الهُمو- ” زفزاف” : فيما وراء ” المُقدَّس” المستباح و” الأمن الروحي ” المُسيّس

admin
2017-06-30T09:26:05+00:00
اقلام حرة
admin30 يونيو 2017آخر تحديث : الجمعة 30 يونيو 2017 - 9:26 صباحًا
الهُمو- ” زفزاف” : فيما وراء ” المُقدَّس” المستباح و” الأمن الروحي ” المُسيّس
براهيم عيناني

 / گُٰـودْ نسْغُيُّو تَّرودْ إعْرابْن / :” كلما أزداد صُراخنا، إزداد تكاثر [ المستبدين] من ألأعراب” /        

                ( مثل أمازيغي من أسامر )

   ” ليست هناك وثيقةٌ في الحضارة ، ليست في نفس الوقت ، وثيقةً للبَرْبَرية “

                 ( مقولة لوالتر بنيامين منقوشة على ضريحه )

 ” … يمكن تعريف الشمولية الحديثة بأنها : ”  عملية تأسيس حرب أهلية قانونية من خلال تطبيق  حالة الإستثناء  بما يتيح التصفية الجسدية ليس فقط للخصوم السياسيين ، بل لشرائح كاملة من المواطنين تعتبرهم السلطة ، لسبب أو لأخر، غير قابلين للإندماج في النظام السياسي [ الريعي الفاسد في حالة المغرب ] . مند ذالك الحين ، باث الخلق الطوعي لحالة طوارئ دائمة ،( حتى وإن كانت غيرمُعلنة ) …..، أحد الإجرائات الضرورية الهامة التي تلجأ إليها الدول المعاصرة ، حتى تلك المسماة دول ديموقراطية “

                                 ( چورچو أگامبين : ” حالة الإستثناء ” ، ص : 13 ) 

في اطار تفكيكه للفكرالسياسي الغربي  عبر تاريخه ، أنهى چورچو أگامبين كتابه ” الإنسان المستباح ” ، (Homo-Sacer) : السلطة السيادية والحياة العارية ”  بثلاثة اطروحات ( او استنتاجات ” مؤقتة ” ) ، تستخلص ، بشكل بارع رغم التعقيد والكثافة في الأسلوب – ، ما يمكن ترجمته من الإنجليزية الى مايلي :

     ~ ان أصول التعاقدات القانونية والسلطة السيادية مبنية على الحظر (the Ban) ، كعلاقة سياسية أولية ، و على حالة الإستثناء ، كفضاء أصلا ثيولوجيي في جوهره ( والذي ، حسب الفيلسوف القانوني الألماني  كارل شميث ، تُتخذ فيه القرارات الإستعجالية من طرف صاحب السيادة )، وكعتبة ليس فيها لا إدماج ولا إقصاء ؛ إذ من الصعب الحسم فيما سيصير قانونا وفي ما سيصير فعلا او تطبيقا لهذا القانون …

   ~ النقطة الثانية تقول بأن الهدف النهائي للسلطة السيادية هو انتاج الحياة العارية – البيولوجية ( ما سماها أگامبين بالزووي Zoe والتي يجب تمييزها عن الحياة السياسية المؤهلة – او البايوس ,Bios ) ، كعنصر بيوسياسي ( بالمفهوم الفوكوي ) وكمساحة للتعبير عن الرابط بين الطبيعة والثقافة…

       ~ اما الأستنتاج الأخير ، فيرى ان بنية المخيم ، ( وليس المدينة ) ، هي الصيغة – النسقية – البيوسياسية للمواطنة والتعايش في عصرنا الحاضر …

و استثماراً لهذه الطروحات ، وبإسقاطها او توظيفها، ولو بشكل اختلافي ، لتفكيك النظام – البيو- سياسيي للمخزن الإداري ومقاربته ” الأمنية الروحية ” وآلياتها اللاهوتية ، وهي تقوم بتسييس الحراك الإحتجاجي – الإجتماعي والشعبي للريف  وتتهمه بالإنفصال والفتنة والتخوين بغرض التهويل وشيطنة نشطاء الحراك وإتهامهم بالتمويل والعمالة للخارج وبغرض تشويه الراية الأمازيغية ونعتها بانفصاليةٍ  تهدد وتزعزع مقدسات واستقرار الدولة- الأمة – ، فإن المفارقة الغريبة داخل هذا النظام  تكمن اولا في ادعائه ” الديموقراطية” والتسويق الإعلامي – الدوستوري لحقوق الأمازيغ وفي نفس الوقت الإتيان ببنيتي الحظر السيادي وحالة الإستثناء كمساحتين يتم فيهماتعليق القوانين والحقوق الدوستورين و اعادة انتاج علاقة سياسية غريبة متناقضة تدمج الأمازيغ من خلال صناعة ثقافة مضادة لثقافتهم الأصيلة وتقصيهم من خلال انتاج حياة عارية – بيولوجية ، مقصية من السياسة ومن فضاء الدين  …؛ حياة معرضة للإغتيال ( في حالة عمر “إزم ” ) ، للقتل ( طحن محسن فكري ) ، للموت ( الطفلة ” إيديا ” ) و للإعتقال ( في حالتي اعضوش وأسايا )- والأختطاف او الإعتقال التعسفي – ( جماعة الزفزافي في الحسيمة ) ومؤخرا حياة معرّضة للغرق في البحار وقوارب الموت ( الطالب رشيد المستور من اسامر )  ….وتكمن ايضا في سجن حياتهم الثقافية والسياسية داخل أسوار القانون والمؤسسات ( كمصانع لتوليد الثقافة المضادة )،  فقط من اجل نسيان او الخروج من القانون الدوستوري الذي تم فيه تعليق الحقوق المشروعة…. وعلى الرغم من  ان شرعنة حالة الإستثناء تتم دائماً بشكل متستر ومضمور ، حيث الدَّسترة وحقوق الأمازيغ مُقلَّصة الى ” درجة الصفر- حقوق “، فإن بنية السلطة السيادية المخزنية – وبداخلها الحظر السيادي -مازالت تحمل في طياتها ليس فقط ذلك النظام القانوني الروماني للهومو- ساكر( حيث ” .. العنصر السياسي الأصلي… ليس ببساطة الحياة الطبيعية لكن الحياة المُعرَّضة للموت، الحياة العارية او الحياة المُقدَّسة .” ( على حد تعبير أگامبين )، بل ايضا تلك الآثار النازية بصيغة المخيمات كبنية لأحتواء الغضب والحراك الأمازيغيين   …. وبشكل مفارقاتي ايضا ، وعلى الرغم من ان إنتاج المخزن لهذا النوع من المخيمات ( مخيم صاغرو ومخيم الحسيمة كنمودجين مثاليين ) غير مرتبط بالإبادة العرقية كما كان الحال في مخيمات التمركز النازية ،  فإن إنتاجها كان من اجل تجميع الأمازيغ كخصوم او أعداء للنظام  لقياس درجة التمرد او العصيان وبالتالي خلق حروب أهلية قانونية  انتهت بفترات مترددة للصراع الأمازيغي / الأمازيغي …. لكن في نهاية المطاف وعكس هذه التوقعات ، فإن هذه المخيمات  ابانت كيف ان الأخلاق  ( إزرفان ) عند الأمازيغ  قد لا تحتاج الى إستدخال القوانين الوضعية التنظيمية المخزنية الى داخل الحياة العارية لأُ سُمّارالأمازيغ التي تطورت عكس ذالك الى هوية ذاتية خاصة كشعب مُستحكم بنظام لكن بدون دولة مبنية على العقد الإجتماعي.  فبعيدا عن ذلك الصراع لأمازيغي / الأمازيغي الذي يحاول المخزن الإداري ان يخلقه من خلال ” صناعة ” “حروب أهلية قانونية ” مرتبطة أساسا ببنية حالة الإستثناء ، اصبح الأمازيغ يستمتعون ، ولو بشكل حالم ومؤقت ، بتلك الحياة السياسية ( البايوس ) التى منها كانوا مقصيين … جماهير سِلمية ، سلاحها الشعارات وسلطة الهواتف الذكية كإعلام بديل … ، وحجيج الى “الأضرحة ” بدون تدافعات وحشية ، عنيفة مميتة ؛ وبدون ان تسجل فيها أدنى الإصابات رغم عشرات الآلاف من المشاركين مما يدل على أن الجماهير الأمازيغية عازمة على تجاوز التمييز الكلاسيكي بين الحياة العارية ( الزووي ) والحياة السياسية ( البايوس ) … 

المصدر براهيم عيناني (من أسامْر)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.