الحمار و الإنتخابات

admin
2015-04-30T01:13:20+01:00
اقلام حرة
admin30 أبريل 2015
الحمار و الإنتخابات
سليمان محمود
كاينْ واحْد المَثَل كيْقُولْ: «قبيحٌ بذي العقلِ أن يكون بهيمةً، وقد أمْكَنَهُ أن يكونَ إنساناً، أو أن يكونَ إنساناً، وقد أمْكَنَهُ أن يكون مَلَكاً».

انطلاقاً من هاذ المقولة، غادي نهضر ليكم على واحد الحيوان محگُور بْزَّافْ، ونبْيْن العلاقة بينو وبين هاذ الشعب ديالنا..

وحاد الحيوان، خاصك، حسبْ عقليتْ المجتمع ديالنا، إلا ذكرتيه، تقول معاه «حَشَاكْ»..

أكيد عرفتوه؟!

هو “الحمار”. وسمحو لي، ماغاديش نقول “حشاكم”، حيث كنحترمو بزاف.
إلاَ رجْعنا للنكتْ لكيعودوها المغاربة على الحمار، غنلقاوها كثيرة بزاف، حتَّى ولاَّ رمز لــ “الغباء”، و”البلادة” و”الكلاخ”… إلخ. وغالبية ديالكم غايكون عارف ذيك النكتة اللي كتقول باللي الحمار طلعْ ليه الدم حيت الناس كيسميوه “حمار”، وطالب من الأسد (ملك الحيوانات) باش إبدل سميتو. السبع جمع الحيوانات ديال الغابة، وقال ليهم:

«راه الحمار ماعجبتوش سميتو، وبغا إبدلها. وبالرجولة أنا قابل الطلب ديالو، ولكن نخليوه إقترح شي سمية جديدة»

قال ليهم: «بغيت نتسما “سمكةٌ”».

سولو واحد الحيوان قال ليه: «واش كتعرف تعوم؟»

قال ليه: «لا»

قال ليه السبع: «حمار كيبقا حمار».

وإلا باغي تقوْدْها مع شي واحد، غي قل ليه: « أ الحمارِ»، وتنوض المضاربة. ولا مسكين سبانْ ف العالم كامل، الا عند القلة القليلة.

وف القرآن: ﴿وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ. وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ. إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ﴾ (سورة لقمان)، حيث غض الصوت فيه أدب أدب وصْوابْ، وفيه ثقة المتحدث براسو، ومكيغوتش غي هذاك اللي راسو خاوي، ولا ممأدبش، ولا متيقش فراسو. داكشي علاش بغا الله الله يكره هاذ الصفات ملي ذكرو باللي اللي كيغوت لهاذ الأسباب بحال صوت الحمار باش يبين البشاعة ديال ذوك الأخلاق الفظة (هكذا شرحها السيد قطب في الكتبا ديالو “في ظلال القرآن”).

نرجعو للثقافة الشعبية المغربية، تنلقاو واحد الحكاية قديمة من الأساطير اللي كيعودوها لينا جدودنا باللي: «الله منين خلق الخلق، خلقهم بلا ريوس. وقال ليهم: “تجمعو نهار فلاني، فالوقت فلاني باش كل واحد إختار شي راس تناسبو”. المخلوقات كلها تجمعات فذاك النهار وذاك الوقت، وخدا كل واحد راس عاجبو. العقرب جا معطل، ولقى واحد الراس كبيرة بزاف، وعليه وذنين كبار. وزاد فحالو، وبقا بلا راس لدابا. جا من بعد منو الحمار معطل، وخدا ديك الراس اللي كنعيبوها عليه».

متنساوش، الله قال: ﴿وِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ﴾. و #أنكرُ صيغة مبالغة. ولكن، إلا قلتْ ليكم: “كاين اللي صوت الحمارْ حسن من صوتُو”، واش غاتيقوني؟

أكيد كاينين، ماشي غي واحدْ.

وها الانتخابات الجماعية قربو، وغادي يبانو عاودْ..

واحدْ مزلوط، كيبيع “الصوت” ديالو مقابل خنشة د فارينا، وقالب د السكر لواحد مرشح اللي واعدو إدبر ليه على خدمة، ويخرجو من الفقر وتمارة..
واحدْ تاجر صغيوْرْ بغا يدخل العالم ديال الكبار، باش يتقرب للسي المرشَّح حيث واعدو إلا نجح فالانتخابات يبقا يفوتْ ليه حقُّو من المارشياتْ حتى يكتسح السوق مع الكبار، فباع ليه “صوتو”..

واحْدْ تالفْ وسطْ المحاكمْ ديالنا، وحصلُو رجليه في الغيسْ د العدالة ديال بلادْنا، وسنوات وهو معول على القانون يفك ليه الموشكيل، وبان ليه فاللخر باللي الحل هو يبيعْ “صوتو” لسيدي المرشَّح اللي عندو علاقات مع المسيطرين على القانون..

شنو ف يد المرشَّح؟

والو.. هو غي سمسار ديال الانتخابات، فْ يْدُّو حاجة وحدة هي #الوعود_الوعود_الوعود

الخطأ ماشي منُّو… الخطأ من هاذو اللي متيقينو، وباعو “صوتهم” ليه… راه خلاها الشيطان: ﴿ما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أنْ دعوتكم فاستجبتم لي. فلا تلوموني ولوموا أنفسَكم﴾.

هضرنا ف الأول على “الحمار”، والثمن ديالو ف السوقْ فايْتْ 1000 درهم، و”صوتو أنكر الأصوات”.. آش غانسميوْ هذاك اللي باع صوتو بـ 200 درهم، ولا بخنشا د فارينا، ولا بعشيوة عند سمسار الانتخابات، ولا غي وعد شفوي؟
من الخصائص ديال “الحمار” أنه وسيلة ناجعة ودليل اللي كنستعنو به ف الوعرة اللي كندوزو منها لأول مرة. وحتى السياسيين ديالنا واعيين باللي هاذ “الحمير” ديالنا وسيلة ناجعة باش يديزو ف الممرات الوعرة ديال اللعبة السياسية، ويوصلو على ظهرها لمصالحهم الشخصية.

ولكن من خصائص الحمار أيضا، أنك ميمكنش تبززوا على شي حاجة، واللي عايشين فالعروبية غيعرفو هاذ المعلومة. بمعنى، هاذو اللي كيبيعو أصواتهم بزاف عليهم تكون عندهم الإرادة ديال الحمار.

وأنا طبعاً مكنهضرش على المواطنين الأحرار، اللي كيصوتو بقناعة على شي حزب، ولا شي سياسي، وإنما كنهضر على اللي كيصوتو وكيبيعو “صوتهم” بـ 200 درهم، ولا بقصعة د سكسو ولا شوي د الدجاج!

خلا لينا أحمد شوقي أبيات زوينة على “الحمار”، ملِّي قال:

قال الشاعر أحمد شوقي عن الحمار:

سقط الحمارُ من السفينةِ في الدُّجَى *** فبكى الرِّفَاقُ لفَقْدِه وترحَّمُــــواْ
حتى إذا طَـلَـعَ النَّـهَـارُ أتَــــــــــــــــــتْ *** به نحو الســفينةِ موجةٌ تَتَقَــدَّمُ
قـالــتْ: خُذُوهُ كَمَا أتَــــــــــــــانِــــي *** سَـالِماً لم أَبْتَلِعْـهُ، لأنه لاَ يُهْـضَمُ

إلا كان البحر مكيتسرطش ليه الحمار، وهو مول الإرادة القوية، والجدية ف الخدمة، ومول الصبر، ومول العوينات الزوينين، والقدوة ف الصبر والتحمُّل، كيفاش بيغتونا حنا نتيقو ف “مواطن منافق ورخيص، وكيشهد الزور”؟ كيفاش بغينا ذاك السمسار اللي شراه يحترمو، وهو عارف باللي وصل ذيك البلاصا بفلوسو، بالعشا اللي خسرو؟ كيفاش بغيتونا نحاسبو ذاك السياسي ملي يكون مسؤول وهو طلع غي بأصوات ديال مخلوقات أرخص من الحمير؟ هذاك السياسي كيفضل إحسبو “الحمار” ومايحسبوهش هاذو اللي شْرا صوتهم.
وف الختام، تنقول بالفصحى:

«وشخصيّاً أحبُّ صوتَ الحمار إذ له نغمةٌ رائعةٌ تُذهِبُ صَخَبَ صوتِ “ناخبٍ لا صوتَ له”! ألَيْسَ صوتُ الحمار “أنغمَ الأصواتِ” إذا قورنتْ مع صوتِ هؤلاءِ يا سادة؟»

-بقلم : سليمان محمود

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.