حسن الطاهيري/تنغير أنفو
أصدرت الكاتبة والفاعلة الجمعوية وردية أوتركي أول مؤلفاتها تحت عنوان “وردة قلعة مكونة”. وهو كتاب توثيقي ثقافي يتناول الوردة العطرية، رمز قلعة مكونة، من زوايا متعددة: تاريخية، اقتصادية، اجتماعية وجمالية، في محاولة جادة للتعريف بهذا الموروث الطبيعي والثقافي الثمين، وتثمينه على الصعيد الوطني.
تنحدر وردية أوتركي من دوار آيت يدير بجماعة آيت سدرات الجبل السفلى، وترعرعت في آيت يحيا، جماعة آيت سدرات السهل الغربية إقليم تنغير، وتُعد من أبرز الفاعلات في مجال التنمية المحلية والتمكين الاقتصادي للنساء. وهي رئيسة تعاونية الوردة الدمشقية لإنتاج النباتات الطبية والعطرية، وعضوة في الفيدرالية البيمهنية المغربية للورد العطري، وطالبة جامعية في تخصص علم الاجتماع، إضافة لحصولها على دبلومين في تسيير المقاولات وتخصص النباتات الطبية والعطرية.
“وردة قلعة مكونة” ليس مجرد عمل أدبي، بل مشروع وعي مجتمعي يحمل بين دفتيه رسالة قوية للحفاظ على كنز طبيعي بات مهددًا بالإهمال. جاء الكتاب، كما توضح الكاتبة، من “غيرتها على الورد باعتبارها ابنة الأرض وابنة الوردة”، ومن اشتغالها العملي والميداني في هذا المجال.
يتألف الكتاب من 80 صفحة، ويضم أربعة فصول رئيسية بدأ بتاريخ الوردة وأصلها، حيث يناقش هل هي فعلاً وردة مستوردة من دمشق أم نبتة محلية تأصلت في جبال الجنوب المغربي، ثم محور حول السلسلة الإنتاجية للورد العطري، بدءًا من الزراعة والجني، مرورًا بالتقطير، وانتهاء بالتسويق، الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للوردة، كرافعة للتنمية في المنطقة، ومصدر إلهام في الثقافة المحلية، والفوائد الصحية والجمالية للورد العطري، والتي تجعل منها عنصرًا ثمينًا في الصناعات التجميلية والعلاجية.
ويهدف الكتاب، كما تؤكد الكاتبة، إلى رفع الوعي الوطني بأهمية وردة قلعة مكونة، والتعريف بقيمتها البيئية والاقتصادية، وبالمنطقة التي تحتضنها، كمجال غني بالتراث الطبيعي والبشري، يحتاج إلى مزيد من التثمين والاهتمام على المستويين المحلي والوطني.
تقول وردية أوتركي في رسالتها للقراء: “هدفي ليس ربحيًا. أنا ابنة الورد، وأحاول فقط أن أساهم في نشر الوعي بقيمة هذا التراث الذي يمثلنا، ويستحق أن نفتخر به أمام العالم.”
ويُعد هذا الكتاب مرجعًا أوليًا هامًا لكل المهتمين بالورد العطري، وبمنطقة قلعة مكونة، ولكل من يسعى لاكتشاف العلاقة العميقة بين الإنسان، والطبيعة، والعطر.
غلاف الكتاب تظهر فيه قصبة أمازيغية تراثية وسط حقول نبتة الورد العطري و عنوان بارز للكتاب باللون الوردي و في الأسفل اسم الكاتبة وردية أوتركى، تناغم وتناسق في الاسماء و الألوان و الدلالات يبين للقارئ أن الكتاب سيتحدث عن عصارة الورد العطري من وجهة نظر ابنة الأرض و الورد منذ ولادتها الى عملها داخل تعاونيات تقطير الورد العطري بقلعة مكونة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالورد لدرجة أن كل شيء في هذه المدينة الصغيرة يتمحور حول هذه الوردة العطرية الجميلة. بدءًا بمجسم يتوسط وسط المدينة، مرورًا بأسماء الفنادق، ولون السيارات الفريد من نوعه، والدكاكين المصطفة على طول الشارع الرئيسي بالمدينة التي تعرض مستحضرات التجميل ومنتجات الورد، وصولًا إلى مهرجان الورد الذي يقام كل سنة على شرف الورد ويجذب آلاف الزوار إلى المنطقة. وأكثر من ذلك، فإن سكان الواحة يسمون بناتهم بأسماء مشتقة من الورد مثل “وردة” و”وردية” تيمُّنًا وتبرُّكًا بالورد كما هو الشأن بالنسبة للكاتبة وردية ..
هذه الهوية العميقة لقلعة مكونة مع الورد، تجعل الكتاب الذي أصدرته وردية أوتركي أكثر أهمية كأداة توثيقية تُسهم في الحفاظ على هذا التراث الغني وتعزيز الوعي بأهمية الوردة في تعزيز الهوية الثقافية والاقتصادية للمنطقة.
المصدر : https://tinghir.info/?p=74957