إعلاميُّو الحَجْر الصّحي!!

admin
2020-05-07T22:00:44+01:00
اقلام حرة
admin7 مايو 2020
إعلاميُّو الحَجْر الصّحي!!
محمد بوطاهر

 صحيح أن علم البلاغة القديم علمنا أن نخاطب الناس على قدر منازلهم ورتبهم وأيضا أفهامهم، وأن نراعي الأحوال والسّياقات وأسْباب نزول الخطاب نفسه، كل ذلك من أجل تحقيق غاية التواصل والفهم والإفهام التي هي مقصد البلاغة في الأخير، لكن ثلة ممن ضيّق عليهم الحجر الصحي قلبوا الصيغة، وتربعوا – توهّما- على سُدة الإعلام فعثوا فيه جهلا وأكثروا فيه الفساد الى درجة أن بين الارسال المُباشر مباشر وبعدهما مُباشر دون غاية تدرك ولا فائدة تحصل.

العدمْية الشاخصة السّاعية فوق الأرض هي أن لا تمتلك ثقافة مُتوسّطة تسعفك النقاش في موضوع/ قضية ما، ولا القوامة الخطابية المطلوبة عند أهل الاختصاص، وكل مرّة تطل على الناس عبر شاشتك الخاصة بلقاء مُباشر تكون فيه حركاتك للحيتك السّيئة التوزيع وشاربك الثائر على أنفك الأفطس أكثر من كلامك ، نتفق أن فترة الحجر والبقاء في المنزل تقتضي إسْعاف الناس ببدائل للترفيه والتثقيف ومُواصلة دورة الحياة ، بل وبذل جهد  يُحسب لك فضله في دفع الناس إلى الالتزام بمنازلهم حتى تمر هذه الضائقة ، لكن ليس بهذا التمييع الذي أصبح فيه الجميع إعلاميا يُحاضر ويناقش ويحسِم بالوصاية من لا أحد في أمُور تتعلق بالشأن العام، وبشكل مُثخن في جنوبنا.

من هذا المنطلق ودون أن نناقش جدلية القوانين المُستجدة في مجال التعبير والصّحافة(1)، التي لا نشك ان مثل هذا التجاوزات الخطيرة من البعض على المشهد الإعلامي/ الصحفي، كانت وراء تفكير الدولة في مثل هذه التقييدات التي ستجْعلنا جميعا في المُستقبل لا نتحدث إلا في شؤون النساء والرجال الخاصة وعن الأفلام وقصص الأطفال الحكائية البعيدة عن السّياسة والتدبير العام. لذلك وجب ترشيد بوصلة اشتغال البعض وحثهم على احترام مشاعر الناس ومداركهم وقناعاتهم الفكرية في حاجتهم الى منتوج حقيقي عقلاني وواعد، بعيد عن التسطيحية واللقاءات الانشائية الباسْلة، خاصة في الجنوب الشركي (من أشْرْك بالأمازيغية أي المُمزق)، الذي تشبّع فيه المتلقي من التشخيص والبكائيات وأسطوانات الماضي الذي يعرفه الجاهل والعالم على حد سواء. وليس من حق أمثال هؤلاء ان يستدركوا زاعمين أن الفضاء التواصلي الاجتماعي خاص، وكل فرد حُر في اختيار مشاهداته وتتبعَاته، فمثل ذلك الزعم يُحاجَجُ بأن أمثال هؤلاء النبغاء الجدد (الكورونيون) ليس من حقهم أيضا، أن يتحدثوا باسم الناس والمُجتمع، فهناك جهات هي الوصية والمخولة لها ذلك دون عامة كحْل الرّاسْ.

دعُونا على الأقل (يا أهل الهامش) نتحلى بنوع من الصّدق، وننتبه إلى أننا فعلا نعاني تخمة مرضية في هذا الأمر، فالشيء إذا زاد عن حده أضرّ بأضعاف مضاعفة،  ولذلك نجد عزوفا مُستمرا في تتبع هؤلاء ( نترفع قانونيا عن ذكر الأسْماء، لكن أعلى مُعدل متابعة للايفات أستاذ جامعي محترم  حوالي 560، أدناها لناشط ( من النشاط) جمْعوي 18 مُشاهدة)، في مُقابل إقبال كبير لصَاحبات الرُّوتين اليومي وأصْحاب الأغاني الشبابية  و كيفية  الحلاقة بدون حلاق في اليوتوب وغير ذلك ، في رسالة واضحة الى أن التثقيف وزراعة الوعي لا يؤتى بالوصاية ولا الغصْب ولا  تؤتى لجامه لمن يمتلك مكرُوفونا مُشبها أوهَاتفا ذكيا .

إن حاجة الطبقات المطحُونة اليوم إلى بوادر حلول وعلامات اهتداء واضحة للخروج مما هم فيه من سوداوية، أكبر بكثير من حاجتهم إلى وصفات التشخيص والتشريح وتكرار أناشيد المظلومية التي يعرفها الشجر والحجر. الشباب الآن يحتاج الى خطة بناء الوعي وتجميع عزائم التصورات بغية الوصُول الى الإصلاح الحقيقي، لذلك فهو لا يسْتسيغ المقولات المكرورة وحتى الوجُوه المنفوخة المُعادة بنفس الخطابات والقصص.

……

(محمد بوطاهر- 6 ماي 2020)

  1. القانون الجديد للصحافة والنشر 2018 – مشروع قانون 20.22

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.