حرفا الواو و العين :  الحلقة 7

admin
آخر الأخباراقلام حرة
admin29 يناير 2020
حرفا الواو و العين :  الحلقة 7
عثمان عوي

 حرفا الواو و العين :  الحلقة 7

عثمان عوي

 

بدأت موسيقى الملاعق وجنبات الإناء الخشبي تملأ الغرفة وتمتزج بنبرات النساء وضحكاتهن ومن حين لآخر صوت الخطى وهمسات ذكورية من وراء النوافذ، هم شباب ينتظرون شيء آخر غير العشاء، قد فهم العريس من هناك ولماذا هذا الحضور، تذكر أياما خلت وعلم بكل حيثيات الأمور …

انتهى الطعام وجمعت الأواني وغسل بعضها، لكن الإناء الخشبي الكبير وما يحتويه مما استفضل من الطعام فقد ارسل على عجل الى الجيران قبل أن يخلدوا الى النوم، هي سمة من سمات القرية الصغيرة ، قيم وأخلاق ، نتقاسم كل شيء ، نفكر في الجار وابن السبيل ، لا يرمى بالطعام في القمامة و لا يقدم للبهائم رغم الحاجة، تحس بالنشوة و الفرح وانت تدق باب الجار ليأخذ منك الطعام ، يستقبلك بابتسامة عريضة ، تسمع صوت الأطفال داخل المنزل وهم ينتظرون وصول الإناء، لا شك ولا ريب في المحتوى، لا نخاف الأمراض و لا نسأل عن نظافة الطباخة، نترك طعام بيتنا إن وجد ونلتهم صدقة الجار، نتسابق لإرجاع الإناء صباحا لإن الفائز لا يرجع خاوي الوفاض … تلك حياة القرية المطمئنة السالم أهلها.

غادر الجميع وبقيت “تودة ” ، ودّعوها وقد علموا أنها لا تريد البقاء ، استسلمت وتوجهت نحو غرفتها، حسبتها ضيقة كاللحد أو أشد ، أوقدت على الفتيلة لتنجلي الظلمة لكن لا تكاد ترى يدها، باشرت الفراش بيديها الصغيرتين والتوت في غطاء صوفي ثقيل، حسبت نفسها في دجنبر فأسنانها تردد موسيقى البرد ونوافذ غير محكمة الاغلاق، تبلل لباسها الخفيف بالعرق بل كادت نختنق بحرارة يوليوز و صوت الاسنان ورعشة الأطراف تزداد، احتدم ذلك وقد دخل الخليل بخطى ثابتة ، توجه نحو الراديو فشغله، غير الموسيقى عدة مرات رغم أن الكلمات لم تفهم لضعف البطاريات، لا يهمه الا بعض الضجيج، غير مكان الراديو من جهة النوافذ الى جهة باب الغرفة كأنه يعمل على الإخراج، حار بين أذان الاسرة و جواسيس خارج البيت، علم ان رجولته على المحك، وضع صورة الخيمة أمامه:  شباب قدم لهم اللحم واللوز على الاطباق و اخرون مسخرة روث الشياه و الحمير على الاطباق، أخذ وقته لضبط صوت الموسيقى وموضع المذياع، اقترب منها وهو يسخر من الغطاء وحر الصيف، اختلط البكاء بضجيج الموسيقى الثقيلة لكن الصرخة وصلت الى الآذان الملتصقة بالنوافذ، أطفا الراديو وخرج للقاء الاقران ،

لا معنى للزواج، ما في الأمر الا العادة…

لا تسألوا عن الحب والغرام…

 لا معنى هنا للرومانسية ولقاء الحبيب …

لا قيس و لا ليلى …

لا تقارنوا الامر بحديث نزار قباني الى بلقيس …

وليذهب شعر قيس وعنترة الى الجحيم …

ما في الامر الا العادة، نسمع ونطبق، لا مجال للتفكير أو الابداع …

خرج الشاب في منتهى السعادة ، لم يعرف كيف اوصلته اطرافه الى مكان فسحة ما بعد العشاء، وجد الاصدقاء في انتظاره هنأوه وباركوا واعترفوا برجولته ، كله فخر وعزة ، أكد رجولته ، ضمن سلهامه وجعل أخرين على المحك.

يتبع

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.