اصبح التسول بين النساء ، امرا يهدد البنيان الاسري للكثير من الاسر المغربية التي اضطرتها ظروفها المعيشية الصعبة للدفع بربت البيت او احدى بناتها او كلاهما الى الشارع ومد ايديهن للناس بالدعاء لمن يعطي ، ويعرضن انفسهم في بعض الاحيان لشتى انواع التنكيل والشتائم واحيانا الى التحرش من البعض ، فضلا عن المخاطر الكثيرة الاخرى التي يتعرضن لها نتيجة المعاملة التي يتلقونها من طرف بعض الاشخاص.
والاسباب التي تقف وراء ازدياد عدد النساء المتسولات متعددة من بينها غياب المعيل لاسباب مختلفة ولقد قمنا باستقصاء اراء بعض المتسولات اللائي وافقن على الحديث عن اسباب لجوئهن للتسول كوسيلة لطلب الرزق فكانت هذه الحصيلة.
الموت يغيب والدها وترك 6 افراد بدون معيل
زينب 20 عاما من مراكش تسكن مع عائلتها المتكونة من 6 افراد ، قائلة نحن اسرة فقيرة توفي والدي بعد ان قضى معظم شبابه في النجارة الخشبية ، اشتغل بعدة اعمال وكان يجهد نفسه لتوفير لقمة العيش ولكن الموت كان اسرع اليه من تحقيق مورد مالي لنا ، وبعد وفاته وجدنا انفسنا انا واخوتي وامي من دون معين ، فما كان امام والدتي بعد ان اعيتها الحيلة الا الخروج الى الشارع متخفية بنقابها لطلب العون من الميسورين واحيانا كانت تطرق الابواب لطلب ما ناكله من العائلات الميسورة ، وبعد ان تعبت ولم تستطيع الاستمرار ، لم يكن امامي واختي التي تصغرني سنا، بد من النزول للشارع رغم النظرة التي تعرضنا لها من البعض ولكننا كنا مجبرين على تحمل كل ذلك لاجل المعيشة.
وتابعت زينب حديثها ، بانها ورغم بلوغها سن الزواج لكنها تعلم ان ظروف عائلتها ستكون عائقا امام من يفكر بالتقدم لخطبتها نتيجة لنظرة المجتمع لها ، طالبة من الجهات المعنية السعي لتحسين الوضع المعاشي للاف الاسر ، ممن تتشابه ظروفها مع ظروف عائلتها.
مسنة تتسول لتوفير لقمة عيش ابنائها
فاطمة 65 سنة من وزازات ، قالت أنا أم أيتام، وزوجها متوفي منذ 2007 ولا يوجد من يعول أبنائها ويدفع إيجار البيت التي تسكن فيها بالاضافة الى فواتير الكهرباء والماء ، وأحيانا لا أقدر على السير بسبب كبر سني، وما يدفعني للتسول لقمة العيش لي ولأبنائي ، كما أن أحد أبنائي يعاني من مرض بالعمود الفقري ، وبعضهم لم يكملوا دراستهم بسبب عدم القدرة على توفير متطلبات الدراسة .
وقالت ورغم هذا الحال فهناك ما يزيد من حجم المأسات التي انا فيها من خلال ما اتعرض له من معاكسات البعض ، واضطر للصمت وتحملها رغم الالم الذي اشعر به من جراء ذلك ، لاني لم اختار هذا العمل المتدني الا من اجل ابنائي وامل من الجهات المعنية البحث الجدي عن حلول لنا نحن الفقراء لكي نستطيع العيش بكرامة خاصة اننا في بلد يزخر بالخيرات.
اختفى زوجها فذهب السند
خديجة 33 عاما تسكن في مدينة الرشيدية، تقول اختفى زوجي وكان يعمل في البناء وبعد اقل من شهرين على اختفائه لم اجد سند لي ولاطفالي ، حيث تخلى عنا الاهل والاقارب ، وانا لا اعاتب على احد كوني اعلم ان الكل محتار بقوت ابنائه ، واشكر اهل الخير من الميسورين الذين يجودون علينا ببعض المعونات في المناسبات الدينية بالاضافة الى ما يصلنا من بعض الميسورين الذين يجدون من يدلهم علينا لمساعدتنا ، ولكن الكل يعرف ان هذه الامور لا تأتي بشكل مستمر .
وهذا دفعني للبحث عن لقمة العيش من خلال التسول رغم علمي انها لا تليق بي ولكن ” الجوع” كافر كما يقولون، واشد ما نتعرض له ان البعض وخاصة من كبار السن يعرضون مساعدتهم مغمسة بطلب الرذيلة وهذا يجعلني احيانا اجلس في المنزل واقول بعدها لن اخرج
وليموت اطفالي من الجوع ، فما هو ذنبي ؟.
ووجهت خديجة كلمة للمسؤولين قالت فيها من منكم يرضى لاخته او بنته او والدته ان
تتعرض لما نتعرض له نحن التي دفعتنا الحاجة وحدها للتسول واتمنى منهم مناقشة حال المتسولات بصدق من خلال البرلمان وتخصيص لنا دعما ماليا يكفي لنا الحد الادنى للمعيشة وفتح مشاريع بسيطة لاستيعاب هؤلا النسوة.
تزوج والدها بالمرأة الثانية وتركها تتسول
حنان فتاة بعمر المراهقة من مكناس وجدتها امام احد المساجد تمد يدها قالت ان والدها ترك والدتها وتزوج بأخرى ، وحول اهتمامه كله لاسرته الجديدة ولا نرى منه سوى مبلغا من المال خلال المناسبات ، والدتي مريضة ولا تقوى على العمل ، ما اضطرني لترك المدرسة وكما ترى التحقت بالشارع ، لعدم قدرة أمي على توفير لنا ما نحتاجه ، وأغلب الأحيان تواجهنا الكثير من الإهانات والتحرش الجسدي ، من بعض المراهقين وخاصة سائقي السيارات من المارة ، واضطر لتحمل ذلك ، واختتمت قائلة ما نحصل عليه في اليوم قليل لان اغلب الناس ينظرون الينا على اننا مستسهلين هذا العمل ، متناسين الظروف التي اضطرتنا له.
تركت منزل زوجها بسبب المشاكل
صباح35 عاما من مدينة وزان مطلقة تقول انا من عائلة فقيرة وتزوجت قبل 4 اعوام لكن كثرة المشاكل مع عائلة الزوج اضطرتني للعودة الى بيت اهلي ولكن مع طفلين ، مما اضطرني للتسول ، وهذا عرضني لأنواع وأساليب مختلفة من التحرش اثناء مروري بالشارع، ولكوني ابحث عن لقمة اسد فيها جوع اطفالي لا أستطيع الرد على هولاء خوفا من الاعتداء علي أو إهانتي بأي شكل.
القائمين بالشؤون الدينية يرون ان التحرش بالمتسولات تتنافى مع اخلاقيات المسلم
من جهتهم اكدوا بعض القائمين بالشؤون الدينية ان أساليب التحرش المختلفة التي تصدر من قبل بعض الأشخاص ضد النساء المتسولات في الشوارع لا تعبر عن أخلاقيات الإسلام ، الذي يحثنا على البر والإحسان ، والابتعاد عن ممارسة الأساليب غير الأخلاقية التي تتنافي مع أخلاقيات المسلم ، ولا تصدر مثل هذه التصرفات إلا من أشخاص منحرفين لا يمتلكون عقلاً أو ضميرا ، ويجب على الدولة إيجاد حلول للحد من ظاهرة تسول النساء ، وإقامة مشاريع تعليمية وتأهيلية بعدة مجالات ، وجعلهن منتجات للمجتمع لا متسولات ، خصوصاً وأن التسول مسألة معيبة اجتماعياً بحكم العادات والتقاليد .
استاذ جامعي يفضل التسول على الانحراف
اما استاذ جامعي من مراكش يقول ان ظاهرة التسول ظهرت بشكل كبير بالأونة الأخيرة ، فالبعض يمارسونها كمهنة ، وآخرون بسبب الحاجة ، وأغلبية المتسولين من النساء ، اما فقدن ازواجهن او مطلقات وبعض الأشخاص يعمدون إلى معاكسة المتسولات لكونهم لا يمتلكون ضميرا أو مبدأ أخلاقيا ، وهناك جرائم ترتكب بسبب ظاهرة التسول، ونأمل من الدولة النظر إلى المتسول بعين المسؤولية والرحمة ،لأن ظاهرة التسول تزايدت خلال السنوات الاخيرة للظرف المعاشي الصعب لذلك يضف المتحدث انه من الأفضل على المرأة أن تتسول بدلا من الانحراف ، ويجب على الدولة ان تقوم بانجاز مشاريع تأهيل للمتسولات ليكن منتجات لهن وللمجتمع من حولهن.
المصدر : https://tinghir.info/?p=10051