Ad Space

تنغير : بوتغرار عروس مكون السياحية أو فرنسا الصغيرة كما يسميها شبابها

admin
آخر الأخبار
admin12 يوليو 2015
تنغير : بوتغرار عروس مكون السياحية أو فرنسا الصغيرة كما يسميها شبابها

1-الموقع الجغرافي
على بعد 25 كيلومترا إلى الشمال من قلعة مكونة تتربع بلدة بوتغرار الساحرة على ضفاف وادي مكون و التي يطلق عليها شبابها لقب “فرنسا الصغيرة”,و رغم بحثنا المضني و سؤالنا المتكرر فإننا لم نتمكن من معرفة أصل و حيثيات هذا اللقب.
بوتغرار تنتمي ترابيا لجماعة إغيل نومكون المؤسسة سنة 1992 والبالغ عدد سكانها أكثر من 22 ألف نسمة و إلى دائرة بومالن دادس-إقليم تنغير.
تتمتع بوتغرار بموقعها الاستراتيجي الرابط بين مناطق عدة كأزيلال(أيت بوكماز) و ثلاثاء أيت حمد شمالا و منطقة إمغران غربا عبر نفق “إمي نلغار”,الذي يعتبر معبرا إجباريا للراغبين بالتوغل في هذه الجبال,كما أنها لا تبعد عن وادي دادس من الجهة الشرقية سوى ب15 كيلومترا عبر طريق غير معبدة تسمى “تلتفراوت” التي توصل مباشرة إلى إحدى أشهر القصبات بالجنوب الشرقي و هي قصبة موحداش(تيغرمت نموحداش).
يشطر وادي مكون بلدة بوتغرار شطرين,نصف إلى اليمين و يتكون من “تامالوت” و “أمردول” و هما عبارة عن تجمعيين سكنيين حديثي الولادة بالمقارنة مع النصف الآخر الواقع إلى اليسار و المسمى “أكماظ” أو “إغرم أقديم”.



aid

borjjjjj201555
2-أصل التسمية
ترجع الروايات الشفوية المتداولة عند بعض الشيوخ البوتغراريين أصل تسمية بوتغرار بهذا الاسم إلى مرحلة التواجد البرتغالي بالمنطقة،حيث كان “البرطقيسيون” يفرضون على سكان هذه البلدة دفع ضريبة عبارة عن جزء مما تجود به أرضهم من المحاصيل الزراعية،فكان السكان يملؤون تلك المحاصيل في أكياس كبيرة الحجم مصنوعة من صوف الماعز تسمى ” تيغرار”,ليتم  بعد ذلك تحميلها على البغال نحو المعقل الذي يتحصن فيه الجيش البرتغالي في عالية جبل يطل على المنطقة.
وتحكي هذه الروايات أن الساكنة سئمت من تجبر البرتغال و ضاقت ذرعا من تسلطهم حيث تظل تعمل طلية السنة و في الأخيرة تسلم ثمار جهودها للمحتل البرتغالي،فاقترح عليها(الساكنة) بعض حكمائها اللجوء إلى حلية لوضع حد لهذا الوضع,و تقوم هذه المكيدة على إدخال مجموعة من الرجال المسلحين داخل الأكياس(تيغرار) عوض المحاصيل الزراعية(الضريبة) وفي هزيع إحدى الليالي المظلمة بينما كان جنود المعقل البرتغالي مستغرقين في النوم خرج عليهم الرجال المسلحون من الأكياس وقاموا بذبحهم واحدا واحد باستثناء فتاة جميلة لم يمسوها بسوء لأنها هددتهم إن قاموا بقتلها بحلول اللعنة عليهم و جفاف إحدى عيون الماء الرئيسية بالمنطقة فيعم القحط و المجاعة,و يقال إن أحد سكان المنطقة غير اسم هذه الفتاة إلى عيشة و تزوجها,و هذه العائلة التي يعتقد أن جدها هو الذي تزوج بالفتاة البرتغالية مشهورة في بوتغرار باسم “أيت عيشة” و “أيت بها”,غير أن هذه الروايات الشفوية لا يمكن الحسم في صحتها من خطئها في ظل غياب أي مصادر أخرى مكتوبة,دون أن ينقص ذلك من أهميتها باعتبار الرواية الشفوية مصدرا مهما من مصادر التأريخ خاصة في مجتمع لم يكتب تاريخه بنفسه,بل اكتفى بتناقله و توارثه شفويا جيلا عن جيل.
3-الإمكانيات السياحية و الفنادق

botghrar2222015
بوتغرار لوحة فنية متكاملة المعالم,يتداخل فيها ما هو من صنع الطبيعة بما هو من إبداع الإنسان,فإلى جانب وادي مكون الذي لولاه ما قامت للحياة قائمة بهذه المنطقة,حيث يسترها من عورة الجفاف و يلبسها لباسا أخضرا من الأشجار و الحقول المنتشرة على ضفافه,قلت إلى جانب هذا الوادي تطل الجبال من كل الجهات على بوتغرار بلونها الأحمر كأنها حراس يحرسون عذراء حسناء خوفا عليها من الاغتصاب.
وتضفي القصبات التي برعت في بنائها أيادي المكونيين,قصبات ظلت مرفوعة الهامة منذ قرون رافضة الركوع,مصرة على الصمود و عدم الاستسلام لعوادي الزمن,تضفي على المكان سحرا عذريا خاليا من المساحيق في منظر سريالي يستعصي على الرسم بالكلمات,إذ تعتبر قصبة موح نتمورغدانت(تغرمت نوتمورغدانت) من أشهر المعالم العمرانية البوتغرارية التي تزيدها اللقالق التي تتخذ من قمم أبراجها أعشاشا و الزخرفة الأمازيغية البسيطة على واجهاتها جمالا على جمال.
تستقبل بوتغرار سنويا بالأحضان مئات السياح القادمين من مختلف بقاع العالم للاستمتاع بهدوئها و جمال طبيعتها و نقاء هوائها و بساطة سكانها,فهي بذلك ملاذ للسائل عن السكينة و المحروم من الهدوء و الهارب من ضجيج المدن الفار من تلوثها و صخب الحياة فيها.
نظرا لموقعها الهام,فإن بوتغرار تتوفر-فضلا عما ذكرناه-على إمكانيات سياحية هائلة,إذ تعتبر نقطة انطلاق الرحلات نحو وجهات متعددة باستعمال وسائل نقل مختلفة من البغال و الدرجات النارية و العادية وسيارات الدفع الرباعي و “حتى المشاة” الذين توفر لهم الطبيعة خدمات هائلة و مناظر جذابة,إما يمينا باتجاه دواوير أيت مراو صوب منابيع مكون عبر الخانق الضيق جدا الذي لا يتجاوز اتساعه حوالي مترين و المعروف ب”أشعبو” أو ‘تين ووتشي” مرورا عبر دواوير أزويغمت وصولا إلى أيت بوكماز,أو يسارا نحو مضايق أكوتي و أمجكاك و إمغران صوب قمة مكون الواقعة على ارتفاع 4080 مترا كواحدة من أعلى القمم في المغرب قبل استكمال المسير نحو أيت بوكماز كذلك أو العودة إلى مكان الانطلاق بوتغرار.
كل هذا يجعل من بوتغرار مصدر جلب للسياح العاشقين للسفر عبر الجبال لسبر أغوار ثقافة أهلها و عادات سكانها القابعين خلفها أو الملتصقين بحوافها كرضع يأبون فراق أثداء أمهاتهم !
سياح حالمون بالصعود إلى ذروتها لاختبار صبرهم و مدى قدرتهم على التحمل و تحقيق ما لم يحققه إلا القلائل,خاصة عند بلوغ نقط يستحيل معها استعمال وسيلة نقل أخرى غير الأقدام.
عروس مكون إذا,هي  نقطة تلاقي قوافل السياح القادمين من بوكماز(أزيلال) نحو قلعة مكونة أو المتجهين في الاتجاه المعاكس كما وضحنا سلفا.
ونواحي بوتغرار تعج
بالرحل من سكان الكهوف مما يستهوي عددا كبيرا من السياح المتطلعين إلى استكشاف الحياة البدائية لهؤلاء البدو,ظروف عيشهم و الأسرار الكامنة وراء صمودهم في وجه هذه الحياة القاسية,حيث تشكل المناطق المحيطة بالمسلك الطرقي الرابط بين بوتغرار و وادي دادس عبر “تلتفراوت” معقلا لهؤلاء السكان.
بوتغرار هي كذلك فضاء طبيعي لهواة “المغامرة الميكانيكية”,حيث تمثل منعرجات مرتفع “تعلويت” المكان المفضل لمحبي هذا النوع من الرياضات الباحثين عن الموت حسب بعض ظرفاء المنطقة,لأن هذه المنعرجات تذكر الساكنة بفواجع و مآسي كبيرة عندما كان يقضى فيها عشرات المكونيين بشكل شبه يومي قبل تعبيد الطريق نحو قلعة مكونة,لذلك فمن غير  المبالغ فيه  أن يوصف الناجي من خطر الموت فيها بالمولود و المتنقل عبرها بالمفقود,أما اليوم و قد أغناهم الله شرها,فإن المغامرين بحياتهم هناك لا يمكن أن يكونوا إلا “مساخيط الوالدين” !
الصعود إلى مرتفع تعلويت يمنح الزائر للمنطقة نظرة بانورامية شاملة من أعلى و  لا يمكن أن تفوت هذه الفرصة لأخذ صورة تذكارية يتذكر بها المرء أنه مر يوما من هذا العالم السحري المنسي بين الجبال !
تتوفر بوتغرار إضفة إلى المؤهلات الطبيعية على تجهيزات فندقية لا بأس بها أهمها فندقي أوايو(Hotel Awayou) و تمالوت(Hotel Tamalout) الواقعين عند مدخل هذه البلدة,و قصبة شمس(Kasbah Chames) و قصبة أمناي(Kasbah Amnay) و فندق بوتغرار(Hotel Boutgherar) و رياض بيربير (Riad Berbere)…و الملاحظ أن أغلب هذه الفنادق مبني بطرق تقليدية و مواد محلية كالطين و جذوع الأشجار و القصب أما غرف النوم فهي مفروشة بما نسجته يد المرأة الأمازيغية من زرابي و ما طرزته من أغطية و وسائد,في حين تفتقت عبقرية أصحاب هذه الفنادق لتحول قطعا خزفية كالجِرَار و القصع إلى دورات مياه تؤثث حماماتها و أخرى معلقة على الجدران جاعلة من الفندق فندقا و متحفا في الآن نفسه !!
و تمنح الجلسة في شرفاتterrasses  هذه الفنادق تحت الخيام التقليدية أو مظلات مصنوعة من جريد النخيل الزائر لبوتغرار راحة نفسية و نظرة شاملة تشعره بهناء البال,فكل شيء في هذه المناطق عفوي  و بريء من بروتوكلات المدن و رسمياتها المملة
4-صعوبات و مشاريع تنتظر الإنجاز
رغم إمكاناتها الهائلة,فإن بوتغرار كغيرها من المواقع السياحية بالجنوب الشرقي تعاني من العديد من الصعوبات و المشاكل و لعل أكبرها هو التهميش الإعلامي,باعتبار الإعلام دعامة أساسية للقطاع السياحي الذي يعتبر مورد رزق للكثير من المكونيين,و ذلك عن طريق الإشهار و التعريف بما تزخر به المنطقة من مقومات,حيث نسجل شبه غياب لهذه المناطق في الإعلام الوطني بمختلف تلاوينه,يضاف إلى ذلك هشاشة البنية التحتية,فالطريق الوحيدة الرابطة بين بوتغرار و قلعة مكونة ضيقة و في حالة كارثية مما يشكل خطرا على مستعمليها خاصة أثناء التقابل أو التجاوز,مما يجعل منها مسرحا لحوادث مميتة,و يزداد الوضع مأساوية عند تهاطل الأمطار,إذ إن تساقط الأحجار و تآكل جنبات الطريق يمثلان الخطر المحدق بالمتنقلين عبرها.
أما مشكل العزلة الذي تفرضه أجواء فصل الشتاء,فيظهر جاليا ليس بالغوص في دواوير مكون أين يكون أظهر من نار القرى ليلا على علم,إنما على مستوى القنطرة الواقعة وسط بوتغرار,حيث يغمرها الوادي لساعات و ربما لأيام,ليجد آلاف السكان أنفسهم معزولين عن العالم الخارجي و معهم بعض السياح الذين يتصادف تواجدهم هنا مع أجواء مناخية باردة و قاسية جدا و كثيرا ما عاينا أو سمعنا بحالات أجانب علقوا بالمنطقة و كادوا يقضون فيها بسبب غياب وسائل الإنقاذ و تقنيات التدخل السريع,مما يولد لديهم إحساسا بالتذمر و عدم الرغبة في المجازفة بأرواحهم مرة أخرى,”أما السكان المحليين فقد ألفوا ” !!
كثيرة هي المشاريع التي تنتظرها بوتغرار و التي من شأنها المساهمة في تنمية المنطقة و رفع التهميش عنها,و نلخص بعضها فيما يلي:
-توسيع الطريق الرابطة بينها و بين قلعة مكونة وحمايتها من التساقطات الصخرية الخطيرة بوضع حواجز إسمنتية تحول دون وصول الأحجار الضخمة التي تلحق بها أضرارا بليغة.
-إعلاء قنطرة وادي مكون.
-تعبيد الطريق الرابط بين بوتغرار و وادي دادس(جماعة أيت يول) و الذي لا يتجاوز طوله 15 كلم لأهميته السياحية و التجارية.
-تعبيد الطريق الرابطة بين أوزيغيمت و ألمدون على طول 25 كلم و من تم الربط بين إقليمي تنغير(إغيل نومكون) و أزيلال(أيت بوكماز) شمالا مما من شأنه تنشيط الحركة السياحية بالمنطقة.
-تعبيد المسلك الطرقي المؤدي إلى مضايق أكوتي على طول 10 كلم.
– إنجاز مشاريع و برامج سياحية من طرف السلطات المختصة(وزارة السياحة,وزارة الثقافة,وزارة البيئة,عمالة تنغير…)للتعريف بالمنطقة و إشهارها كالمهرجانات الثقافية و التظاهرات الرياضية الجبلية…
مشاريع و أخرى تنادي فهل من مجيب؟

المصدرمصطفى ملو / تنغير انفو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.