تصوروا كيف سيكون العالم لو أن كل واحد يفعل “شرع يده”؟ !

admin
2015-01-20T20:12:08+00:00
اقلام حرة
admin20 يناير 2015آخر تحديث : الثلاثاء 20 يناير 2015 - 8:12 مساءً
تصوروا كيف سيكون العالم لو أن كل واحد يفعل “شرع يده”؟ !
مصطفى ملو

كثر الهرج و المرج هذه الأيام حول فاجعة شارلي إبدو التي راح ضحيتها صحافيون قضوا في هجمات إرهابية نفذها -على ما يبدو – من يعتقدون أنهم بأفعالهم تلك سيفرضون رأيهم و سيجعلون العالم يحترمهم و يحترم مقدساتهم,و الغريب في الأمر هو تلك الآراء التي جاءت مناصرة لهذه الجريمة التي يجب أن يندد بها كل ذي ضمير إنساني حي.
*الهجوم على المقدسات و الأديان أمر مرفوض.
لا يختلف اثنان في أن الاعتداء على مقدسات و معتقدات الآخر,كيفما كانت هذه المعتقدات و المقدسات,بما فيها الديانات الوضعية البشرية,إما بالسخرية و التحقير و إما بالسب و الشتم أو بغيرها من أشكال الاعتداء المادي أو المعنوي أمر مرفوض و غير مقبول,فالذي يجب أن يسود بين كل أبناء البشر هو الاحترام و التسامح,إن نحن أردنا تجنيب البشرية أنهارا من الدماء باسم المقدسات.
و لكن ماذا لو أظهر أحدهم سلوكا أو فعلا طائشا غير مسؤول بالاستهزاء و السخرية من دين ما معتبرا ذلك حرية تعبير,كيف تنبغي مواجهته؟هل نواجه هذا العنف الرمزي بعنف أشد منه؟ماذا سيحصل للعالم لو أن كل واحد أراد “أخذ حقه بيده”؟ألن يتحول إلى غابة ؟
الإنسان المتعقل و الرزين هو الذي يعرف كيف يرد و متى يرد,فليس الشديد بالصرعة كما قال الرسول(ص) الذي يزعم هؤلاء المجرمون أنهم يقتدون بسنته,إنما الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب,و عليه فالرد على الإساءة يمكن أن يتم بطرق أخرى سلمية ستؤدي رسالتها أفضل بكثير من اللجوء إلى القوة,فماذا لو تم -مثلا- تجاهل إساءة إبدو شارلي إلى الرسول؟هل كان ليعرفها أحد أو ليهتم بها و بما تقول؟ألم تكن تلك الجريمة البشعة تعبيرا عن غباء منفذيها الذين قدموا خدمة مجانية و إشهارا غير مؤدى عنه لفائدة هذه الجريدة التي انتقلت مبيعاتها من بضعة آلاف إلى ملايين من النسخ,بل و أكسبوها تعاطفا عالميا؟؟
*أفكار و مواقف خطيرة تروج!
أفكار خطيرة تلك التي تروج في بعض المواقع الإلكترونية حول ما حدث بفرنسا و الأخطر أن هذه الأفكار تأتي ضمن ما يسميه أصحابها مقالات رأي و في مواقع تعتبر الأكثر زيارات في المغرب,أما التعليقات فحدث و لا حرج,حتى أننا نشك هل يقرأ المشرفون على هذه المواقع ما ينشرونه من مقالات و تعليقات قبل النشر أم همهم التجارة و الفوز بأكبر عدد من الزيارات؟
هذه المقالات المتشابهة حد “الرتابة” و “الركاكة” و الملل يستغل أصحابها الفرصة التي تمنحها لهم تلك المواقع لتمرير سمومهم العنصرية و صب الزيت على النار عوض إخمادها,فهذا أحدهم”من كتاب الرأي يا حسرة” يقول في تحليل غارق في السخافة و الشوفينية:”السخرية من المسيح ليست عنصرية،لأن المسيحية دين الأغلبية المسيطرة في الغرب.أما إلصاق صفات الشر بنبي الإسلام،أو أنبياء بني إسرائيل،فهي عنصرية لأنها موجهة ضد الأقليات في أوروبا”يعني وفق هذا المنطق,فغير المسلم في المغرب-مثلا- الذي يشكل فيه المسلمون 99 في المئة من السكان,من حقه أن يسب و يشتم الرسول(ص) و لن يكون ذلك عنصرية مادام الإسلام هو دين الأغلبية؟ !
أما آخر فرأى أن ما وقع لشارلي إبدو هو انتقام من الله,و في ذلك يقول:”سبحان الله يُمهِل ولا يُهمِل،وعدُه حقّ لا يُخلِف الله الميعاد،هو وحده العليم الخبير المـُدبِّر لكيف ومتى،وبم وبِمن يكون القصاص مِن البَذيء المـُسيء لا خَلاص ولا مَناص”.
أما ثالث فيشبه ما حدث بالفتوحات قائلا”وقد حقق هذا الفتح مكاسب عظيمة بسبب هذه الرسوم الخبيثة الساقطة…” 
هذه نقط من بحر الأفكار الظلامية و الإرهابية التي تنشر في غفلة من وزارة الداخلية و وزارة العدل المطالبتين بالتدخل لوقف هذا النزيف,و إلا فإن المسؤولية ثابتة في حقهما,خاصة و أنها تمرر-كما قلنا سلفا-عبر مواقع يزورها الآلاف يوميا.
*هل فعلا نحترم المختلفين عنا دينيا؟
العجيب الغريب أن تجد الذين يروجون للأفكار الإرهابية التي أوردنا أمثلة عنها سلفا,تجدهم هم أنفسهم من يزعمون بأننا نحن المسلمون نحترم جميع الديانات و المعتقدات و لا نسيء إلى أحد من الرسل و لا إلى رسالاتهم,و أن الآخر هو الذي يتربص بنا الدوائر و يحاول إلصاق كل ما هو قبيح بديننا و رسولنا…(كذا),فهل نحن فعلا نحترمهم و نحترم معتقداتهم و رسلهم و دياناتهم ؟
الأمر لا يحتاج إلى كثير جهد للإجابة عن هذا السؤال,فمن يسمع الأشرطة التي تباع في أسواقنا و يروج لها باعة متجولون(أطفال في الغاب يجهل من يحركهم و يدعمهم) يطلقونها على آلات تسجيل متحركة بمكبرات صوتية مزعجة,كلها دعاء بالترمل لنسائهم و تيتيم أطفالهم و جعلهم هم و أموالهم غنيمة للمسلمين,سيتأكد فعلا أنه نعم الاحترام ما نكنه لهم.من يسمع خطباءنا و فقهاءنا و هم يصفون ديانتهم بالتحريف,و يصفون معتنقيها بالمحرفين,بل في أكثر الأحيان بالكفار,سيعرف أنها قمة الاحترام ما نضمر لهم و ما نظهر,من يقرأ أو يسمع “ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه”(ربما كان ذلك صالحا و مقنعا عندما كان المسلمون يشكلون أقلية قليلة جدا),سيكون على يقين أننا فعلا نحترم الاختلاف و نحترم دياناتهم,من يسمع و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم(و كأن المسلم سيرضى عنك قبل أن تتبع ملته),سيتيقن أننا نحترمهم و نجلهم,و على ذكر الملة يطرح السؤال:إذا كان من حق المسلم الدعوة لدينه و نشره,فلماذا يمنع ذلك على غيره؟أهذا هو الاحترام؟لماذا يسمح لنا نحن المسلمون بنشر القرآن الكريم و بيعه في الأماكن العمومية في”بلاد الكفار”و يمنع عليهم فعل نفس الشيء في “بلاد الإسلام”؟أهذا هو الاحترام؟لماذا نمنعهم في بلادنا و نطلب منهم أن يعطونا الحرية في بلدانهم؟لماذا يحق للمسلمين تأسيس جمعياتهم و مساجدهم هناك,و ممارسة شعائرهم بكل حرية و أحيانا في إخلال تام بالنظام العام و احتلال الفضاء العمومي و عرقلة حركة السير(صلوات الأعياد في الشوارع مثلا),في حين يمنع عليهم فعل نفس الشيء عندنا؟لماذا يسمح لمواطنيهم بتغيير دينهم و الدخول في الإسلام أو في أي دين شاؤوا جهرا و ليس خفية و يمنع ذلك على مواطنينا,بل الخطير دعوة بعض الأصوات المتطرفة إلى تطبيق ما يسمونه حد الردة على من يعلن “خروجه عن دين الجماعة”(و إن لم يكن يوما قد أعلن دخوله فيه),و الأخطر إلصاق تهمة التكفير الجاهزة لمن تجرأ على الدعوة إلى حرية المعتقد,خاصة و نحن نعرف مدى خطورة هذه التهمة,التي تجعل حياة صاحبها في غير مأمن في مجتمع غارق في التخلف و الأمية؟؟
إذا كان هذا هو تعاملنا معهم و مع معتقداتهم,مع العلم أننا في موقع ضعف,ضعف صناعي,ضعف تكنولوجي,ضعف علمي,ضعف ثقافي…,و حيث إننا مجرد مستهلكين لما ينتجون,حتى إننا نستعمل منتجاتهم لسبهم و شتمهم(و يا للغرابة),فلنحمد الله تعالى على تعاملهم معنا,لأنه في كل الأحوال تعامل لطيف و في قمة الإنسانية,و لكم أن تتخيلوا يا معشر المسلمين كيف سيكون تعاملنا معهم لو أننا المسيطرون و المتفوقون,أضعف الإيمان أننا سنصنع منهم الصابون أو النقانق ؟ !
*ماذا لو قام الرسول (ص) من قبره؟
ماذا لو قام الرسول(ص) من قبره و رأى ما يفعله هؤلاء المجانين باسمه زاعمين أنهم مقتدون بسنته؟هل سيرضى عن ذلك؟

الجواب طبعا لا,لأن ما يقومون به لا علاقة له بأخلاقه عليه السلام,فهل كان(ص) يقتل من يخالفه الرأي أو حتى من لا يؤمن به,لا بل حتى من كان يسبه و يسخر منه؟ ألم يتعرض عليه السلام لمختلف أنواع السب و الشتم و التنكيل؟ألم يسب و يشتم و ينعت بالمجنون و الساحر و الشاعر…فهل حدث أن قتل أولئك الذين كانوا يسبونه؟هل سن لكم الرسول(ص) سنة دون غيركم يدعوكم فيها لقتل كل من يسبه؟؟
تقولون بأن على الآخرين احترام مقدساتكم و ديانتكم,قولوا لي بربكم,منذ متى تعلمتم احترام معتقدات و أديان الآخرين؟؟ألا تصفونهم بالكفار؟ألا تمنعون في بلدانكم بناء معابدهم و كنائسهم و نشر كتبهم الدينية,في حين تنشرون القرآن الكريم بكل حرية في بلدانهم؟؟وتلبس نساءكم ذلك البرقع المخيف الذي ما أنزل الله به من سلطان,حتى أن المرء لا يستطيع أن يميز هل هو فعلا أمام امرأة أم أمام شبح؟؟
ماذا تريدون؟؟
تخيلوا لو طردكم “الكفار” شر طردة من بلدانهم بعد أن وفروا لكم جميع الحقوق,و العمل و الحرية و المستشفيات و المدارس,ماذا سيكون مصيركم؟؟تخيلوا لو منعوا مساجدكم كما تفعلون أنتم مع معابدهم؟؟تخيلوا لو يصفونكم بالكفار كما تفعلون أو بأنكم لستم على شيء كما تقولون عن دينهم؟تصوروا لو أن الرسول(ص) الذي كان يحسن حتى إلى من يعتدي عليه و يظلمه و لعل زيارته لليهودي الذي كان يؤذيه أثناء مرضه لخير دليل على أنكم بعيدون كل البعد عن سنته و معاذ الله أن تكونوا سالكين طريقه؟وتصوروا العالم كيف سيكون لو أن كل من “اعتدي” عليه أو على مقدساته يأخذ حقه بيده؟تصوروا لو أن الذين تسفهون دينهم صباح مساء قاموا “بشرع يدهم”؟تصوروا فقط؟
“أقل” ما يمكن تصوره هو بحر من الدماء تعوم وسطه رؤوس مقطوعة و أشلاء متناثرة و بطون مبقورة و عيون مفقوءة
الخلاصة أن الرسول لو نهض من قبره لتبرأ منكم !!

مصطفى ملو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.