محمّد حصاّد والصفعة الثانية للأمازيغية

admin
اقلام حرة
admin1 يوليو 2017آخر تحديث : السبت 1 يوليو 2017 - 10:31 صباحًا
محمّد حصاّد والصفعة الثانية للأمازيغية
لحسن أمقران

“إن اللغة العربية في حاجة -لكي تكون لغة العصر وما يجد فيه من معارف وعلوم ووسائل التواصل المستحثة- إلى أن تعتبر اللغة الأم، أي اللغة الوطنية الرسمية ذات السيادة الكاملة، بعيد عن أي هيمنة تكون للغة الأجنبية كيفما تكن هذه اللغة، وبعيدا كذلك عن كل محاولة لفرض لهجة عامية محلية، مهما يكن لهذه اللهجة من حضور في الواقع أو التراث”

بهذه العبارة الاستئصالية الاجتثاتية لعباس الجيراري في ندوة حول اللغة العربية سنة 2005، قرّر المركز الوطني للتقويم و الامتحانات و التوجيه أن يعود بنا إلى الوراء، ويمتحن مواقف – قبل معارف-  المترشحين لاجتياز مباراة التوظيف بالتعاقد في المدارس العمومية، ضاربا عرض الحائط دستور 2011 ومنطوقه الذي يقرّ بالتعددية اللغوية بالمغرب، وكاشفا زيف كل شعارات المصالحة التي لا تعدو أن تكون ظاهرية وشكلية مع اللغة الأمازيغية .

وجب التنبيه في البداية إلى أن الأنانية المفرطة وعقدة التفوق، أعمت عقول الكثيرين من العرب ومن والاهم –أيديولوجيا-  من المستعربين، فنجدهم يكيلون بمكيالين في هذا المجال، تجدهم يعملون ويجدّون في تطوير اللغة العربية ولا يكلّون من الإشادة بأهلها والتنويه باعتمادها، فينظمون لقاءات كبرى لبث الحياة في هذه اللغة ويصرفون الملايير للدود عنها من شبح الاندثار وهو شيء محمود، وفي المقابل يواجهون من يسعى بإمكانياته البسيطة والفردية إلى نفث الغبار عن لغته بشتى ألوان التخوين والتكفير والعمالة والرجعية والطائفية والعنصرية وغيرها من التهم التي أكل عليها الدهر وشرب.

إذا كنا قد توجهنا في مقالة سابقة إلى السيد محمد حصّاد  سيدي الوزير، نثير انتباهه إلى أن تدريس اللغة الأمازيغية عرف تعثرات كثيرة، وهي تعود بالأساس إلى تغييب الموضوعية والانتصار للذات والأنا المتضخمة، وأن المغاربة يراهنون على أحرار الوطن للضغط على السلطات التربوية جهويا ومحليا قصد إجبارها على تحمل مسؤولياتها في التسريع بتعميم الأمازيغية مع ما يقتضيه ذلك من حزم ومسؤولية، فقد كان جوابه آنيا وهو يسمح بامتحان “أساتذة الغد” في موضوع  تجاوزه السياق المغربي، وتظل أفكاره تلزم صاحبها الذي يحقّ له الاصطفاف الايديولوجي،  وليس المنظومة التعليمية المغربية التي يفترض أن تكون على نفس المسافة من كل الطروحات في هذا الشأن، ألا يجدر بهؤلاء التمييز بين الحق في الذود عن اللغة العربية وواجب احترام لغات الآخرين خاصة أنهم يقتسمون ماء وهواء وتربة هذا الوطن؟ متى سيكف هؤلاء عن اعتبار اللغة الأمازيغية ضرّة اللغة العربية؟

إنها إشارة ثانية نتلقاها من وزارة التربية الوطنية، بعد إشارة الإقصاء التام من مباراة التوظيف بالتعاقد،  حول مستقبل اللغة الأمازيغية في المؤسسات التربوية، وما على الغيورين وكل الضمائر الحيّة بهذا الوطن، إلا التحرّك بقوّة قبل فوات الأوان، وقد لا نبالغ إن نحن زعمنا أن وزيرنا السيد “محمد حصاد” خيّب آمال المغاربة في إنصاف لغتهم الأمازيغية، وظل بذلك وفيا لنهج خريج مدرسته، السيد “عمر عزيمان”، الذي أشرف على “قرار الموت البطيء” لهذه اللغة في المدرسة المغربية، بعد رؤيته ومن معه لمنظومة التربية والتكوين، والتي تفتقد إلى الاستراتيجية.

.ختاما، إن ما قلناه  ليس من باب معاداة للغة العربية أو شحناء مع أهلها، بل نابع من قناعة راسخة بضرورة الإنصاف والإيمان الثابت بالحق الطبيعي لأية لغة في أن تعيش وتستمر خصوصا على أرضها، لا نريد أن يفهم من هذا أننا ضد اللغة العربية، فنكرر أن اللغة العربية جزء من لساننا وتفكيرنا وثقافتنا، بها تعلّمنا، -وإياها وبها نُعلّم- ولنا فيها مآرب شتى، لكن في المقابل، سنتصدّى لكل من يسعى إلى إقامة اللغة العربية على أنقاض لغات أخرى واللغة الأمازيغية بشكل أخص، سنظل شوكة في حلق من يسعى إلى إقامة اللغة العربية على جثة لغة الأرض، من يسعى إلى فرضها بأساليب لاعقلانية وبمنطق اليعقوبية الإقصائية، سنجثم على صدور الذين يتجاوزون حدود المطالب والدفاع المشروع عن لغتنا العربية وفق منهج يقوم على استئصال ما دونها من اللغات.

https://www.facebook.com/amokrane.Tinjdad

المصدر لحسن أمقران

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.