تراجع الدور الريادي الذي كانت تقوم به بعض الأحزاب اليسارية التقدمية وبعض الجمعيات الثقافية والرياضية الجادة بالرشيدية مند أن شارك حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومة التناوب الديموقراطي، أواخر القرن الماضي ، وتخلت عن دورها في تأطير الشباب والمجتمع لخلق حراك ثقافي هادف من شأنه الرقي بهذه المدينة التي عانت التهميش و الإقصاء لتصنيفها فيما كان يعرف بالمغرب غير النافع.
وتعيش اليوم عاصمة جهة درعة تافلالت ركودا ثقافيا لم تعرفه حتى أيام سنوات الرصاص الذي كانت الأنشطة الثقافية و الفنية تخضع للمراقبة ، عندما كانت بالمدينة دار للسينما تنشط بها أندية سينمائية وجمعيات ثقافية وأحزاب مناضلة التي كانت مواظبة في تنظيم أنشطة ثقافية ترفيهية و سياسية جادة رغم المنع الذي كان يطال بعضها…
ويتذكر رواد الفكر الثقافي و الفني بالمدينة خلال العقد الأخير من هذا القرن على وجه التحديد، عندما نشطت فكرة النهوض بالثقافة من قبل أشخاص لا يجمعهم بالضرورة الانتماء لأي من الأطر الثقافية والسياسية المعروفة ، كما كان سائدا في سنوات الرصاص و الجمر ، في اتجاه الحد من فتور وركود الفعل الثقافي و الفني و الأدبي ، في ظل تراجع فعل الأحزاب اليسارية التقدمية والجمعيات الجادة عن مسؤولياتها في تأطير الشباب سياسيا و ثقافيا .
ففكر هؤلاء الأشخاص في تأسيس جمعية مهرجان الرشيدية الذي حبذه المسؤول الأول عن الإقليم آن ذاك و المجلس البلدي و آخرون ، لتتحول فضاءلت المدينة إلى فضاءلت “لربح الوقت بدل قتله” عبر فتح ورشات و وصلات غنائية وندوات لمناقشة قضايا أدبية ثقافية و فنية تهم السكان والمهتمين .
مهرجان الرشيدية الذي انطلق وعاش أربع سنوات ، كان الفن والثقافة والرياضة خلال هذه المدة ، قد بدأ يخطو خطوات مغايرة لما اعتاد عليه سكان الرشيدية ،حيثأصبحوايشاهدون عن قرب فنانين ومفكرين و شعراء و أدباء كانت علاقتهم بهم تقتصر على السماع عبر الأثير أو المشاهدة عبر التلفزيون
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن مع مطلع سنة 2009 ، عندما أفرزت نتائج الانتخابات البلدية أعضاء آخرين و رئيس أخر….ممن كانوا ينتقدون فكرة المهرجانات بالمغرب ، بسبب طرق تدبير تمويلها كما يقولون ، وامتنعوا عن تقديم الدعم المادي والمعنوي لمهرجان الرشيدية حسب أعضاء من جمعية المهرجان ، ما أدى إقبار المهرجان و إرجاع المدينة و سكانها وشبابها الى سالف عهدها لتعيش محرومة من حقها في الفرجة و الترفيه والتنوير كسائر المدن المغربية التي تنشط بها المهرجانات الثقافية ، رغم ما قيل عنها وطنيا ، حتى أصبحنا نسمع بمدن كانت الى عهد قريب نسيا منسيا تلتئم بها أنشطة فنية و ثقافية متنوعة بمناطق الجنوب الشرقي المحافظ ، حتى أنها باتت تحيي ثقافاتها عبر خلق مهرجانات و حفلات و أعراس للتعبير عن المخزون النفسي و الوجداني لدى السكان و في كل ما يرفه عن النفس لإخراجها من بوتقة الركوض و الخنوع و الكسل الذي يطوق ملكة الابتكار و الاختراع…
وازداد وضع المدينة الفني و الثقافي ركوضا خلال هذا الصيف ، وخاصة لتزامنه هذه السنة بحلول شهر رمضان الأبرك ، حيث لم تشهد المدينة أي نشاط ثقافي أو فني يستفيد منه شباب المدينة التواق الى الأنشطة ، اللهم ما عرفته بعض الأحياء التي تحركت بوسائلها الخاصة لتنشط رياضيا فقط …
وتغيب لدى المسئولين بالرشيدية سواء منهم المنتخبين أو الإداريين وخاصة مندوبية الثقافة التي تعتبر حسب العديد ممن التقتهم الجريدة أكبر الغائبين عن مجال الثقافي و الفني و المسرحي ، بل ليست لها أي رِؤية ثقافية ، رغم وجود فعاليات شبابية قادرة على الابتكار في مجال الثقافة والفن و الرياضة ، لا ينقصها سوى التشجيع المادي و المعنوي ، في وقت نشاهد و نسمع بأن جهات معروفة تمول جمعيات تابعة لحزب معين بملايين السنتيمات للقيام بحملات دعائية تأهبا للاستحقاقات المقبلة ، فيما يبقى الوضع الثقافي والفني و الرياضي في مهب الريح بمدينة بصمت بقوة في فترة من الفترات بأحرف من ذهب مدى قدرتها على اللعب مع الكبار في ميادين رياضية و ثقافية وفنية ، قل من يرتادها في هذه الجهة ،لحنكة شبابها الذي كان ناكرا لذاته في سبيل علو كعب مدينته خلال سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي.
المصدرعبد الفتاح مصطفى/الرشيدية
المصدر : https://tinghir.info/?p=10230