما الباقون هم مجرورون فقط ، وعندما تحاورهم يدعون أنهم يريدون خدمة البلد ، ولكن عندما تتأمل في هويتهم المهنية ، تجد أن غالبيتهم ” تقاسو” في مصالحهم أو “ستقاس ” ذات المصالح مستقبلا ….لذا يسعون الى الدخول الى المعترك الناجي بكل الوسائل على رأسها توزيع المال الحرام .
نجد مثلا في اللوائح المعروضة للتباري الانتخابي المقبل ، أصحاب مقاهي ، ونعرف ما ذا وقع لهم عندما أعلنت وزارة الداخلية التصدي لاحتلال الملك العمومي بل وأن بعضهم تعذر عليه الحصول على رخص وعلى الإنارة العمومية لنيته الحصول عليها بدون وجه حق…. آخرون استفادوا من بقع أرضية ولم يستثمروا فيها و وجب الاحتفاظ بها حتى لا تنتزع منهم كما انتزعت من غيرهم…. ومنهم من استرجعت البلدية منهم عقارات بحجة عدم الاستثمار فيها ….والباقية من هؤلاء الذين يتوفرون على معاملات تجارية وخدماتية يتوقون الى الحصول على امتيازات مادية مرموقة منها على الأخص الاستفادة من الأذونات و طلبات عروض لا تخضع للمزايدة ، التي تسيل اللعاب ، خاصة وأنها أسالته لسابقيهم .
اذن الانتخابات في المغرب ليست غاية في حد ذاتها ، بل عند المغاربة الذين يمتهمنون حرفة الانتخاب هي وسيلة للوصول الى ما قد لا يصله الشخص وهو خارج اللعبة الانتخابية . والحمد لله الذي يحكمنا ملكا هماما شرع في استنهاض الهمم ، وبدأ يطلق إشارات وازنة في خطبه ، يقصد بها أولائك الذين لا يريدون الانخراط في بناء مغرب جديد بمواصفات متقدمة ، وكذا الى الناخبين الذين يعدون الحجر الأساس في العملية الانتخابية لأن هم الذين يختارون و يصوتون قائلا في خطابه الأخير : “لم يكن من حقكم غدا الاحتجاج على تدني الخدمات …” ، إدراكا من جلالته أن المنتخبين يتهاونون في تأدية واجباتهم تجاه ناخبيهم ، خاصة إذا علمنا أن الجماعات المحلية مند أن دخل المغرب في ما بات معروفا عند السياسيين ب “الاختيار الديمقراطي” منتصف سبعينيات القرن الماضي ، أضحت الجماعات بقرات حلوب ، يدخل إليها المستشار فقيرا ويصبح بفضل خدماتها من أغنى الأغنياء ، ضاربا المصلحة العامة عرض الحائط .
المصدرعبد الفتاح مصطفى/الرشيدية
المصدر : https://tinghir.info/?p=11094