الشباب والعمل الجمعوي: واقع وآفاق

admin
2020-01-30T19:08:36+01:00
آخر الأخباراقلام حرة
admin30 يناير 2020
الشباب والعمل الجمعوي: واقع وآفاق
 محمد أيت الحاج 

الشباب والعمل الجمعوي: واقع وآفاق

 محمد أيت الحاج   

 (طالب باحث في سلك الدكتوراه تخصص علم الاجتماع التنمية )

أصبح العمل الجمعوي في وقتنا الراهن وفي ظل الأوضاع والتحولات التي يشهدها مجتمعنا، سيما المجال القروي الذي شهد بدوره العديد من التحولات العميقة، والتي مست بشكل واضح وبارز النظام القيمي والبنى التقليدية، وهذا نتيجة للتحولات العالمية والكونية في إطار العصر الجديد أو ما يعرف اليوم ” بعصر التقنية والإعلام”. بالتالي فالمجتمع يعيش دينامية سريعة خاصة تلك التي تمس التنظيم الاجتماعي، ولهذا من الواجب علينا اليوم تناول هذه المسألة بالارتباط بالفعل الجمعوي والتنمية وعلاقته بالفرد. لذلك فالمعروف اليوم أن النسيج الجمعوي شهد تطورات عميقة بحيث توسعت دائرة تدخل الجمعيات في الشأن العمومي، وأصبح الفاعلون الجمعويون يضطلعون بمسؤوليات متزايدة كانت إلى وقت قريب حكرا على الدولة. فدور الجمعيات لم يعد كما كان في الماضي، مقتصرا على التنشيط السوسيو ثقافي، وإنما صارت الجمعيات أداة للتنمية بمختلف أبعادها، ومؤسسات للتحسيس والتوعية، وفضاء للتربية على المواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطية، ومجالا للتضامن والتكافل.

فإذا كانت التنمية في الماضي تعتبر من مسؤولية الدولة، فإنها اليوم تتطلب وجود جميع أشكال التنظيمات الاجتماعية التي تمكن السكان من تحديد حاجياتهم وهيكلة نشاطهم. ومن أبرز هذه التنظيمات الاجتماعية نجد في المقام الأول الجمعيات التي تشكل الرافعة الأساسية للتنمية الترابية، خاصة في المجتمعات القروية التي تعرف الهشاشة والتهميش والاقصاء الاجتماعي، ولذلك فحضور الجمعيات إلى جانب المؤسسات والهيئات التي تعنى بالشأن التنموي سيكون إضافة نوعية في الحقل التنموي، ولهذه الأسباب لابد اليوم أن نثمن المجهودات التي تقوم بها ولازالت تقوم بها الجمعيات التنموية التي تهدف إلى تغير الثقافة الجمعوية، كوننا نعلم جميعا أن العمل الجمعوي في المناطق القروية والتي أعطينا مثال في الندوة التي نظمتها جمعية تودرت الطبية 29 يناير 2020 في المكتبة الجماعية لتنغير والتي هدفت فيها إلى بسط الإشكالات التي يعاني منها الجسد الجمعوي في المنطقة، وفي جزء من مداخلتي التي خصصتها للحديث عن مسألة الشباب والعمل وما أسميه بالفعل الجمعوي، حيث طرحت المشاكل التي يطرحها الحقل الجمعوي في المنطقة والتي أجملت أغلبها في إشكالية الخلط بين ماهو سياسي وماهو جمعوي وهذا ما يطرح لبس لدى الشباب، وكذا مسألة أخرى مرتبطة بالتحديد بسيطرة شيوخ العمل الجمعوي على المشهد واقصائهم الشباب دون اعطائهم صفة مؤسسين وإنما يحضون فقط بلقب المنخرطين وهذا ما يجعل عملهم قاب قوسين أو أدنى. وقس على هذا تدبير الشأن داخل مكاتب بعض الجمعيات يتم بطريقة غير ديمقراطية، مما ينتج عن ذلك انعدام التواصل والحكامة الجمعوية، وهذ يطرح اليوم أكثر من تساؤل حول واقع وآفاق العمل وأفضل أن أسمه الفعل الجمعوي في المنطقة؟

نحن نعلم جميعا أن المنطقة تحتوي على العديد من التنظيمات الجمعوية ولكن للآسف الشديد تكون معظم أنشطتها موسمية، كأننا نؤسس الجمعيات من أجل أهداف غير التي سطرت لها، وغالبية الأشخاص خاصة الشباب يطرح هذه الإشكالية في العديد من المحافل العلمية وأبرزها الندوة التي نظمتها جمعية تودرت، حيث نجد الشباب عبروا بكل حرية عن رأيهم حول واقع الجمعيات في المنطقة ، والتي تعرف خللا كبيرا على مستوى التنظيم أو مع التعامل مع الإشكالات الراهنة، وقد نرجع السبب في هذا إلى انعدام التنسيق بين الفاعل الاجتماعي والسياسي والجمعوي في بعض القضايا التي تهم الشباب والشأن العام بصفة عامة، وهذا ما يخلق نوع من الحذر والخوف لدى الشباب في العمل الجمعوي. بالتالي لابد علينا اليوم جميعا كنخبة مثقفة واعية بضرورة العمل على بناء الثقة من جديد والايمان بأهمية العمل الجمعوي في المنطقة، لأنه السبيل إلى المساهمة في خلق تنمية حقيقية في المنطقة تستمد قوتها من الشباب أي منهم واليهم، ولا يمكن أيضا نسيان قضية مهمة وهي أساسية مرتبطة بضرورة إشراك المرأة في المسألة التنموية والعمل على محاربة الفكر الذكوري السائد في المنطقة، بالإضافة إلى جعل العمل الجمعوي رافد أساسي من روافد التنمية الترابية في المنطقة. كما نؤكد هنا عن ضرورة محاربة ثقافة الاسترزاق داخل الفضاء الجمعوي، وتجدر الإشارة هنا أيضا إلى التفريق بين الممارسة السياسية والجمعوية، وذلك من أجل وضع العمل الجمعوي في مساره الصحيح. بالتالي لابد على الفاعل الجمعوي أن يكون قادرا ومؤهلا لكي يرافع على قضايا تهم مجتمعه من قبيل (العدالة الاجتماعية – حقوق الانسان – المساواة – التنمية) وغيرها، ولا نقصد هنا بالترافع الذي يقتصر على ممارسة عمل الأحزاب وإنما جعل القضايا مشروعا تنمويا بالأساس قصد المساهمة في معالجة تلك الاختلالات التي يعرفها المجال الترابي.

ونخلص في الأخير إلى ضرورة العمل على إشعاع الفكر التوعوي بين الشباب وداخل الجمعيات، خاصة التي ترفع شعار التنمية وجعلته محور اهتمامها، وعلى هذا الأساس لابد  أيضا من استرجاع الثقة في الفعل الجمعوي كونه يشكل قاعدة أساسية في التنمية الترابية خاصة في المناطق القروية التي تعرف الفقر والتهميش والاقصاء الاجتماعي. وغيره.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.