عيد الشغل أم عيد العطالة؟

admin
اقلام حرة
admin2 مايو 2015
عيد الشغل أم عيد العطالة؟
هشام كموني
في سجل الاحتفالات التي نتسابق من أجلها مغربيا أكثر من أي وقت مضى لاعتبارات متعددة، وفي ظل انمحاء محفزاتنحو الاحتفال الذي يراهن دوما وبامتياز على عنصر الانجاز وتحقيق الأهداف المتوخاة، صرنا اليوم نقدم هذه الصورة على هيئة مقلوبة أي ما  معناه اننا ندمن الاحتفاء بالمناسبات في عز شهامة أورامها الاجتماعية التي تقوم بعملية التعرية والانكشاف ونزع الستار في مشهد ضبابي قاتم اللون تحضر فيه الثنائيات المتناقضة في صراع دائم وسجال لا نهائي، حيث الاحتفال بالشغل في ظل انبراز العطالة، والاحتفال بعيد المرأة في ظل ارتفاع وثيرة العنف الزوجي، والاحتفاء أيضا بالأطفال في ظل تنامي تشغيل القاصرين واغتصاب طفولتهم، ونتبجح بالمدرسة في حضور الهدر والعنف المدرسيينوالانتصار لعيد الحب في ظل ارتفاع مؤشر الكراهية وتعالي شعارات حقوق الانسان  في عز هدر الانسان ونبذ طاقاته وقدراته، كل هذا التضاد والتناقض يعكس بشكل أو بأخر  مدى الخواء والبياض أو حتى الانفصام الذي نعيش في علاقتنا مع ذواتنا فما أحوجنا ذات يوم أن نصالح فيه ذواتنا، صحيح لا أنساق وراء هذا الطرح ضدا على ثقافة الاحتفاء بعيد الشغل مغربيا على سبيل المثال لا الحصر ولكن وفق اي اعتبارات ننتصر من خلالها في هكذا احتفالات او بالأحرى ماهي السياقات التي تؤطر هذا الاحتفاء على اعتبار أن السياق بتعبير العطري هو دوما كفيل بإنتاج المعنى؟
لقد كانت ولازالت العطالة مغربيا شأنها شأن العديد من المشكلات الاجتماعية من الأعطاب القديم المتوارثة اجتماعيا  كما أشار إليها مولاي عبد الحفيظ قبلا في كتابه داء العطب القديم، حيث أبرز أن العطب مغربيا ليس وليد اللحظة ولكنه قديم اي معناه لازلنا لم نرجح بعد كفتنا  في مواجهة الاكراهات الاجتماعية مهما بلغنا من تطور في برتوكولات التنمية ومادام أن الانسان ليس هو الرهان وليس هو نقطة الانطلاق لكل تطور وازدهار فكيف نرغب مثلا من هذا الانسان العاطل عن العمل أن يحتفل بعيد الشغل؟ أو بالأحرى ألا يمكن اعتبار الأول من مايو هو في حد ذاته عنف رمزي تمارسه الطبقة الشغيلة بكل مستويتها على الطبقة العاطلة بكل أصنافها؟ لاسيما وأن هذه الاحتفالات تتخللها تظاهرات عارمة ومسيرات شعبية من قبل من يعمل قصد المطالبة برساميل جديدة فماذا عن الذي لم يعمل أبدا خاصة ذوي الشهادات العليا والمجازين الذي كرسوا طول حياتهم من أجل الدراسة والتحصيل وفي اخر المطاف ينبغي  أن يخدعوا لمنطق العطالة التي تعتبر شر لابد منه أو هي بالتوصيف الديني الشعبي سنة مؤكدة، أليس هذا نبد اجتماعي للطاقات الشبابية على اعتبارهمالفرصة الديمغرافية التي نمتاز بها مغربيا، غير أنه ونحن في مجتمع الهدر الذي لا يجيد سوى السحل للإنسان، انسان القاع الاجتماعي  الذي يصارع اليومي بالترميق أو “البريكولاج” لاسيما وأن العطالة مغربيا هي من بين أهم العوامل الحاسمة اجتماعيا في انبراز كثير من العاهات الاجتماعية ابتداءا بعطب الفقر وورم التفكك الأسري مرورا بعنفوان الشوارع وويلات الجريمة وصولا إلى مجتمع الانحلال والتشوهات أي معناه أن العطالة هي بؤرة الآفات الاجتماعية تنحدر منها العديد من المشكلات لتتفرع من جديد وتقدم لنا سلوكات وتصرفات لا تقبلها الأسرة بتاتا ولا يرضى عنها المجتمع بالمرة، فلماذا لا نصحح الأصلوننكب على تهيئته عوض السقوط في المماثلة والتقليد الاجتماعي على أننا بخير في العيد الأممي للشغل والحال أننا لا زلنا وبسياسات كسولة غارقين في تراكم العطالة من دون أن يطرح صانعي القرار ادنىاستراتيجية عمل قصد الحد من هذا الوباء الذي ما إن تصارعت وثيرته إلا ويشكل تهديدا حقيقيا بالنسبة لجهاز الدولة.
إن عيد الشغل لهو في الحقيقة فرصة سانحة من أجل طرح السؤال ماذا عن العاطلين مغربيا وليس منح يوم عطلة للطبقة الشغيلة هكذا وفقط؟ أكيد ينبغي النهوض واخد بعين الاعتبار حقوق العمال وتسوية وضعيته في هذا اليوم ولكن الأجدر بالانهمام هم العاطلون عن العمل الذي يعانون خارج التغطية الوطنية لأن الشغل هو في حد ذاته من يمنح لك المكانة الاجتماعية والوجود الاجتماعي داخل الوطن ومهما كانت طروف الطبقة العاملة صعبة المنال بيد أن الطبقة العاطلة تعاني اللاانتماء اجتماعي أو بالأحرى الركود الاجتماعي في كل مناحي الحياة، فأن تكون عاطلا معناه بكل بساطة لن تشتري كتابا لتقرأ،طعاما لتأكل، لباسا لتكتسي، رحلة لتسافر، إعانة للأسرة، تفكير في الزواج، أليس هذا هو العزل الاجتماعي؟ فماذا نختار عيد الشغل أم عيد العطالة؟
من حبر: هشام كموني
 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.