” الزارعو” في ثقافة قصور تافيلالت

admin
2017-09-27T03:45:40+01:00
آخر الأخبارجهوية
admin27 سبتمبر 2017
” الزارعو” في ثقافة قصور تافيلالت

جهة تافيلالت منبت للحكم والكلام المرصع  ، بها الملحون  نشأ وبها الأخلاق سارت  وانتشرت، التواصل  القديم بين ساكنتها يطبعه التأويل  بالرمز  والإيحاء والدلالات العميقة ، بالإيجاز تصل الرسائل وبالغمز  تُقضى الحوائج  ،وتحصل المنافع ،وكم هو مكروه عندهم ” الدُّوايْ ” الكثير الكلام باللغو الزائد عن الحد ، وكم هو مقيت عندهم  “الحَشّايْ”  والمتحايل ،وقلما ينتقمون لطيب أخلاقهم وتسامحهم خاصة خارج منطقتهم ،فاشتهروا بالصبر وطيب الخلال والصدق والأمانة.

في كلامهم عند الانتشاء وحين يحلو الجلوس ويطيب  يوظفون رموزا قد لا يتقن دلالتها غير أهالي المكان ،فتسمع في لغوهم ” هداك  الزارعو” او ” الحشّاي ” والمقصود  باللفظة هو الشخص الذي يزرع نفسه في كل منفعة ويقحمها في كل شيء ،وقد تعني الشخص الذي يكره العمل والتعاون مع الآخرين،  لكنه يريد النصيب من كل شيء ، بالاحتيال وحسن الكلام واللباقة و التوادد، وقد ينعته الناس  ب  “الزارعو ”  ويتعاملون معه بنوع من الاحتياط والسذاجة ،ولا يستطيع أحد ان يعتدي عليه لأنه ابن البلدة او ابن الدرب او ابن القصر ،له ما يميزه من بعض  السلوكيات  الاجتماعية ،الذي شب عليها الجميع  تحت جدران السقيفة او بمدخل”  إغرمان” بلغة أخرى.

الزارعو قد يكون “حمان ” او” عبد الرحمان”  او “قديدير”  او “وزّون  ” بشكل عام من مواصفاته كثرة الحركة ومخالطة كل الناس بالكلام اللائق  و “تخييط” ما لا يخيط ،وقد يقترب من لغة الطفيليين عند العرب القدماء و ال “قوالبي ” بلغة اهل العصر وقد تتعدد مواصفاته حسب الأماكن  ولا يخلو  منه اي قصر من قصور الجنوب الشرقي ، وقد يكون الشخص الذي يبحث عن الولائم ،ويزرع نفسه بين أهل الحفل ،وكانه منهم من أجل تجنب المضايقة، يشبعك كلاما طيبا ،ويكثر من الرحمة على والديك، وقد يخترع قصصا  مع والدك أو والدتك  من أجل تثبيت القدمين ،وكم يكره ان يتطفل على مجلسه الأطفال او الصغار الذين لا نفع فيهم، او حتى الكبار الذين خبروا ” قوالبه ” جيدا، يتنقل في القيلولة والضحى والعشي وقل ما يظهر ليلا ربما خوفا من الانتقام أو لكونه يخطط ل” تبزنيس آخر ” في اليوم الموالي.

الزارعو  لفظة سلوكية ولغوية  مليحة يتبعها الانشراح والضحك ،وننعت بها في بعض الأحيان كل شخص يجنح لمنفعته الخاصة دون التفكير بالمساس بالآخرين ،وهو  اسم  له  مرجعيته  الثقافية بقصور تافيلالت وهو أيضا  إرث لغوي  ثقيل وبعيد المنال والفهم على شباب العصر  ذي ” الدجين ” المثقوب من كل الجوانب  …ولكل زمان رجالاته وليس هناك نموذجية ممكن ان نقيس عليها كل الأشياء  ليسير الزمان على نمط واحد ، ويصعب أن نجزم بالقول بأن  زماننا افضل من زمانهم لأن الدهر في تحول والسلوكيات في تغير والانسان أيضا  في تقلب …والاسم قريب من الاندثار والانتهاء والإمحاء  لأن مدة صلاحيته  قد أوشكت على النهاية وأصبح قليل التداول ،وسيمحوه الزمان كما محا أهل الفضل والنهى، وكما محا الرجال الأشاوس لكن السلوك الفعلي  ل “الزارعو ”  ما زال ممتدا في الزمن لأنه مبني على التحايل حيث انتقل الفعل السلوكي لأفعال موظفين سامين وموظفين عاديين يشتغلون في الحقل التربوي للأسف وهو الميدان الذي يجب ان يكون  فيه المرء نظيف الخلال ،ففسدت  بعض  قيمهم، وامحت  الكثير من الخصال الحميدة والمحمودة  وتم استبدالها ومسخها  بقيم تربوية  رديئة في م التواصل والعمل  والتربية.

المصدرزايد جرو / كاتب وباحث في التراث المحلي / الرشيدية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.