عِيدُهُن العَالمِي‎

admin
2019-03-20T23:29:27+01:00
اقلام حرة
admin20 مارس 2019
عِيدُهُن العَالمِي‎
محمد بوطاهر

عِيدُهُن العَالمِي ..

يُعد الحديث عن عيد المرأة الأمَمي جناية كُبرى حين نجتهدُ لتحْسِين تعبيره تزامنا مع هذه الظروف المَأساوية، التي تعيشُ فيها المرأة العالمية عَامة والمغربية خاصّة. فالواقعُ المعيش في بلدنا يُكذب كل الشعرات الزائفة والورُود الفوّاحة التي يتأنق البعض في تقديمها لهن بدُون خَجل.

ففي بلدنا المغرب نجد المرأة ترْزأ تحت ويلات التهميش والتعذيب وهيمنة العقلية الذكورية السّادية، حيث يتضح ذلك من خلال اختصار البعض هذه المرأة وتشيئها ، بل وجعلها بضاعة استجدت لقضاء مَآرب شتى. فتجَذّر هذه النزعة التسلطية ما زال يُؤتي أكله من خلال حِرمانها من الإرث وتعنيفها جنسيا وأخلاقيا، وارجاع  أسباب كل المصائب إليها وحدها، فهي رمْز الشؤم وفسَاد المُجتمع وكسل الحكومة أيضا.. ومن يُراجع أرقام المُطلقات وزواج القاصِرات يفهَمُ فعلا مقدار احترام الرَّجل المغربي للمرأة وتقديسها، وغير بعيد عن ذلك يفهَمُ أيضا أسْرار غراميات بعض الوزراء المُحترَمين في هذه الحُكومة.

المرأة عندنا سمْيائيا هي “المَرْقة” مَادة استهلاكية شعْبية، وهي “المَرْدة” لا يصْلح لها غير العَصى والغصْب والتعنيف،  ثم هي على وزن “الحَزقة” لأن قدُومها وبالٌ على العَوائل والأفراد، أو هي مثلها سَرابا كاذبا لا يبين، فمتى حلتْ بالمكان سَاد البغض والحَسد والشنآن، أليست هي من أخْرجتنا من الجنة وأغوت أنبياءنا بجمالها حتى حُمّلنا خطيئة الدهر ووزر البشرية جمْعاء.. هذه بعضُ دلالات احترام المرأة عندنا في المغرب؛ مغرب التذكير والتنكير و”النكير”، وغيرها من حمُولات تحقيرها، التي نعكسُها في مُختلف المُمارسات الاجتماعية بوعي وبدونه أحيانا كثيرة.

في الجنُوب الشّرقي مثلا مازال الجُلوس في المقهى حكرا على الرّجال وحدهم ، وحتى في دور العبادة و رداهات الإدارات غالبا ما يُنظر إليها على أنها دخيلة على المكان ولا يجب أن تكون فيه، فمكانها في مخيالهم هي المنزل وبالضبط غرفة النوم. فالحسّ الذكوري المُتعجرف يبلغ مَداه في بعض مناطق “تافيلالت” حين يصبح ذهابها إلى الحمّام نقيصة واستشفاؤها عند طبيب ذكر شتيمة، أمّا مزاحمتها للرّجل في الأسْواق والأعْراس فمَجْلبة للّعنات ومُنزلة لمُختلف النّعوت السّاقطة المَاجنة. وكل ذلك باسْم الدّين عند بعض التقليديين  وباسم التقاليد العمياء عند غيرهم ممن نسِيَهم الزمن في القرن المَاضي، وهم فيه يعْمهُون..

 الاحْتفالُ  بالمرأة – يا سادة – لا يجبُ أن يكون ظاهريا  تختصِرُونه في يوم واحدٍ ثم ترجعُون إلى عادتكم القديمة، وليس هو تقديم الورود والابتسامات وفي أنفسكم أعطاب الجَاهلية والرّغبة الجَامحة في افتراسهن  وهن بريئات مُسالمات. الاحتفال بهن ليس هو التنميق في الكلام المعسُول والتضامن المشرُوط، ومُخاطبتهن بالدين من أجل كسْب ودّهن لغاياتكم الدنيئة، إنه أكبر من قاماتكم أجمعين، أكبر ممّا تتوهّمُون ويوسْوسُ في صُدوركم يا أتباع آمُون وهبل، يا حزمة النفاق والدّجل..  إن الاحتفال بهن يقتضي فقط أن تبدأ من تصْحيح نظرتك نحوها كأنثى، وتتحكم في نزواتك المريضة وخلفيتك الدينية البائدة التي تسْتعبد المرأة وتجعلها نِصْفا في كل شيء ، ثم أن تمتلك ارادة قوية تبصِر فيها المرأة  ككيان عاقل، كالآخر الذي يتطلب تفاعُلا عقلانيا غير ناقصٍ ولا عَاقر، آخر نتكاملُ معَه لنتِمَّ مسَار هذا الوجُود البشري الأحْمق.

(محمد بوطاهر، 8 مارس 2019)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.