التحليل الرياضي و التفكير المنظوماتي

admin
2018-06-29T09:21:55+00:00
اقلام حرة
admin29 يونيو 2018آخر تحديث : الجمعة 29 يونيو 2018 - 9:21 صباحًا
التحليل الرياضي و التفكير المنظوماتي
الحبيب عكي

شلت رجل ذلك اللاعب الذي تسبب في الهزيمة النكراء للفريق الوطني لكرة القدم وخروجه المبكر والمخزي من نهائيات كأس العالم وهو لم يكد يطأها وبعد عشرين سنة من الغياب،شلت يداه و رجلاه يمنتاه و يسرتاه،وا أسفاه على الVAR وتبا وفيروسا له؟؟،وسقط ذلك الأستاذ المتخاذل الذي تسبب دون حياء ولا ضمير في فشل قطاع التعليم،”لا مال الدولة بقا ولا وجهها تنقا”،سقط على وجهه وفشل في مساره حتى لو نودي عليه بالأقدمية للترقي لا ارتقى؟؟، وخسىء ذلك الطبيب الذي تسبب في مرض الصحة وتدهور المستشفيات وسوء الخدمات وفوضى المواعيد والوساطات،خسء وانتكس وإذا شيك لا انتقش،لا في المختبرات ولا في المصحات؟؟،وبارك الله في الجامعة الوطنية لكرة القدم التي استطاعت بمجهوداتها الفذة أن تؤهل لنا الفريق الوطني إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب طويل دام من الزمن العقدين؟؟،وبارك الله في المديرية الإقليمية للتعليم وقد حققت في النجاح رتبة غير مسبوقة على الصعيد الوطني و تكاد تكون خرافية على الصعيد الجهوي؟؟،بارك الله في  وزارة الصحة وقد حققت طفرة نوعية في العناية بصحة المواطن لا زالت تشهد عليها كل القوافل الطبية الموسمية والمستشفيات الميدانية في البوادي والحوامات التي تنقل المرضى من الأعالي وسط البرد والثلوج؟؟. هكذا ورغم أن الأمور كل الأمور مرتبطة أشد الارتباط،إلا أن مصيبة التجزيء والتبسيط في التحليل والتفكيك والتركيب لا زالت تطغى علينا أفرادا وجماعات،رأي عام ومؤسسات،فإذا كان الفشل تحمله الفرد وتبرأت منه الهيئة وإذا كان النجاح نسب إلى الهيئة واستثني منه الفرد؟؟.

ولعل هذا الإشكال يعني غياب التحليل المنظوماتي أو المنظومي كما يقول الخبير الوطني في المنظمات الأهلية وجمعيات المجتمع المدني،الدكتور “حسن مشهور”في إحدى دوراته التكوينية حول جمعيات المجتمع المدني و هندسة المشاريع،يقول الدكتور أن غياب التفكير المنظومي هو ما يكمن وراء فشلنا في معالجة العديد من القضايا،وتغيير العديد من الأوضاع،فجمعيات المجتمع المدني مثلا،كثيرا ما لا ترى وسيلة لمعالجة مشاكلها غير التكوين،و تنظم التكون تلو التكوين،تشرف عليه طاقات وتصرف عليه ميزانيات،ولا يتغير شيء من واقعها أو يتحسن شيء من أوضاعها وأوضاع اهتماماتها؟؟،ومعضلة المخدرات في المجتمع أيضا،كثيرا ما يعد الفاعلين في محاربتها مشاريع ومشاريع، ويعقدون بشأنها شراكات وشراكات،ينجزونها مع شركاء وشركاء،ولا تلبث الظاهرة الخبيثة إلا في تزايد واستفحال؟؟،ذلك أننا نعالج مشاكلنا دون بحوث ميدانية ولا دراسات علمية،و قد نضع برامجنا دون رؤية ولا مخططات،وحتى إذا حدث وفعلنا شيئا من هذا فبنظرة تسطيحية عفوية تجزيئية مبسطة كثيرا ما تصبح متجاوزة حتى قبل البدء قي تنزيلها وأجرأتها،فكيف ستحقق الأهداف وتبلغنا المقاصد”؟؟.

وارتباطا بالموضوع،إذا كان مجرد الحكم والبار (VAR) من أخذوا منا بالثأر وأشعلوا في أشواقنا النار،أو كان مجرد اللاعب المسكين أيها المحللون الرياضيون البارعون،وكل القوم اليوم أصبح محللا بارعا في كل شيء،إذا كان اللاعب المسكين هو المسؤول عن هزيمة الفريق الوطني في كرة القدم،فأين ذلك المدرب الوطني الذي اختاره وكلفه باللعب في الميدان وحدد له دوره ومكانه؟،وأين ذلك المكتب أو تلك الجامعة الوطنية لكرة القدم التي عينت ذلك المدرب وتعاقدت معه وأعطته فوق الحوالات والإتاوات والعلاوات صلاحيات كل الصلاحيات؟،وأين تلك الهواتف التي طالما ضغطت عليه وتدخلت بكل صلافة في مهامه ليدخل فلان دون علان أو على حساب فرتلان؟،وأين تلك الوزارة الوصية على القطاع وهي في أبراجها العاجية لا يكاد يربطها بالواقع غير ضجيج الأرقام الفارغة قد تكون هي أول من لا يصدقها؟،وأين السياسة الحكومية في الشأن الرياضي عامة والشأن الكروي خاصة؟،أين رؤيتها ورسالتها ومخططها وبرامجها ومؤشراتها ومواعيدها،دعمها وتكوينها وتنميتها للرياضية بشكل عام،في الأحياء والمداشر وفي المدارس والجامعات،في الملاعب والقاعات ومختلف الفضاءات والساحات؟،أين جهاز الرقابة والتشريع في البرلمان؟،ما مدى تقدم أو تقهقر القطاعات الأخرى المرتبطة بالرياضة ودمقرطتها ومحاربة ريعها وفسادها؟،ما مدى ممارستنا للرياضة كشعب،وما مكانتها عندنا كأمة،وما دورها عندنا بين الترفيه والتربية، والفرجة والمنافسة؟؟،أي تجربة رياضية غير متخلفة في العالم العربي؟،وهل يمكن أن ينجح اللاعب المسكين والأستاذ المحبط والطبيب المهمل والأديب المغمور في غياب كل هذا، وما يمكن أن يخلقه من جو ديمقراطي وتنموي وعدالة اجتماعية ومجالية تنقذ الإنسان والإنسان أولا،هل يمكن صناعة فريق ناجح من اللاعبين أو الباحثين أو المهندسين بين متاهات الحراك الشعبي المتنامي،وآهات الاحتجاج المجتمعي الغاضب،والمقاطعة الواسعة للبضائع التي أحرقت بلهيب أسعارها وخبث سياستها القدرة الشرائية للمواطن ؟؟.

إن تحريك دواليب أي قطاع عندنا أو عند الآخرين،إنما هو في الحقيقة بمثابة تحريك نظام آلي متعدد الأجزاء،قد يتكون من أجزاء كبرى وصغرى ومتوسطة،ذات أشكال و أحجام وألوان مختلفة،بينها ترابط وأدوار وتكامل مضبوط،كلما كانت هذه الأجزاء صلبة سلسة متينة ومتناغمة،كلما أمكن تحريك النظام ككل،وكلما تحرك النظام بالشكل المناسب وفي الاتجاه المناسب وبالسرعة المناسبة،كانت المردودية المنتظرة في الزمان والمكان المناسب،وأديت المهام المطلوبة من طرف أشخاص معنيين ومكلفين بفعالية وسلاسة؟؟.لكن يبدو أن الأنظمة الآلية لبعض الدول تعتريها العديد من الاختلالات،قد يمس بعضها سلامة الأجزاء ومادتها وصلاحيتها،وبعضها شكل التركيب ومكان التشغيل والتناغم ربما،وبعضها اتجاه التحريك وطاقة المحرك وسرعته وفعاليته،وبعضها فقط طريقته وتشكيلته وصيانته،أو ربما تكوينه وقوته والمتفاعلات والمحفزات؟؟،وكيفما كانت الأحوال فبعض الأنظمة تشتغل كما هو مطلوب كأنظمة الغير وتنتج المطلوب دون توقف ولا خسارة و:انها سلسبيل رقراق،وبعضها تحدث جعجعة ولا طحين،تدور ببطىء شديد وربما أحيانا كثيرة في الاتجاه المعاكس،أو حسب هوى المحركين وسلطة المتسلطين وقرصنة المقرصنين،إن لم تكن أصلا معطوبة أومعطلة،أو ربما أجزاؤها خشبية أو بلاستيكية أو حتى فلزية صدئة،رغم ما قد يظهر من هياكلها الضخمة التي حنتت في كأس العالم كل رؤساء الجامعة من “فوزي لقجع” وقبله “علي الفاسي الفهري” و”حسني بنسليمان”،كما حنتت مجرد الأحجار والطواحين كل الأبطال التاريخيين والأسطوريين من “شامشون”و”سيزيف” و “دونكيشوت” دون جدوى؟؟.

المصدرالحبيب عكي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.