الأسرة، متى تصبح حقا فعليا لجميع الأطفال؟؟

admin
اقلام حرة
admin22 ديسمبر 2019
الأسرة، متى تصبح حقا فعليا لجميع الأطفال؟؟
الحبيب عكي

الأسرة، متى تصبح حقا فعليا لجميع الأطفال؟؟

الحبيب عكي

 

     كثيرة هي الحقوق التي يحرم منها الأطفال المحرومون، من الأمن الجسدي والاستقرار النفسي، من التغذية والصحة والتعليم، من اللعب والترفيه والانتماء والمسؤولية، من المشاركة وإبداء الرأي واحترام الخصوصية أو تقدير الفوارق والقدرات..، وتبقى حقوق الهوية والكينونة والخصوصية، من أهم ما بدأ يحرم منه الأطفال، بحكم عوامل متعددة تفشت في واقعنا المعاصر الدولي منه والقطري على السواء، هي حقوق الهوية الأسرية والتربية الدينية والممارسة الثقافية، حتى بدأت العديد من أجيال اليوم وتحت أسماء ومسميات تتصرف كالموائع لا لون لها ولا طعم ولا رائحة ولا فخر بالانتماء ولا اعتزاز بالمواطنة، ناشئة يغلب عليها التدني في اعتقادها وفي تصرفاتها بعيدة عن الدين بل ربما ضده، مواطنة في مولدها وفي مواقفها بعيدة عن الوطن وخصوصيته الثقافية واختياراته التنموية ولوازمه النهضوية؟؟.

 

     وننسى أو نتناسى أن الأسرة بالنسبة للأطفال الأبناء هي الوالدية الشرعية أولا، وهو مكسب لا يضاهى ولا يعوض، وتحته تكاليف حقوق و واجبات في الدين متبادلة بين الأباء والأبناء والأسرة والمجتمع، والأسرة هي حضن الحب والحنان الفطري المتدفق الصادق، هي المدرسة الأولى للرعاية والروضة البهية للحماية، هي التوجيه والإرشاد في أحسن وأخصب سنواته المثمرة الزاهرة، هي الأمن النفسي والاطمئنان الروحي، هي الحوار والإشراك في التعبير والرأي واتخاذ القرار، هي الحقوق والواجبات في السكن والإيواء، في المأكل والملبس والمشرب وما يحفظ الأبدان والأديان، في حفظ العرض والنسب كما في حفظ الصحة والتعليم وما ينمي الأجساد والأذهان، هي الشرنقة التي يتنفس فيها النشء القيم والأخلاق، والعقائد والعبادات، والأحكام والتكاليف، والمواقف والسلوكات في أزهى مراحلها المثمرة، إذا أصيبت بتلوث ما هوياتي فكري أو سلوكي، يخشى على نشئها من الاختناق كما يخشى على الكون من اختناقه جراء معضلة التلوث؟؟.

 

     فما حال الأطفال اليوم مع ما أصبح يجتاح العالم اليوم من أشكال الأسر وأنواعها وأسمائها ومسمياتها مما ليس له من الأسرية والحضن الدافئ إلا الاسم، أنواع من الأسر تنافس الأسرة الشرعية بل تتجاوزها أحيانا ويطبع معها بعض الأوساط الفكرية والشرائح الاجتماعية، ومن ذلك ما يسمى بالزواج المدني(قد لا يحفظ الحقوق)، والعلاقات الرضائية (وهي فحش وزنا)، و زواج المتعة(ميسار ومتعة)، وزواج المثلية(سحاق ولواط وسفاح)، الزواج المختلط (قد لا يراعى فيه عنصر الدين خاصة عند الإناث)، أسر التبني(واختلاط الأنساب)، أسر بدون أب زوج(أطفال الأنابيب)، وأحيانا معاشرة الحيوانات من الكلاب والحمير والعياذ بالله؟؟. أضف إلى ذلك العديد من أنواع الأسر الشرعية ولكنها بعيدة كل البعد عن تحقيق مقاصد الأسرة في الأمن والاستقرار وحفظ العرض والنسب والتربية والرعاية..، أو لها صعوبات في ذلك على الأقل، ومن ذلك: الأسرة المفككة ماديا أو علائقيا، والأسرة المطلقة فعليا أو عاطفيا، والأسرة التي تعمل فيها الزوجة على حساب البيت والأبناء، الأسرة التي يغيب فيها الزوج اعتبارا أو فعليا، وأسرة التشتت الوظيفي بين الزوج والزوجة، والأسرة اليتيمة جزئيا من أحد الأزواج أو كليا، الأسرة البديلة في الملاجئ والجمعيات، والأسرة.. والأسرة..؟؟.

 

     إن الأسرة كما يقال هي آخر القلاع المحصنة ضد الغزو الفكري والانحراف السلوكي، ضد تغول الدولة عندما يصبح همها أن تطلب من الناس واجباتهم ولا توفيهم حقوقهم، ضد طغيان العولمة التي تصر على محو الهويات والخصوصيات وجعل العالم مجرد قرية صغيرة تفرض عليه التبعية الإجبارية للنظام الدولي الجديد ونمطه الثقافي الغربي الاستهلاكي، فيها يجد كل الأعضاء الرعاية والاهتمام والتماسك والتضامن والإنفاق المادي على كل الأعضاء الصغار والكبار، الأصحاء والمرضى والعاملين والعاطلين، أي مؤسسة تنفق على كل المراحل الدراسية للأبناء في الداخل والخارج، على كل الكوارث والمعضلات والأزمات العائلية للأحداث والمسنين والمرضى والأصحاء، فيكون فيها أحب الأبناء كما قال الأعرابي: “أصغرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يصح، وغائبهم حتى يعود”، ودارسهم حتى يتخرج، ومعطلهم حتى يعمل، ومعسرهم حتى يتيسر، وأعزبهم حتى يتحصن، ومدينهم حتى يؤدي، وسجينهم حتى يفرج عنه…و…و…؟؟، والأسرة هي التي تعوض نقص غيرها من مؤسسات التربية والتنشئة الاجتماعية كالمدارس والجمعيات والإعلام، بل وتساعدها وتنفتح عليها في مقاربة تواصلية وتشاركية بناءة، وهي من حافظت على هوية الشعوب من قهر مستعمريها في الخارج وطغيان أعوانهم وأذنابهم في الداخل، كما حدث في الجمهوريات الروسية أو في تركيا العلمانية التي أبقت فيها الأسر على جذور ومعالم هويتها الإسلامية وطقوسها بعد 70 عاما من اعتقاد المحاربين بأنها ماتت وانتهت؟؟.

 

     لذا فلا مناص من الحفاظ على هذا الصرح الأسري الاجتماعي المتين، وبالتعاون مع كل المهتمين، ومن أجل ذلك:

1- لابد من تثمين الحفاظ على الأسرة بشكلها الشرعي، وعدم التطبيع مع النتوءات من أشكالها المنحرفة/.

2- مساعدة المحتاجين من المقبلين على الزواج، وتكوينهم في فهم الزوجية والتربية وقيادة الحياة الأسرية/.

3- سن سياسة تنموية وطنية تنظر إلى الأسرة ككل وتخطط لصالحها بدل النظر والتخطيط لمجرد الفرد وحده/.

4- إحداث كراسي علمية في المساجد وتخصصات أسرية في الجامعات،تبحث في مجال الأسرة وتحدياتها المعاصرة/.

5- دعم التأليف والنشر والبحث الميداني والمسابقات في القصة والرواية  والإبداع السمعي البصري في مجال الأسرة/.

6- محاربة كل ما يسبب في تنمية الظواهر التي لا تخدم الأسرة كالفقر والبطالة والجهل والأمية وغلاء المهور والأسعار/.

7- دعم جمعيات وتعاونيات وفضاءات النساء والأطفال لصقل المواهب والترويح ومحو أمية مهارات الحياة بكل أشكالها/.

8-  محاربة ظاهرة أطفال الشوارع وكل ما يسبب فيها بشكل استراتيجي كمحــــاربة التفكك والفقر والعنف و الهجرة../.

9- تحقيق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والمجالية في مجال الأسرة كما في غيرها،وفي مجالات التشغيل وخدمات السكن والتعليم والتطبيب اللائق والبنيات التحتية والمرافق../.

10- دعم القدرة الشرائية للأسرة المغربية،وتشجيع ترافع المنظمات والجمعيات بشأنها،بمشاريع وطنية واقعية من أجل دعم تمـاسكها واستقرارها وتجويد حياتها وبالتالي حياة المجتمع../.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.