عبد الحكيم الصديقي
يذكرنا هذا العنوان بكتاب للباحث السوري “بوعلي ياسين” والذي يحمل عنوان “الثالوث المحرم، دراسة في الدين والجنس والصراع الطبقي” الصادر سنة 1973، وهو دراسة سلطت الضوء على أن في العالم العربي ثلاثة أشياء يحرم التكلم فيها وهيالدين والجنس والصراعالطبقي،وخلاصته هي أن الكاتباستطاع أن يبين من خلال تفسيره العقلاني لأحداث التاريخ أن الديانات لا تتعارض مع أهم المبادئ الكونية وهي العدل والمساواة وحرية الدين والمعتقد.
في هذا المقال المقتضب سنحاول تسليط الضوء على أشياء ثلاثة يحرم في الغالب التحدث عنها أو التطرق إليها كلما اقتربت أي استحقاقات انتخابية بتنغير، كما أننا سنحاول التطرق إلى مناقشة هذه المحرمات باعتبارها أهم معوقات إقرار التنمية المستدامة والتحول نحو الديمقراطية الحقيقية.
الكل يعلم أن منطقة تنغير كغيرها من المناطق المغربية ستعيش في سبتمبر المقبل ملحمة الانتخابات الجماعية الكبرى، ستتحرك بدون شك الضفادع والسلاحف والخفافيش والتماسيح والعفاريت والجرارات والفواكه والخضر والقطاني والسبع المثاني والقرآن العظيم، وستخرج الأسود من عرينها، وتتنمر النمور مستجدية الأصوات، ومجموع عناصر هذه الملحمة تؤشر بقوة أن المال السياسي والولائم، والخطاب الديني المؤدلج، وتوظيف العصبية القبلية والانتماء العرقي هي أهم الوسائل التي يتم من خلالها نخر التحول الديمقراطي من داخله.
فالمال السياسي والشعارات الدينية والعصبية القبلية تعتبر أهم الأسلحة التي لها دور كبير في الملحمة الانتخابية المقبلة بمدينة تنغير، وهي بدورها أهم المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام إرساء الديمقراطية وتبني الخيار الديمقراطي في الحياة العامة، فلوبيات الفساد السياسي/المالي ترى في الحكامة والديمقراطية أكبر خطر يتهدد مصالحها ولذلك تبيع وتشتري في سوق الضمائر الميتة من خلال استعمال المال، شراء الأصوات، واستمالة الناخبين وتكريس الطابع الاحتفالي للحملات الانتخابية، ويرى أصحاب الإسلام السياسي أن الدولة الحديثة والمسلسل الديمقراطي الحداثي الذي انخرط فيه المغرب أكبر خطر يهدد مكتسباتهم ويقوض مرجعياتهم المحافظة وأحقيتهم المطلقة في تدبير الشأن المحلي ولذلك يدغدغون مشاعر الناس بالخطب والتراتيل والمواعظ والذكر السياسوي لاستمالة الناخبين للتصويت على عالم المثل، وفى ضوء معالجة النسق السياسي القبلي، فالقبيلة غالبا ما تخضع لمعايير موروثة لاختيار المرشح ودعمه والإجماع عليه، والإجبار القبلي للتصويت لصالحه، وتكشف النتائج في الأخير أن القبيلة يمكن أن تتفق على مرشح ما قبل الدخول فى الانتخابات بغض النظر عن مسألة الكفاءة ومستوى الوعي والإدراك، وهو الأمر الذي يعزز منطق الانتهازية والبراغماتية في اختيار اليافطة الحزبية التي سيترشح باسمها، وكذلك في التعامل مع القضايا ذات الصبغة العامة.
لاشك في أن هذه المحرمات الثلاث المال والدين والعصبية القبلية تلعب دورا أساسيا في تبطيء وتيرة التحول نحو الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والتنمية والنهضة الشاملتين، فمازال المصير السياسي لمجتمعنا التنغيري محكوم بسلطة المال والجاه، والتسيير الأدواتي المقنع بالقداسة، والارتباط اللاعقلاني بالانتماء القبلي، مما يؤثر سلبا على السلوك الانتخابي، ويزيد من تعميق الأزمة السياسية، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول جدوائية الخطابات السياسية وفعالية آليات الضبط القانونية في مواجهة انحرافات السلوك الانتخابي لأطراف اللعبة الانتخابية.
المصدرعبد الحكيم الصديقي
المصدر : https://tinghir.info/?p=10651