آثار التواجد اليهودي بتافيلالت من خلال متحف سجلماسة ملتقى الحضارات

admin
2015-05-11T11:51:04+01:00
آخر الأخبار
admin11 مايو 2015
آثار التواجد اليهودي بتافيلالت من خلال متحف سجلماسة ملتقى الحضارات
لقد أصبح من نافلة القول بأن تافيلالت كانت ولا تزال بمثابة ملتقى الحضارات والثقافات التي أفرزها تعدد المكونات الإثنية التي عمرت المنطقة منذ قرون خلت، بما فيها الأمازيغ والعرب والأفارقة والأندلسيين، ثم اليهود الذي يرجع تاريخ استقرارهم بهذه الربوع من المغرب العميق إلى أزمنة سحيقة إلى حد أن الباحث ناعوم سلوش أشار في معرض دراسته عن يهود المغرب إلى كون اليهود استوطنوا تافيلالت منذ القديم، بل كانوا من بين العناصر التي لها قصب السبق للاستقرار في المنطقة الفيلالية، وذلك بدليل أن مصطلح تافيلالت نفسه، هو في واقع الأمر مشتق من إحدى الطوائف اليهودية التي كانت متواجدة بالمنطقة والتي كان يطلق عليها محليا تافيلات Tafilat، إلى جانب طوائف يهودية أخرى كثيرة اشتهرت بالحرف والصنائع والمتاجرة في الذهب والحلي وغير ذلك.
ويتجلى التواجد اليهودي بالمنطقة من خلال مجموعة من الآثار، أبرزها الملاحات وهي الأحياء السكنية التي لا يكاد يخلو منها قصر من قصور الواحة، والمعابد الدينية، والمقابر التي حظيت بعناية فائقة في الآونة الأخيرة في إطار مشروع حفظ الذاكرة اليهودية، بالإضافة إلى أوراش الحرف والصناعات التقليدية، فضلا عن المواسم الدينية (هيلولة نموذجا) والطقوس الاحتفالية  التي تمر في أجواء تمتزج فيها الثقافة اليهودية بالأمازيغية والعربية بشكل لافت (عاشوراء بقصر إكلميمن بواحة غريس نموذجا) إلى غير ذلك من الآثار والبقايا التي تبرز بشكل جلي الحضور الفعلي لقيم التعايش والتساكن بواحة تافيلالت.
وسعيا منه في تقريب البعض من هذه الآثار والبقايا، عمل متحف سجلماسة ملتقى الحضارات بمركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث بالرشيدية على تخصيص رواق للتراث اليهودي، مساهمة منه في فتح الطريق في وجه الباحثين والدارسين لركوب غمار البحث في تاريخ وتراث هذا المكون الإثني الذي يعد جزء لا يتجزأ من ذاكرة الواحة.
ويضم هذا الرواق مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة والأدوات التقليدية المرتبطة بالحياة اليومية والدينية اليهودية منها:
صور تعكس بعض الأنشطة الحرفية والتجارية: التي تعد كما هو معلوم مساهمة فعلية من لدن الأقلية اليهودية في ازدهار الحياة الاقتصادية للمنطقة، التي عاشت بفضل موقعها الاستراتيجي زمنا ذهبيا أرخت له المصادر التاريخية والجغرافية، فضلا عن كونه ما يزال حاضرا بقوة في الذاكرة الشعبية المحلية.
صور أعراس ومناسبات منوعة: تتيح للمتلقي فرصة اكتشاف جوانب من الثقافة اليهودية (من عادات وتقاليد وأزياء وحلي وتجميل…) وتبرز في مجملها مدى انصهار العنصر اليهودي في المجتمع الواحي بشكل يصعب التفريق فيه أحيانا بين امرأة يهودية متزينة ونظيرتها من إحدى المكونات الأخرى. ويتخلل هذه المجموعة عقد زواج يهودي يعود تاريخه إلى سنة 1873.
شمعدانات: جمع شمعدان ويسمى كذلك المينورة، من أبرز الرموز الدينية اليهودية، التي تستمد مرجعيتها من الشمعدان الأكبر المصنوع من الذهب الخالص، الذي يعتقد اليهود بأن قداسة هيكل سليمان لا تكتمل إلا بإنارته…
قناديل: مختلفة الأحجام والأنواع منها النحاسية والرخامية التي تتألف في مجملها من تسع فتحات توضع بها الفتائل التي توقد بواسطة الزيت، ثم الزجاجية على شكل وعاء تغلق بواسطة السلاسل.
خميسات: نسبة إلى أصابع اليد الخمسة، تدخل في إطار التمائم الشائعة للوقاية من العين الشريرة ودفع النحس ودرء الحسد وكل ما من شأنه التأثير على حياة الفرد العادية وتعكير صفوها.
كما يضم الرواق مباخر والتي لا يمكن تصور معبد بدونها، ولوحات مزخرفة بالكتابة العبرية، وشاهد قبر يتضمن معلومات صاحبه كما هو الحال في الديانة الإسلامية والمسيحية… مع العلم أن آثار التواجد اليهودي بتافيلالت تتجلى كذلك في حضور الزي اليهودي بما فيه الرجالي والنسائي ضمن مجموعة أزياء مختلف أعراق وقبائل المنطقة، التي تم تخصيص رواق لها بفضاء المتحف.
وعلى سبيل الختم، إذا كانت مساهمة متحف سجلماسة ملتقى الحضارات في تقريب زواره إلى التراث اليهودي بالمنطقة، بادرة طيبة ذات أهمية كبيرة تتماشى مع أهدافه الرامية إلى إبراز تافيلالت كنموذج حي للتنوع والتعدد؛ فإنها في نفس الوقت إشارة واضحة تستحق بكل تأكيد كما يقول مدير مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث الدكتور مصطفى تيليوا أن تكون موضوعا لدراسات وأبحاث متعددة التخصصات جد معمقة ومؤطرة بشكل جيد.
تنغير انفو/متابعة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.