السوق الأسبوعي بتنغير، ( السوق أجديد )، أو (السوق نبرى)، أو ( السوق ن الإثنين ) ، كلها مسميات لمسمى واحد، أو كما هو متعارف عليه بين أهل تودغى . المركز التجاري الأسبوعي الذي يتربع في قلب تنغير المركز ،يفد إليه التجار الصغار و الكبار من كل المناطق المجاورة لعرض سلعهم التي ينتظرها المتسوقون بشغف شديد، السوق الذي يحمل رمزية اقتصادية واجتماعية وثقافية بين الأهالي، هو علامة فارقة بين أيام الأسبوع حيث فيه بالإضافة إلى كونه مركز تجاري ، يلتقي فيه الناس في ما بينهم لتجديد التواصل، وتبادل الأخبار ، فيه يلتقي عمال أوراش البناء بمشغليهم لتسلم أجورهم الأسبوعية أو ما يعرف بينهم ب (السيمانة)، فيه تعقد الصفقات التجارية، منه تنطلق بعض الأفكار والمخططات الجمعية بين القبائل، منه يحمل كل فرد إلى بيته أحوال أثمان المواد الأساسية من قمح و شعير و ذرة ،
و زيت و زيتون ، و لوز .
منه تنطلق الأسعار و تحدد القيم المادية للمواد، هو بذلك يشكل برصة اقتصادية محلية، فيه للفقراء فرصة اقتناء بعض الخضر والمواد بأثمنة جد مخفظة تضامنية معهم ،
و للمساكين يوم للبذل والعطاء من قبل التجار و الأغنياء، وفيه تبيع النساء بعض منتوجاتهن من الصناعة التقليدية ، وبعض المنتوجات الفلاحية من بيض و دجاج بلدي و نعناع وبعض الشتائل لخضروات موسمية.
وفي المخيال الطفولي كنا ننتظر يوم الأثنين كي يقتني أهالينا لنا بعض الفواكه و التمور وبعض الحلوى و(قيلو) ، هو لنا في أيام الصبى كيوم عيد ،ننتظره بفارغ الصبر ، ولكل منا ذكريات جميلة مع هذا المجمع الأسبوعي ، و المحج التودغي . به نعرف ترتيب أيام الأسبوع إن غمت علينا ، كما نعرف أواسط الأيام بصلاة الجمعة.
كيف لي أن أنسى بعض البدايات الطفولية التجارية من بيع وشراء الأكياس البلاستيكية بين باعة الخضر و التمور ، وبيع البيض و الحمام و الأرانب، ليكون بذلك أول مدرسة تجارية لكل الصغار ، هي ذكريات أجمل منها لم أجد .
و لكن الذي وصل إلى قلب مسمعي اليوم أن أخبارا تفيد بأن جماعة تنغير قررت بيع وتفويت هذا السوق الأسبوعي لبعض الخواص لأغراض أخرى احتكارية ،هو قرار فجائي أبشع منه لم أسمع ، هو تفويت استطاني أبشع من استطان اليهود بغزة، و نابلس و القطاع .
وا معتصماه ! ، رموز تودغى تنسف رويدا رويدا ، ولا أحد يحرك ساكنا أليس في المجلس الجماعي رجل رشيد ؟ ، أليس للميراث الجمعي حام تليد ؟ ، أليس بين الذكور رجل به نخوة الثراث المشترك ؟ ، أليس في تنغير من يغار على حمى الديار من مخططات الدمار .
وا معتصماه ! ، في الوقت الذي ننتظر فيه تأهيل المدينة ، نتفاجئ بتفويت السوق الأسبوعي، بدم بارد ، لينضاف لما تم تفويته من طرف مجالس سابقة ، و شيدت عليه بنايات في جنح الظلام مخالفة حتى لقوانين النظام، و الأهالي في سبات نيام …
تأسفا سأضع نقطا ثلاثا بدل نقطة الختام ، و للأحرار أقول: لنا سلوان على هذا الهوان …
م. المهدي العلـوي تنغير
المصدر : https://tinghir.info/?p=73575