من المستفيد من سلخ الهوية المغريبة؟

admin
اقلام حرة
admin7 يوليو 2015
من المستفيد من سلخ الهوية المغريبة؟
يوسف عشي

تلوح في الأفق ملامح أزمة أخلاقية سياسية في المغرب.. أبطالها من نوع الكومبارس أولائك الذين آثروا لعب أدوار البطولة مكان أسيادهم في مشهد يعتبرونه أو يظنون أنه في الوطن الثانوي مادم ولاؤهم لوطن آخر يعتقدون، وهما، في الإنتماء إليه، أو على الأقل يمنون النفس بذلك..

     وفي المشهد أبطال آخرون صنعهم الحدث أو لنقل أجبرتهم روح الإنتماء وجينات الهوية المغربية على الوقوف موقف المتصدي لأوئك..

     لكن المصيبة أن رحى هذه المعركة تدور بهذا الوطن، وهي بلاشك لن تدور خاوية وإنما ستطحن.. ومهما كان ما تطحنه فهو بالنهاية خسارة لهذا البلد.

     ولبسط القول في هذه القضية التي نعتبرها هوياتية.. لا بد من إثارة بعض التفاصيل لإضفاء نوع من الوضوح في المشهد.. حيث يبدو أن المصاب جلل وأنه لا فرار من الإقرار بنظرية المؤامرة على كراهتها.. فدائما ما كنا نرفض توظيف هذه النظرية التي تعبر أصلا على ضيق الأفق، وتعتبر أحد الحلول الرئيسية لتبرير سلوكات قد تكون في غالبها استبدادية..

    إنه لا مناص من الإعتراف أن هناك شيئا ما يدبر ويحاك أو لنقل دبر وحيك ضد هذا البلد ونحن لا نتوارى عن اتهام ما نعتبره العدو الأول للبلد وهو الإستعمار الفرنسي الذي لم يغادر البلد سوى بالثوب العسكري ليظل جاثما على أنفاسنا إلى اليوم..

   وتشير بعض التفاصيل حتى لا نتهم بشمولية القول.. إلى أن من سنسميهم أزلام الفرنكوفونية قرروا تنفيذ مآرب أسيادهم.. لنسمع عن محاولة قوية لضرب اللغة العربية نفذت مستوايتها الخططية الأولى على مستوى الإعلام باستخدام “الذروع” أهمها القناة الثانية الوطنية (ياحصرة) والقناة الوحيدة الخاصة بالبلد

     ليبدا تدريج ما يقدم بالعربية من برامج حتى يكلف مثلا جلال بوزرارة الصحافي القدير المتخصص في الصحافة الرياضية باللغة الفرنسية سيكلف بتقديم برنامج المفروض أنه ناطق بالعربية لتلعب الدارجة دورها الرئيسي بالبرناج ويتم مواراة البرنامج الآخر الناطق بالعربية الفصحى ليس محبة من القناة وإنما لشكيمة وشجاعة وكفاءة مقدمه الصحافي المقتدر نوفل العواملة، ويتم رميه إلى أخر ساعات البث ليوم الإثنين حيث تكون جميع القنوات والمواقع قد بثث وأذاعت أخبار وصور وفيديوهات البطولة الوطنية التي تشكل مادة البرنامج الرئيسة..

     نعرج على القناة الثانية الوطنية، أوتلك التي بات عدد من المواطنين يسميها بقناة “المسخ” حيث احترفت هذه القناة منذ تأسيسها كقناة خاصة، وحتى وقوفها على شفى الإفلاس في أكثر من مناسبة وتحويلها إلى قناة عمومية، احترفت تقديم المادة المذاعة والبثوتة سواء كانت سينمائية او تلفزيونية أو مسابقاتية كما يحلو للتيار الفرنكوفوني أن يراها وليذهب المشاهد المغربي العربي الأمازيغي إلى الجحيم.. حتى تبث المشاهد الفاضحة والفاحشة وأحيانا على الهواء مباشرة دون مراعاة لأدنى الشروط الأخلاقية التي ينص الدستور المغربي وحتى دفتر التحملات عليها..

     وكما لا يخفى على القارئ الكريم الحدث التخريبي الخطير الذي حاول أزلام الفرنكوفونية إحداثة بالمنظومة التعليمية حينما خرجوا بفتوى تعويض اللغة العربية باللهجة الدارجة في التدريس ليشكل ذلك المستوى الثاني من المخطط .. لكن لسوء حظهم كان تيار الممانعة أقوى ولازلنا نتذكر كيف تصدى المفكر المغربي عبد الله العروي بكل رزانة وهدوء ورصانة، وهو الداعي اصلا إلى التماهي مع الغرب، تصدى لأحد كومبرسات الفرنكوفونية في لقاء تلفزي بته طبعا أحد الأذرع الآنفة الذكر والمساماة “قناة وطنية” “بلا حشمة بلا حيا”..

    المستوى الثالث من المخطط، كما نزعم، وهو الأخطر.. يروم الرفع من مستوى التدمير الحضاري حين يستهدف الأساس القيمي الأخلاقي للمجتمع وطبعا بتوظيف الذراع الإعلامي أظف إليه السينما وكل يعلم ما يجري بالمركز السنمائي “الفرنسي” بالمغرب كي لانقول المغربي. والذي يعلم الجميع الشروط التي يضعها للاستفادة من الدعم والتي تقضي بكل بساطة بالتحول إلى أحد كومبارسات الفرنكفونية حتى نرى بأم أعيننا جل إن لم نقل كل الأعمال السينمائية وحتى التلفزية يتم ترجمة الحوار المنطوق فيها بالدارجة إلى الفرنسية، في حين لا يتم ترجمة الحوار المنطوق بالفرنسية إلى العربية أو الأمازيغية أو حتى الدارجة..

   ولا يسعنا الحديث عن مهرجان “فرنسا” للسينما بمراكش، حتى لا نسميه خَبَلا وبلاهة بمهرجان مراكش السينمائي.. الذي لا علاقة لمراكش أو أي “قندوح عربي” أصلا بإدارته ولا تدبيره وهو الذي ترصد له الميزانيات الخيالية.. لتذبح السيادة فيه ذبحا أمام مرآى ومسمع المسؤلين عن البلاد والعباد والذين يبدو أن الجرءة لديهم تبقى سلوكا حصريا مع الشعب لا اللوبيات القوية.. حتى يتجرأ وزير الحكامة على تحدي و”تصبيط” كل من تسول له نفسه مناقشة تخليات الحكومة على المواطن والرفع المتزايد للأسعار وبالتالي لتكلفة المعيشة وتلك قضية أخرى فيها نظر..

     وتشكل ما يحاول كومبارسات الفرنكوفونية تحويله إلى ظاهرة إجتماعية وحراك إجتماعي من بداية مناقشة مسألة الاجهاض “المنتهية أصلا وأصوليا” وتحويلها إلى بروباكاندا تهدف إلى زعزعة القناعات الأخلاقية بالمجتمع، والتي نجحوا خلالها في خداع حتى أعلى سلطة في البلد حين تدخل الملك وعين لجنة للتدقيق والتمحيص في الموضوع. وهو المنتهي أصلا والذي لا خلاف عليه اللهم إذا وضعت القيم الأخلاقية والأصول الشرعية جانبا..

    وأمام واستفزاز “المثليين” للمواطنين الشرفاء وتحويل سلوكهم المنحرف إلى ظاهرة إجتماعية بل إلى قضية حقوقية “بلا حشمة بلا حيا” ومحاولة خلق تيار يحاكم الأخلاق باستعمال الحقوق.. وتحويل المنحرفين إلى ضحايا ومحاولة شيطنة العديد من الأطراف بالمجتمع.. كلنا نعلم أن كل مفكري وفلاسفة الدنيا القدامى والمعاصرين يرتبون الأولويات بوضع الأخلاقي فوق كل شيء .. إلا ان أزلام الأسياد والكمبرسات الذين يعتقدون أن بإمكانهم إقناع الشعب المغربي بأنهم أبطال.. يسعون إلى لعب أدوار البطولة في الإجهاز على قيم المجتمع.. لكن هيهات..

الأمثلة والتفاصيل عديدة لكن نكتفي فقط بهذا القدر لنمر إلى بيت القصيد..

      إننا حينما نتكلم عن الفركوفونية فنحن لا نعتبرها في حد ذاتها وسما أو عارا أو ماشابه.. بل إننا نعتبر أنفسنا نعيش في بلد تعتبر اللغة “الأجنبية” الأولى فيه هي الفرنسية. ورغم الذراع الطويل لحماة الفرنسية الذين غرسوا لغتهم في إداراتنا غرسا بل جعلوها مقوما من عناصر التقييم التعليمي والتربوي وهذا سلوك خاطيء إذ تظل في أول الأمر وآخره : لغة أجنبية يتم الجني على أبنائنا حين مرورهم إلى مستويات تعليمية عليا حين يجبروا على الدراسة باستعمالها كلغة اسايسية وهذا ما ساهم ويساهم في تخريب المنظومة التعليمة وهدر طاقات ابنائنا. ظل المغاربة يقدرون لغة موليير.

     وحينما نتحدث عن اللغة الفرنسية نتحدث عن لغة راقية وأدب رفيع، على أبنائنا تعلمه وليس تحويله إلى لغة التعلم ولغة الإدارة. فالطامة الكبرى هي اعتقاد أغلبية ابنائنا أنها لغة العلم.. وكل اللغويين واللسانين – كما يؤكد جميع المتخصصين – يؤشرون على اللغة العربية كلغة قوية للعلوم وقد أكدت ذلك فعلا بإدخالها للعلوم إلى أوربا باعتراف كبار مفكريهم وليس زعما منا أو حماسة..

    إن تخريب المنظومة القيمية للمجتمع المغربي لن يفيد الفرنكوفونية في شيء.. وتسفيه الشعب المغربي أيضا لن ينج على الإطلاق.. ويعلم جميع القائمين على الشأن الفرنكوفوني بفرنسا أنها في انحصار.. وعوض تنمية الأبحاث وتطوير اللغة والثقافة الفرنسيين لتجذب المزيد من الأنصار، اختاروا – مع كامل الأسف- خيار إعاقة الآخرين بذل تنمية الذات.. وهو خيار أثبتت التجارب الإنسانية التاريخية فشله الذريع وبإطلاق.

   من أجل هذا كله نقول: إن في هذا البلد رجالا وسيدات.. وإن له حماة.. نقول لأزلام الإنحطاط.. هيهات.. هيهات.. لن نتالوا من هذا الشعب الأبي.. لأنه وبكل بساطة جزء من حضارة وأمة عظيمة تلك التي قال فيها المولى جل وعلى” { كنتم خير أمة أخرجت للناس..} وذلك لأسباب يوردها ربنا الكريم باستطراده {.. تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر..} وذلك لأن لنا رسالة.. وهي رسالة أخلاقية جسدها قول النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام : { إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..} وزكى قوله الله جلا وعلى { وإنك لعلى خلق عظيم} ودعانا للإقتداء به قائلا { ولكم في رسول الله أسوة حسنة، لمن كان يرجو الله واليوم الآخر…} ويبدو جليا  أن هناك من لا يرجون الله بالمغرب.. ولا يستهويهم ذلك.. السلام عليكم.

المصدريوسف عشي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.